لاجئون في السودان يفرون إلى إثيوبيا هرباً من الحرب مرة أخرى

15 مايو 2023
آلاف عبروا الحدود الإثيوبية هرباً من القتال الدائر في السودان (أمانويل سيليشي/ فرانس برس)
+ الخط -

فرّ الشاب السوري سلام كنهوش من بلاده في عام 2016 ولجأ إلى السودان. لكنّ المعارك التي بدأت قبل شهر هناك أجبرته على النزوح مرّة أخرى. ويقول: "هذه الحرب الثانية التي أهرب منها". ووصل كنهوش البالغ من العمر 30 عاماً إلى مدينة ميتيما الحدودية شمال غربي إثيوبيا مع آلاف من الأشخاص الذين فرّوا من السودان على إثر اندلاع المعارك بين الجيش السوداني و"قوات الدعم السريع" بسبب صراع على السلطة في البلاد منذ 15 إبريل/ نيسان الماضي.

وبحسب كنهوش فإنّه بدأ "حياة جديدة" في السودان، أولاً في كسلا شرقي البلاد قبل أن ينتقل أخيراً إلى العاصمة الخرطوم. ويروي الشاب أنّه كان يخطط في يوم اندلاع الاشتباكات للخروج مع أصدقائه لممارسة رياضة الكياك في نهر النيل، لكنّه تلقّى رسائل كثيرة "طلبت مني البقاء في المنزل". وهكذا لازم كنهوش منزله لثمانية أيام، قضى منها ثلاثة من دون كهرباء ويومَين بلا مياه، قبل أن يتمكّن من الخروج من الخرطوم. يضيف "لم أحمل معي سوى حقيبة ظهر وضعت فيها الأساسيات"، مشيراً إلى أنّ قرار مغادرة الخرطوم كان "صعباً جداً... اضطررت إلى ترك أشياء كثيرة".

الصورة
سلام كنهوش سوري هرب من السودان إلى إثيوبيا (أمانويل سيليشي/ فرانس برس)
سلام كنهوش: هذه الحرب الثانية التي أهرب منها بعد سورية (أمانويل سيليشي/ فرانس برس)

وفرّ كنهوش من دون مشروع تخرّجه، وترك السودان من دون جواز سفره السوري الذي كان قد أرسله لتجديده في سفارة بلاده لدى الخرطوم. ومن دون أوراق رسمية، هو عالق منذ أسبوع في ميتيما، لكنّه يؤكد أنّ "العودة إلى سورية ليست خياراً".

وكنهوش ليس اللاجىء الوحيد الذي اضطرّ إلى الفرار مرّة أخرى من السودان. فقبيل اندلاع القتال، قبل شهر، كانت السودان تستضيف 1.1 مليون لاجىء، بحسب بيانات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

بدورها، لجأت الشابة الإريترية سينا البالغة من العمر 24 عاماً إلى السودان في عام 2018، بعدما فرّت من التجنيد الإلزامي الذي لا ينتهي، علماً أنّها كانت قد قضت فيه أربعة أعوام. وتتذكّر: "أربعة أعوام من تناول العدس والخبز يومياً". وقد عملت الشابة نادلة في أحد فنادق الخرطوم، مؤكدة "كنت سعيدة جداً في حياتي الجديدة تلك". وتتأسف قائلة: "تركتُ منزلاً مجهّزاً بالكامل... شاشة مسطّحة ومراوحي وأسرّتي".

تضيف سينا التي فرّت مع صديق لها وشقيقها إلى ميتيما: "لا نملك مأوى ملائماً. لا إمدادات كافية من المياه ولا أملك المال"، ولا يتوفّر أيّ أفق. وتعرف سينا أنّه في حال عادت إلى إريتريا فـ"سوف أعاقب وأُسجَن قبل أن أُرسَل إلى الجيش مرّة أخرى".

أمّا سارة البالغة من العمر 24 عاماً والمولودة في السودان لأمّ إريترية لاجئة، فإنّ اندلاع المعارك لم يسمح لها في التوجّه إلى كندا في رحلة كانت مقرّرة في 17 إبريل الماضي، لتلحق بوالدتها التي انتقلت إلى هناك قبل ستة أشهر. وتقول: "حدث كلّ هذا في صباح يوم سبت. كان من المفترض أن أسافر يوم الإثنين، لكنّ الوضع ازداد سوءاً". تضيف أنّ "مشاعري مختلطة؛ الأمر محزن ومزعج ومخيّب للآمال".

وبالنسبة إلى هذه الشابة، فإنّ "سلامتنا وحياتنا تأتي أوّلاً. لا نستطيع مواصلة التفكير في ما تركناه وراءنا". وتتخوّف سارة من أن تبقى عالقة لوقت طويل في ميتيما. وتوضح أنّه "حتى الآن، لم أتمكّن بعد من تسجيل اسمي لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين"، مشيرة إلى أنّه "قيل لنا إنّها عملية طويلة سوف تستمرّ أشهراً".

الصورة
محمد قاسم أفغاني هرب من السودان إلى إثيوبيا (أمانويل سيليشي/ فرانس برس)
محمد قاسم: أعلم أنّ لا مستقبل لي في إثيوبيا لكنّ العودة إلى أفغانستان مستحيلة (أمانويل سيليشي/ فرانس برس)

في سياق متصل، كان محمد قاسم البالغ من العمر 29 عاماً قد غادر أفغانستان في عام 2016 وتوجّه إلى السودان لمتابعة دراسته. لكنّ آماله بالعودة إلى وطنه تبدّدت في عام 2021 مع سيطرة حركة طالبان. ويؤكد: "كنت أبذل قصارى جهدي للعيش... لم أكن أملك أيّ فرصة للعودة إلى أفغانستان".

ومع اندلاع القتال في الخرطوم، كان قاسم يتحضّر للحصول على شهادته في الاتصالات، لكنّه اضطرّ إلى الفرار. هو يعلم أنّ لا مستقبل له في إثيوبيا، ويقول إنّ "الوضع في إثيوبيا ليس جيداً... حالياً نشعر بالأمان، أمّا في المستقبل فلا أخطّط للبقاء في هذا البلد وآمل بأنّ أتمكّن من الذهاب إلى مكان آخر".

بالنسبة إلى الشاب السوري سلام كنهوش، فإنّه يحلم بالعودة إلى السودان في يوم ما من أجل الحصول على شهادته و"المضيّ قدماً" في حياته. يضيف: "في حياتي الجديدة، أريد مكاناً هادئاً بعيداً عن الحرب".

(فرانس برس)