كورونا مصر... ارقام مشوهة ووقاية منسية

23 يناير 2022
مصر خامس دول العالم تقليلاً لعدد وفيات كورونا (خالد دسوقي/ فرانس برس)
+ الخط -

وسط موجة برد شديدة غير اعتيادية نسبياً في أجواء الشتاء في مصر، توسّع انتشار الإصابات بمتحوّرات فيروس كورونا، وآخرها "أوميكرون" الذي ظهر في نهاية نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي. وتحوّلت العدوى من فردية إلى جماعية في ظل تراخٍ وتكاسل من السلطات والأفراد أنفسهم في تطبيق الإجراءات الاحترازية. 
وبين أعراض الإصابة بالفيروس المنتشرة في مصر الرشح والعطس والصداع والشعور بالتعب والإجهاد والاحتقان بالحلق والألم والجفاف عند البلع، إلى جانب ارتفاع درجة الحرارة والرجفان والسعال وضيق التنفس وألم الصدر وفقدان حاستي الذوق والشم.

وأعلنت وزارة الصحة والسكان المصرية، الخميس الماضي، تسجيل 1403 حالات موجبة جديدة ضمن إجراءات الترصد والتقصي والفحوص التي تُجريها الوزارة بحسب إرشادات منظمة الصحة العالمية، و22 وفاة، ما رفع إجمالي عدد الإصابات إلى 405.393 بينها 339.259 شهدت شفاء أصحابها، و22.260 وفاة.
وكان القائم بأعمال وزير الصحة المصري خالد عبد الغفار قد اعترف في منتصف يناير/ كانون الثاني الجاري بأنّ "معدلات إصابات فيروس كورونا سجلت ارتفاعاً ملحوظاً، ما انعكس على زيادة نسب الإشغال في المستشفيات المخصصة لتقديم الخدمات العلاجية للمصابين بالفيروس". أما رئيس مجلس الوزراء، مصطفى مدبولي فشدد على أهمية تفعيل قرار عدم دخول المنشآت الحكومية لغير الملقحين، ولا سيما مع توافر أنواع اللقاحات، فضلاً عن تقليل الكثافة في الجامعات والمدارس، والمصالح الخدمية، والأماكن العامة.

نسب غير حقيقية
لكنّ مجلة "إيكونوميست" تحدثت في دراسة نشرتها مطلع يناير/ كانون الثاني الجاري عن أنّ الأرقام الحقيقية لوفيات فيروس كورونا في العالم ومصر عام 2021 هي ثلاثة أضعاف الأرقام المعلنة على الأقل. وأوردت أنّ "العالم شهد 5.4 ملايين وفاة بفيروس كورونا ومتحوراته، لكنّه احتضن فعلياً 18.7 مليون وفاة على الأقل منذ ظهوره في الصين نهاية عام 2019". 
وكتبت "إيكونوميست" أنّ "النسب الحقيقية المعلنة تختلف من مكان إلى آخر، فعلى سبيل المثال، يجب مضاعفة أعداد الوفيات المعلنة في قارة آسيا 700 مرة حسابياً للحصول على الأرقام الحقيقية. وفي الاتحاد الأوروبي وأميركا الشمالية، يجب مضاعفة الأعداد المعلنة 30 مرة، وفي أفريقيا 900 مرة، وفي الصين 17 ألف مرة". 
وأشارت المجلة إلى أنّ ألمانيا هي البلد الوحيد في العالم الذي تتساوى فيه الأعداد الحقيقية مع تلك المعلنة. أما في مصر فيجب مضاعفة الأعداد المعلنة 1400 مرة للحصول على الأرقام الحقيقية، ما يعني أنّ عدد الوفيات الـ21 ألفاً المعلن هو 390 ألفاً فعلياً. 

