يُثير ارتفاع نسبة سرقة الدراجات النارية والسيارات وغيرها قلق الأهالي في مناطق مختلفة من محافظة درعا جنوب سورية، خصوصاً مع تسجيل جرائم قتل خلال عمليات السرقة هذه، في ظل غياب الجهات التي يمكن أن تعمل على الحد من السرقات والجرائم. في هذا السياق، يقول الناطق باسم تجمع أحرار حوران أبو محمود الحوراني، لـ "العربي الجديد"، إن "حوادث السرقة منتشرة بشكل كبير في عدد من مناطق المحافظة، وخصوصاً مدينة نوى (شمال غرب سهل حوران وتتبع إدارياً لمحافظة درعا)، التي تضم مجموعات عسكرية، منها مجموعة تابعة للنظام تعمل على سرقة الدراجات النارية، مع نصب كمائن للشبان. أحد الحوادث التي سجلت مؤخراً هي إطلاق النار على شابين كانا يعملان في أرض زراعية يملكانها. حاولا مقاومة عناصر المجموعة المسلحة، فقُتل أحدهما فيما نقل الآخر إلى المستشفى، وما زال يتلقى العلاج فيها حتى اليوم. بالإضافة إلى الدراجات النارية، تعمل هذه العصابات على سرقة الأجهزة الإلكترونية كالهواتف الخلوية، أو غيرها من الأشياء سهلة الحمل.
وفي تفاصيل الحادثة أعلاه، يقول الحوراني إنه قبل نحو ثلاثة أسابيع، كان الشابان فايز وشقيقه فيصل المهدي يعملان في أرضهما الزراعية على طريق نوى ــ الشيخ مسكين. وحدثت عملية السرقة وما تبعها على مقربة من حاجز لقوات النظام، من دون تسجيل أية تدخل من قبل عناصر الحاجز. وأقدم اللصوص على سرقة الشقيقين ودراجة نارية كانت في حوزتهما.
إلى ذلك، يقول شادي، وهو أحد أهالي ريف درعا ممن خضعوا للتسوية التي جرت في المحافظة، في حديثه لـ "العربي الجديد"، إن زيادة سرقة الدراجات النارية باتت مصدر قلق وخوف بالنسبة للأهالي، بالإضافة إلى سرقة السيارات. عمليات السرقة هذه ينفذها لصوص محترفون، عازياً السبب إلى "الفلتان الأمني في المنطقة. وقد وجد هؤلاء اللصوص في الظروق التي تمر بها منطقتهم فرصة مناسبة لتنفيذ مثل هذه العمليات"، على حد قوله.
وفي عام 2018، ومع سريان اتفاق التسوية الذي وضع حداً للعمليات العسكرية بين قوات النظام والفصائل المعارضة، ونصّ على أن تسلم الفصائل سلاحها الثقيل، بقي عدد كبير من عناصرها في مناطقهم على عكس ما حصل في مناطق أخرى استعادها النظام. احتفظوا بأسلحة خفيفة، فيما لم تنتشر قوات النظام في كل أنحاء المحافظة، وبدأت عمليات السرقة تتفاقم.
ينقسم مرتكبو هذه العمليات والجرائم إلى ثلاث فئات: الفئة الأولى هي عصابات تابعة للنظام السوري، والفئة الثانية هي فئة متعاطي المخدرات التي شاعت بشكل كبير بين الشبان، وعادة ما يلجأ هؤلاء إلى السرقة لتوفير الدخل اللازم لشراء المواد المخدرة. أما الفئة الثالثة، فهي تلك التي يدفعها الفقر إلى السرقة. وتشكل الدراجات النارية الهدف الأبرز للفئتين الأخيرتين لسهولة بيعها. أما سرقة السيارات، فتتم من قبل عصابات تعمل ضمن نهج معين لابتزاز الأهالي.
ويشير أحد الأهالي القاطنين في مدينة جاسم (في الزاوية الغربية الشمالية من محافظة درعا)، لـ "العربي الجديد"، إلى أن ارتفاع نسبة السرقة ليس لها حل في ظل الوضع الراهن، موضحاً أن "كل شيء مباح لدى هذه العصابات من دراجات نارية ومضخات مياه وهواتف خلوية ومجوهرات وغيرها. ولا يمكن للأهالي التصدي لهؤلاء الذين يحملون الأسلحة، وقد يرتكبون جرائم قتل لتنفيذ أهدافهم". تجدر الإشارة إلى أن درعا كانت مهد الاحتجاجات ضد النظام، ومنها انطلقت المظاهرات التي طالبت بإسقاط النظام في عام 2011، وهي المنطقة الوحيدة التي لم يخرج منها كل مقاتلي المعارضة بعد استعادة النظام السيطرة عليها في يوليو/ تموز 2018.