تصدر زلزال تركيا وسورية في فبراير/ شباط الماضي وزلزال المغرب، الجمعة الماضي، عناوين الصحف العالمية هذا العام، بسبب حجم الأضرار البشرية والإنسانية والاقتصادية والاجتماعية التي خلفاها، في حين تعرضت مناطق أخرى في العالم لاهتزازات أرضية.
وتفيد هيئة المسح الجيولوجي الأميركية بأن 9971 هزة أرضية حصلت في العالم هذا العام تراوحت قوتها بين 3 و6 درجات على مقياس ريختر.
وليس ارتفاع عدد الهزات الأرضية أو الزلازل ظاهرة جديدة لأنها حاضرة بقوة منذ بداية تكوين الأرض. وتشير دراسات إلى أن الزلازل ساهمت في تكوين معالم طبيعية كثيرة، لكن فكرة حدوث زلازل واختلافها على صعيد القوة والعمق، وأيضاً تأثيراتها وأضرارها، تطرح علامات استفهام عدة عن ماهية الزلزال وكيفية حدوثه.
ما هو الزلزال؟
تقول مديرة المركز الوطني للجيوفيزياء في لبنان مارلين البراكس"، لـ"العربي الجديد": "تحدث الزلازل عادة بسبب حركة الصفائح التكتونية التي تشكل القشرة الأرضية، وتتحرك في اتجاهات وسرعات متباينة، وتتركز في أماكن وجود الصدوع الزلزالية الأكثر ضعفاً التي تتعرض لضغوط تنتج من التيارات الساخنة داخل الأرض. وعندما تصبح الضغوط كبيرة جداً، تتحرر الطاقة المخزنة على مدار مئات وآلاف السنين من خلال كسر عنيف في الصخور، ويحدث زلزال".
عوامل القوة
وتتحدث البراكس عن أن "عوامل أخرى لا تقل أهمية تلعب دوراً في الآثار المترتبة عن الزلازل، إذ تحصل هزات أرضية بقوة معينة من دون أن تخلّف أضراراً، في حين تنتج أضرار من هزات أخرى بالقوة نفسها. ويعود سبب ذلك إلى عمق الهزة الأرضية. مثلاً إذا حصلت الهزة الأرضية على عمق 50 كيلومتراً تكون الأضرار أقل من أخرى بالقوة نفسها على عمق 10 كيلومترات في الأرض. وكلما كان عمق الهزة الأرضية أكبر كانت نتائجها أو أضرارها أقل".
من جهة ثانية، تلعب طبيعة الأرض أيضاً دوراً في تضخيم الأضرار، بينها إذا كانت رملية أو صخرية. فالأراضي الرملية تضخم الموجات الزلزالية بخلاف تلك الصخرية. أيضاً يلعب العامل الجغرافي دوراً في تضخيم موجات الزلازل، وعند قمم الجبال الشديدة الانحدار تتعرض هذه الموجات لانعكاسات عدة تؤدي إلى حركة أرضية أقوى من سفوح الجبال.
قياس الزلازل
وتحدد هيئة المسح الجيولوجي الأميركية حجم الزلازل عبر قياس سعة الموجات الزلزالية المسجلة على جهاز قياس، إذ توضع في صيغة رياضية تحوّلها إلى مقدار، وهو مقياس للطاقة التي يصدرها الزلزال. وتقاس قوة الزلزال عادة على مقياس ريختر الذي يحتسب غالباً من العزم الزلزالي، ويتناسب مع مساحة الصدع مضروباً بمتوسط الإزاحة على الصدع.
وهناك أربعة أنواع مختلفة من الزلازل، هي التكتونية والبركانية والانهيار والانفجار. ويحدث الزلزال التكتوني عندما تنكسر القشرة الأرضية بسبب القوة الجيولوجية التي تؤثر على الصخور والصفائح المجاورة التي تتسبب في تغييرات فيزيائية وكيميائية.
وينتج الزلزال البركاني من القوى التكتونية التي تحدث بالتزامن مع النشاط البركاني. أما زلزال الانهيار فصغير يحدث في كهوف ومناجم تحت الأرض، وينتج موجات زلزالية بسبب انفجار الصخور على السطح، في حين ينتج الزلزال الانفجاري من انفجار جهاز نووي أو كيميائي.
درجات الزلازل
يُقاس الزلزال عادة باستخدام وحدة القياس ريختر المتعارف عليها دولياً. وهناك عدة درجات للزلازل تبدأ من 2.5 درجة أو أقل التي لا يشعر بها الناس عادة، وتحدث يومياً ويمكن تسجيل ملايين منها سنوياً.
أما الدرجة الثانية فتراوح بين 2.5 و5.4 درجات، ويشعر بها الناس غالباً، لكنها لا تتسبب بأضرار كبيرة، ويبلغ عددها 500 ألف هزة سنوياً.
أما الدرجة الثالثة، فتراوح بين 5.5 و6 درجات، وتتسبب عادة بأضرار طفيفة بالمباني والمنشآت الأخرى، لكن ذلك لا يعني أنها لا تتسبب بأضرار كبيرة، إذ يعتمد ذلك على عمقها.
أما الدرجة الرابعة فمحددة من 6.1 إلى 6.9 درجات، وهي من أقوى الهزات الأرضية التي تتسبب بأضرار جسيمة في المناطق المكتظة بالسكان.
إلى ذلك، قد تحصل هزات بقوة بين 7 و7.9 درجات، ويطلق عليها اسم زلزال كبير تكون تأثيراته ونتائجه وخيمة. أما في حال تخطت قوة الزلزال 8 درجات، ووصلت إلى 9 و10 درجات، فيمكن أن يتسبب ذلك في حصول دمار كبير، وتغيّر في شكل الأرض والمعالم الطبيعية بالمنطقة المستهدفة بالكارثة.
ويقول الباحث الجيولوجي المغربي توفيق المرابط إن الضغط على القشرة الأرضية دائم منذ الأزل وإلى الأبد، وبالتالي الطاقة التي تجتمع تتفرّغ عن طريق فوالق بينها في منطقة إيغيل التي تحركت الجمعة الماضي نتيجة الضغط الذي يقع على القشرة الأرضية، والمرتبط بتقارب الصفيحتين التكتونية الأفريقية والأوروبية. ويتابع أنّ "منطقة الأطلس الكبير معروفة بنشاط زلزلي لكن بقوة غير كبيرة تراوح دائماً بين درجتَين و5 درجات بمقياس ريختر، لأنّ الفوالق التي تتحرّك كثيرة جداً في هذه المناطق".