سلّط تقرير حديث لصحيفة "واشنطن بوست" الأميركية الضوء على أسباب ضعف وترهل العضلات لدى كبار السن، ومدى ارتباط ذلك بالعوامل الجينية، وذلك بعد دراسة تفصيلية قام بها المدير المساعد لمركز جين ماير لأبحاث التغذية البشرية للشيخوخة التابع لوزارة الزراعة الأميركية وأستاذ الطب في جامعة تافتس روجر فيلدنغ.
تطرق روجر فيلدنغ، في تقريره الذي نُشر أمس السبت، إلى غياب كبار السن عموماً عن أي فعاليات رياضية، ووجد أن الضعف الذي يهيمن على وظائف مختلفة للجسم، ومن ضمنها ضعف العضلات، قد يكون له تأثير على استبعاد هذه الفئة العمرية من أي منافسة رياضية أو نشاط، وربط هذا الغياب عن أي نشاط رياضي بضعف العضلات عموماً.
if i could give young folks one piece of advice, it would be to always, and i mean always, do some kind of physical exercise. it will ease your aging process. talk about diminished gene expression (150 in young, 42 in old during strength training 👀)https://t.co/oa0uSSIOon
— Dr Meaux Dawn Lee (@MeauxDawn) February 13, 2022
قاد فيلدنغ فريقاً من العلماء لدراسة الفوائد الصحية للتمارين الرياضية وتمارين القوة والنظام الغذائي لدى كبار السن. وهدفُ فريق العمل من وراء هذا المشروع التحقق من كيفية استجابة كبار السن للتمارين الرياضية وفهم الآليات البيولوجية الأساسية التي تسبب زيادة حجم العضلات وقوتها بعد تمارين المقاومة أو القوة، ووجدوا أن التمارين الرياضية وإن كانت ذات تأثير إيجابي على حياة الناس بجميع الفئات العمرية، لكن الجينات لدى كبار السن قد تلعب دوراً في منع تضخم العضلات.
التمارين الرياضية وإن كانت ذات تأثير إيجابي على حياة الناس بجميع الفئات العمرية، لكن الجينات لدى كبار السن قد تلعب دوراً في منع تضخم العضلات.
باستخدام تقنية سمحت لفريق العمل بقياس التغييرات المصاحبة لمئات الجينات، ومدى قدرتها على الاستجابة للتمارين الرياضية، وجد الفريق أنه عندما يمارس الرجال الأصغر سناً التمارين، هناك تغييرات تطرأ على أكثر من 150 جيناً، في المقابل، لدى كبار السن، تبين أن التغييرات تطرأ على 42 جيناً فقط. يبدو أن هذا الاختلاف في التعبير الجيني يفسر، جزئياً، الاختلاف الأكثر وضوحاً بين كيفية استجابة الشباب وكبار السن لتدريب القوة.
وخلص إلى أنه عندما تجمع كل الاختلافات الجزيئية المختلفة في كيفية استجابة كبار السن لتدريب القوة، فإن النتيجة هي أن كبار السن لا يكتسبون كتلة عضلية مثل الشباب.
ورغم التوصل إلى هذه النتيجة، فإن روجر فيلدنغ حثّ كبار السن على ممارسة الرياضة ورفع الأثقال وبناء العضلات، على اعتبار أن ممارسة الأنشطة الرياضية تساعد في الحفاظ على لياقة البدن من جهة، ومن جهة ثانية، لأنها تساعد في الوقاية من الأمراض.
كيف نبني العضلات؟
بحسب مجلة الطب الأميركية، تُبنى العضلات من خلال التمارين الرياضية، إذ عادة بعد إجراء التمارين، يقوم جسم الإنسان بإصلاح أو استبدال ألياف العضلات التالفة من خلال دمجها بألياف العضلات، لتشكل خيوط بروتين عضلي جديدة أو ليفية عضلية جديدة. تزيد هذه الليفات العضلية التي تم إصلاحها في السماكة والعدد لخلق تضخم (نمو) العضلات. وعادة ما يحدث نمو العضلات كلما كان معدل خلق البروتين العضلي كبيرا.
وعادة، يقوم الكبار والصغار ببناء العضلات بالطريقة نفسها. ولكن مع التقدم في العمر، تصبح العديد من العمليات البيولوجية التي تحول التمرين إلى عضلات أقل فعالية، هذا يجعل من الصعب على كبار السن بناء القوة، ولكن أيضاً يجعل الأمر أكثر أهمية بالنسبة للجميع لمواصلة ممارسة الرياضة مع تقدمهم في السن.
