تواجه المراحل التعليميّة الأساسية في ليبيا أزمة تتمثّل بغياب الكتاب المدرسي على الرغم من مضي أكثر من شهر ونصف الشهر على بداية العام الدراسي للعالم الحالي. ووضع مركز المناهج التعليمية والبحوث التربوية رابطاً لتحميل الكتب المقررة إلكترونياً عبر صفحاته ومنصاته الإلكترونية. وبدأ العام الدراسي في السابع من نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، في وقت ما زالت مدارس المرحلة الأساسية، التي تضم المراحل الابتدائية والإعدادية والثانوية، من دون كتب، علماً أن عدد التلاميذ يتجاوز المليون ونصف المليون.
ولم تعمل وزارة التربية والتعليم حتى الآن على استيراد الكتاب المدرسي، من دون أن توضح الأسباب. وأعلن مكتب النائب العام عن فتح تحقيق في الواقعة. وأوضح نائب مدير مركز المناهج التعليمية والبحوث التربوية التابع للوزارة محمود الوندي، أن مركزه كان مخولاً القيام بهذه المهمة كل عام، من دون أن يسجل أي تأخر في استيراد الكتب خلال الأعوام الماضية. يضيف أن صلاحية استيراد الكتاب المدرسي نقلتها وزارة التخطيط إلى وزارة التربية والتعليم، من دون أن تتمكن الأخيرة من بدء الطباعة. ويعرب عن استيائه من إجراءات تجريد المركز من صلاحياته، التي اعتبرها أساسية في تسيير العملية التعليمية.
وفي بادرة منه، بدأ المركز في نشر روابط للكتب المدرسية على منصاته وصفحاته الإلكترونية، حتى يتمكن أولياء الأمور والتلاميذ من تحميلها وطباعتها. إلا أن زياد الجربوع، وهو مواطن من طرابلس، يشير إلى أن كلفة طباعتها باهظة. ويقول لـ"العربي الجديد": "لدي طفلة واحدة. إلا أن المشكلة الأكبر ستواجه أولياء الأمور الذين لديهم أكثر من طفل في المرحلة الأساسية".
أما أم وداد، وهي مواطنة من بنغازي وأم لطفلين، فقد تمكنت من سد بعض النقص لدى من خلال استخدام ابنها الأصغر كتب شقيقته التي تكبره بعام، لكنها ما تزال تكافح من أجل تأمين الكتب لابنتها. وتقول: "أتواصل مع صديقاتي المعلمات في المدارس وموظفي وزارة التربية والتعليم علني أحصل عليها"، علماً أنها عملت على طباعتها. وتشكو أم وداد، خلال حديثها لـ"العربي الجديد"، من ضخامة حجم الكتب المدرسية بعد طباعتها. وتشدد على ضرورة توفير الكتاب المدرسي من خلال الوزارة.
وفي حي الظهرة وسط طرابلس، تكثر محال تصوير المستندات والأوراق، وقد قصدها صالح الدغاري ليكتشف أن الكلفة مرتفعة بسبب استغلال أصحابها هذه الظروف التي يعيشها الأهل. ويقول لـ"العربي الجديد": "لا يمكنني على الاطلاق طباعة 12 كتاباً لطفل. لدي أربعة أطفال يدرسون في مراحل مختلفة".
ولا يتوقع عبد الله الفارسي، وهو موظف في مخازن التجهيزات والمخازن التعليمية في بنغازي، توفير الكتاب قبل شهرين من الآن، بسبب عدم وجود خطة من وزارة التربية والتعليم حتى الآن لمواجهة الأزمة.
وفي أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، نشرت الصفحة الرسمية لوزارة التربية والتعليم خبراً عن زيارة وزيرها موسى المقريف إلى مقر المخازن الرئيسية للكتاب المدرسي التابعة لمركز المناهج التعليمية والبحوث التربوية. وأفادت بأنّ "الوزير اطمأن على توفّر الكتاب المدرسي اِستعداداً لبداية العام الدراسي 2021 ـ 2022". لكن الفارسي يلفت إلى عدم مصداقية الوزارة في التعامل مع الأزمة. ويقول لـ"العربي الجديد" إن الكميات الموجودة في المخازن هي طبعات قديمة للكتاب المدرسي، سبق وأن عملت لجان إعداد المناهج على تنقيحها والتعديل عليها، مشيراً إلى أن الرجوع إلى تلك الطبعات القديمة يستلزم قراراً من الوزارة وسلسلة إجراءات تؤخر بدورها توزيع الكتاب المدرسي على مختلف أنحاء البلاد.
من جهته، يقول مدير مدرسة "التحدي" في سبها المهدي بداد، لـ"العربي الجديد": "عالجنا مشاكل كبيرة خلال الأعوام السابقة وتفهمنا ظروف الحرب والانقسام الحكومي. لكن اليوم، لا عذر للحكومة ووزارتها. فهذه المشكلة لم يحدث أن واجهها قطاع التعليم في البلاد خلال الأعوام الماضية".
وحاول "العربي الجديد" الاتصال بالمكتب الإعلامي لوزارة التربية والتعليم من دون تلقّي أي رد. إلا أن بداد يقول إن الوزارة "شكلت لجنة منذ خمسة أشهر للبدء في ترتيبات طباعة الكتاب في الخارج، كما هي العادة في كل سنة، لكن لم يحدث شيء، وخصوصاً أن الميزانيات متوفرة لدى الحكومة والوزارة". ويشير إلى أنه تواصل مع الكثير من المدارس خارج مدينته، وقد أكدوا عدم تسلم أي مدرسة للكتب الدراسية للمرحلة الأساسية حتى الآن. ولم يصدر عن الوزارة أي توضيح حتى الآن بشأن أزمة الكتب. كما لم يعلن مكتب النائب العام عن نتائج التحقيق في القضية.