كشفت دراسة نشرتها صحيفة "ذي ميرور" البريطانية أن الأدوية المسيلة للدم تُساهم في خفض معدّل الوفيات بين المرضى الذين أصيبوا بسكتة (جلطة) دماغية (عندما تنقطع إمدادات الدم عن جزء من الدماغ أو تنخفض ما يمنع أنسجة الدماغ من الحصول على الأكسجين والعناصر المغذية، وتبدأ خلايا الدماغ بالموت خلال دقائق). وتعاون عدد من الباحثين الدوليين من كل من سنغافورة، ألمانيا، بلجيكا، السويد، وتايوان بقيادة جامعة "بريستول" البريطانية، لدراسة دور هذه الأدوية في خفض نسبة الوفيات. وقارن الباحثون بين المرضى الذين يعانون من تصلب الشرايين والذين يتناولون أدوية مسيّلة وبين أولئك الذين لا يتناولونها، لدراسة تأثيرها الطويل الأمد على صحة المرضى.
وتُبيّن الدراسة أنه من إجمالي 1096 مريضاً (749 رجلاً و347 امرأة)، خضع نحو 362 مريضاً لعملية استئصال الخثرة من خلال استخدام أدوية مسيلة للدم عن طريق الوريد، بينما خضع 734 مريضاً لعملية استئصال بسيطة. ووجدت الدراسة أن الأدوية المسيلة للدم عن طريق الوريد ساعدت المرضى الذين يعانون من السكتة الدماغية بسبب انسداد في الشريان القاعدي، وأدت إلى انخفاض معدل الوفيات في غضون 90 يوماً من استئصال التجلطات الدموية".
ويقول المؤلف الرئيسي للدراسة وطالب الطب كينغ سان لينغ، إن "نتائج الدراسة كانت مفاجئة بالنسبة إليهم، إذ تبين، أن المرضى الذين يعانون من السكتة الدماغية الحادة بسبب انسداد الشرايين تحسنت فرصهم في البقاء على قيد الحياة في غضون 90 يوماً.
ووصفت جامعة بريستول هذه النتائج بـ "المهمة جداً"، مطالبة بضرورة إجراء المزيد من الدراسات للتأكد من النتائج وتعميمها. ويقترح فريق البحث ضرورة إجراء المزيد من التجارب المستقبلية للتحقق مما إذا كانت أدوية تسييل الدم عن طريق الوريد توفر فوائد حقيقية لدى مرضى السكتة الدماغية الذين يعانون من انسداد الشرايين.
وعملية تجلّط الدم أو تخثّر الدم هي إحدى العمليات المعقدة التي يقوم بها الجسم كردّة فعل طبيعيّة لوقف النزيف الحاصل نتيجة تعرّض أحد الأوعية الدموية إلى جرح أو ضرر، وذلك من خلال تشكيل خثرة دموية لسد المنطقة المتضررة ومنع خروج الدم من خلالها. وتحتاج عملية التخثّر إلى وجود عنصرين أساسيين لإتمام العمليّة وهما الصفائح الدمويّة وبروتينات خاصّة تُعرف بعوامل التخثّر.
ويقول أخصائي أمراض الدم محمد البابا لـ "العربي الجديد": "تساعد الأدوية المسيلة للدم في منع السكتة الدماغية أو القلبية. لذلك، توصف بعد سن الأربعين إذ عادة ما يتعرض الأشخاص لأزمات قلبية مفاجئة بسبب التجلطات". ويوضح أن "تجلطات الدم عبارة عن كتل دموية تتكاثف مع بعضها البعض وتعيق مجرى تدفق الدم في الشرايين والأوعية الدموية، وتسبب في بعض الحالات إصابات بالغة لدى الأشخاص. وفي أحيان اخرى تؤدي إلى الوفاة".
يضيف: "لا يوجد سبب واضح لإصابة الأشخاص بتجلط الدم، وقد يكون الأمر ناتجاً عن عوامل وراثية أو عوامل بيئية مفاجئة، على غرار التعرض لنوبات من الغضب، أو حادث معين. كما يمكن أن تؤدي بعض الأدوية إلى حدوث تجلطات في الدم، منها حبوب منع الحمل وأدوية العلاج بالهرمونات، وقد تكون ناتجة عن أمراض تصيب الأشخاص وتجعلهم جليسي الفراش لفترات طويلة. يضاف إلى ما سبق وجود تاريخ عائلي من الإصابة بتجلطات الدم وعدم انتظام ضربات القلب".
وحالما تتكون مثل هذه الخثرات، يُمكنها أن تنتقل إلى أقسام الجسم الأُخرى فتُسبب الأذى ومشاكل صحية من بينها النوبة القلبية، متلازمة أضداد الشحوم الفسفورية، وتصلب الشرايين وغيرها.
وبحسب مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، يصاب 900 ألف أميركي سنوياً بالتجلطات الدموية، ما يؤدي إلى وفاة ما يقرب من مائة ألف شخص. وبحسب البيانات، فإن 25 في المائة من الأشخاص الذين يعانون من الانسداد الدموي أو التجلطات معرضون للموت المفاجئ. كما يقدر أيضاً أن 30 في المائة من الأشخاص الذين يصابون بتجلطات الأوردة العميقة (التخثر الوريدي العميق) يعانون من مضاعفات طويلة الأمد، أو كما يطلق عليها متلازمة ما بعد التجلط (حالة طبية قد تحدث كمضاعفات طويلة الأجل للجلطة الوريدية العميقة) مثل التورم والألم وتغير اللون والتقشر في الطرف المصاب.
ويلفت البابا إلى أنه يمكن للأشخاص الأكثر عرضة للإصابة بالتجلطات الدموية اتباع أنظمة صحية تشمل تناول غذاء صحي وممارسة الرياضة وعدم التدخين، بالإضافة إلى الحفاظ على وزن صحي وعلاج ارتفاع ضغط الدم وأمراض السكري.
وفي ما يتعلق بالعلاج، يمكن استخدام الأدوية كخيار رئيسي، إذ تساعد أدوية التخثر في منع تكون جلطات الدم، على غرار الأسبرين وغيره. بالإضافة الى ذلك، يمكن اللجوء إلى استئصال التخثر.