تعلق المدربة الرياضية منار الشيخ على هذا التقرير بالقول إنّ ضعف العضلات لدى كبار السن، قد يكون سببه عوامل عديدة، من ضمنها عدم ممارسة الرياضة، إضافة إلى نوعية الطعام، والأمراض التي يعاني منها عادة كبار السن، ولذا تنصح في حديثها لـ "العربي الجديد" أن يبدأ الناس بممارسة النشاطات الرياضية في سن صغيرة، لأن بناء العضلات منذ الصغر يساعد عملياً في إطالة عمرها، وبالتالي قد لا تضعف بشكل كبير مع التقدم في العمر.
من جهة ثانية، تنصح الشيخ الفئات العمرية كافة، وخاصة الشباب، بضرورة ممارسة جميع أنواع الأنشطة الرياضية، وعدم حصرها بنوع معين، لأن ذلك يؤدي إلى بناء نوع من العضلات فيما يؤدي إلى تلف عضلات أخرى، ولذا ترى أن تنويع الأنشطة الرياضية منذ الصغر يكون له تأثير على جميع عضلات الجسد من دون استثناء.
كيف تتغيّر عضلات كبار السن؟
تطرأ التغييرات على عضلات كبار السن من خلال الاستجابة الذاتية للتمارين، وكيفية قدرة الجينات عموماً على التأقلم مع التغييرات التي تحدثها الألعاب الرياضية. صحيح أن كبار السن قد لا يستطيعون بناء العضلات، إلا أن ذلك لا يعني أن ممارسة الرياضة لن تؤدي إلى أي نتيجة، أو قد تكون النتيجة صفر.
ويرى روجر فيلدنغ أن ممارسة الرياضة تعد من أهم الأنشطة التي يمكن أن يقوم بها كبار السن لصحتهم. إذ يُظهر البحث الذي قاده "فيلدنغ" بوضوح أنه على الرغم من أن الاستجابات للتدريب تقل مع تقدم العمر، فإنها لا تقل بأي حال من الأحوال إلى الصفر.
لقد أظهر أن كبار السن الذين يعانون من مشاكل في الحركة ويشاركون في برنامج منتظم من التمارين الهوائية وتمارين المقاومة يمكن أن يقللوا من خطر تعرضهم للإعاقة بحوالي 20 بالمائة. كما تبين أيضاً انخفاض مشابه بنسبة 20 في المائة في خطر التعرض للإعاقة بين الأشخاص الضعفاء جسدياً بالفعل إذا قاموا ببرنامج التمرين نفسه.
في حين أن الشباب قد يصبحون أقوى ويبنون عضلات أكبر بشكل أسرع بكثير من نظرائهم الأكبر سنا، إلا أن كبار السن لا يزالون يحصلون على فوائد صحية قيّمة بشكل لا يصدق من التمارين، بما في ذلك القوة المحسنة والوظيفة البدنية وتقليل الإعاقة.
ما هي التمارين التي يوصى بها لكبار السن؟
في تقرير نشر في الثالث من مايو/ أيار 2021 في صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، سلط الضوء على أربع أنواع من التمارين الرياضية لكبار السن. وبحسب التقرير، هناك 4 حركات بسيطة يمكنها المساعدة في الحفاظ على لياقة الجسد مع التقدم في العمر، وتتلخص هذه الحركات في القيام بالتمارين التقليدية، ومن ضمنها القيام بنحو 10 إلى 12 تمريناً خاصا بالذراع والساق، مرتين في الأسبوع، من خلال رفع الذراع والساق في الهواء.
وكذا القيام بتمارين الضغط على الحائط، إذ يمكن أن يقف الفرد بعيداً عن الحائط بمسافة تزيد قليلاً عن طول الذراع، ثم يميل إلى الأمام ويضع راحتيه على الحائط عند ارتفاع الصدر، ثم رفع الكعبين من على الأرض، وثني المرفقين وأسفل الصدر، ثم تصويب الذراعين.
ومن أجل تقوية عضلات الأرجل والأرداف بهدف تقوية الجزء السفلي من الجسم للدخول إلى السيارة والخروج منها والوقوف من الأريكة وصعود السلالم، تجب ممارسة القرفصاء. أما الحركة الرابعة فتتعلق بتمارين شد البطن، من خلال الاستلقاء على الأرض وشد عضلات البطن والنهوض بزاوية 90 درجة تقريباً.
وترى المديرة المشاركة لمركز استقلال كبار السن الأميركيين في كلية الطب بجامعة ديوك في دورهام بولاية نورث كارولينا، ميريام سي موري، أن الحفاظ على القوة أمر ضروري، للحفاظ على الاستقلال والتنقل مع التقدم في العمر.