التطعيم شمل 36 مليون مصري (الأناضول)
التطعيم شمل 36 مليون مصري (الأناضول)

وكانت دراسة أخرى نشرتها جامعة "جون هوبكنز" الأميركية في يونيو/ حزيران 2020 قد وضعت مصر في المرتبة السابعة عالمياً في نسب وفيات كورونا بعد الولايات المتحدة والبرازيل والهند واليمن والسودان وتشاد. وكشفت أنّ مصر هي خامس دول العالم الأكثر تقليلاً لعدد وفيات كورونا مقارنة بالرقم المعلن، بعد طاجكستان ونيكاراغوا وأوزباكستان وبيلاروسيا.
وبحسب الأرقام المنشورة على موقع مجلس الوزراء المصري، احتلت مصر المركز العاشر عالمياً في نسبة الوفيات مقارنة بإجمالي عدد المصابين بنسبة (5.7 في المائة)، بعد كل من سورية (6.5 في المائة) والإكوادور (6.4 في المائة). وسبق مصر كل من الصومال (5.6 في المائة) وتايوان (5.2 في المائة)، في حين احتلت فانواتو المرتبة الأولى (25 في المائة) واليمن المرتبة الثالثة (19 في المائة).
كما احتلت مصر المرتبة 167 في نسبة التعافي عالمياً بمعدل (84.4 في المائة)، بينما عرف السودان نسبة تعافٍ مقدارها 83.8 في المائة. أما الفاتيكان وسان بيير وميكلون وبالاو وجزر مارشال وجزر سليمان وساموا وميكرونيزيا فشهدت نسبة تعافٍ بنسبة مائة في المائة.
كذلك، احتلت مصر المرتبة 180 على صعيد إجمالي عدد الإصابات لكل مليون نسمة، والمرتبة 78 في عدد المصابين بالفيروس بين 223 منطقة ودولة في العالم.

مصر في مقدمة نسب الوفيات عالمياً (فيسبوك)
مصر في مقدمة نسب الوفيات عالمياً (فيسبوك)

تراخٍ عام
وبينما تشهد الحياة اليومية العادية في مصر حالة من التراخي العام في اتخاذ الإجراءات الاحترازية في مواجهة الانتشار التصاعدي الواسع والسريع لمتحور "أوميكرون"، وجه عضو البرلمان فريدي البياضي رسالة إلى رئيس الوزراء والوزير القائم بأعمال وزير الصحة في شأن تطبيق الإجراءات الاحترازية. وأوردت: "شهدت الأيام الأخيرة تصاعداً واضحاً في عدد الإصابات بمتحوّر أوميكرون من فيروس كورونا، وتوقع القائم بأعمال وزير الصحة خالد عبد الغفار أن تتصاعد الإصابات في الأسابيع المقبلة، وينتشر المتحوّر الجديد في شكل أكبر باعتبار أن معدل انتشار متحوره أكثر 4 أو 5 أضعاف من باقي متحوّرات كورونا. لكن رغم الوضع الذي تحدث عنه الوزير، لا نزال نشاهد عدم التزام تطبيق الإجراءات الاحترازية في الشوارع والمواصلات والمؤسسات والهيئات الحكومية، وتجنب المواطنين ارتداء الكمامات في مقابل عدم فرض غرامات عليهم. كما لا تزال هناك بعض المقاهي تتهرب من تطبيق الإجراءات الاحترازية، وتقدم النارجيلة لروادها، وتغض بعض الجهات والمؤسسات النظر عن عدم ارتداء المواطنين كمامات في مقارها، في حين لا يجرى تفتيش أو مراجعة بيانات التطعيم الخاصة بالمواطنين".
ولفتت الرسالة إلى أن معدلات التطعيم لا تزال في حدود الـ 36 مليون مواطن ممن تلقوا جرعة واحدة على الأقل، رغم وفرة اللقاحات في الوقت الحالي.

وطالب النائب الحكومة ووزارة الصحة بتبني خطة لتفعيل الإجراءات الاحترازية في شكل حقيقي وجدي يقلل من معدلات الإصابة في هذا الوقت الحرج، والإجابة عن سؤال يتعلق بوجود خطة واضحة لتسريع تطعيم المواطنين الذين لم يتلقوا أي جرعة لقاح حتى الآن، والتصدي لخطورة هذا الأمر على الوضع الصحي العام في البلاد.

المساهمون