تتفاقم الأزمات التي تعصف بالسوريين يوماً بعد آخر في مناطق سيطرة النظام، آخرها أزمة نقص شديد في المضادات الحيوية على مختلف أنواعها في محافظة السويداء التي تبعد بضعة كيلومترات عن العاصمة السورية دمشق، الأمر الذي يُحمّلهم هموماً إضافية وأعباء مالية كبيرة.
أسامة كشور (39 عاما)، موظّف مقيم في مدينة السويداء، انهمك قبل أيام في البحث عن مضاد حيوي لابنته التي لم تتجاوز عامها الثالث بعد، لإصابتها بالتهاب فيروسي شديد من الأذن واللوزتين، كانت حرارتها تزيد عن 39 درجة، ورغم إعطائها دواءً خافضاً للحرارة إلا أن الطبيب سبق أن أخبرهم أن حرارتها لن تستقر قبل أن تتم معالجة الالتهاب، مضيفا في حديثه مع "العربي الجديد"، عندما بدأت أسأل عن الدواء في الصيدليات، الإجابة الوحيدة التي أتلقاها هي أن الدواء مقطوع ولا بدائل عنه".
هناك أزمة بين معامل الأدوية والحكومة في دمشق حول تسعير الأدوية، وهناك مطالبة برفع أسعار الأدوية
وتابع: "لم أترك صيدلية أعرفها إلا وسألتها لكن دون جدوى، لم أستطع النوم حتى الفجر لأتوجه إلى دمشق، ولو كنت أملك إيجار سيارة أجرة لذهبت ليلا لكن طلب السيارة بحدود 150 ألف ليرة (سعر صرف الدولار الأميركي الواحد نحو 3400 ليرة)".
وأكمل: "كنت أشعر بأن الحافلة تسير ببطء ولو نزلت منها وركضت لكنت أسرع بالرغم من أنها تسير في سرعتها المعتادة، استغرق الطريق نحو 90 دقيقة، كانت ثقيلة جدا عليّ، وما إن وصلت حتى توجهت إلى أقرب صيدلية والحمد الله اشتريت الدواء لكن بأكثر من ضعفي ثمنه"، لافتا إلى أن "تلك الساعات كانت من أصعب اللحظات التي عاشها بحياته، فعجز الآباء إحساس قاتل".
من جانبها، قالت جنان باسط (35 عاما)، أمّ لثلاثة أبناء، لـ"العربي الجديد"، "كأن الأمر مخطط له ككل الأزمات التي نعيشها والذريعة واحدة، هذه السلع تباع بأقل من تكلفتها ولتوفرها يجب أن يتم رفع سعرها، فنطالب نحن المُعدمين برفع سعرها بالرغم من أننا غالبا لسنا قادرين على دفع ثمنها وإن كنا سندفع فبشقّ الأنفس وعلى حساب احتياجات أخرى".
وأضافت: "اليوم تباع المضادات الحيوية بأضعاف سعرها إن وجدت، غالبا الناس التي تحتاج تلك الأدوية وغيرها من الأمراض المزمنة مثل السكري والضغط وأمراض القلب تعتبر شبه مقطوعة، ويتم شراؤها من دمشق بأسعار أعلى من سعرها الرسمي، إلا أنها تبقى أقل من أسعارها في السويداء".
من جهتها، قالت دكتورة صيدلانية، تمتلك صيدلانية في السويداء، طلبت عدم ذكر اسمها لأسباب خاصة، لـ"العربي الجديد"، إنه منذ بضعة أسابيع بدأت توريدات المضادات الحيوية بالتراجع، إلى أن وصلت في الأيام الماضية إلى حد الانقطاع، ويقول موزعو الأدوية إن هناك أزمة بين معامل الأدوية والحكومة في دمشق حول تسعير الأدوية، وهناك مطالبة برفع أسعار الأدوية بما يتناسب مع أسعار المواد الأولية، التي يستوردونها بالدولار الأميركي على أساس سعر الصرف في السوق السوداء".
وأضافت: "كما تلزمنا مستودعات الأدوية بشراء كميات من الأدوية التي تكاد تنتهي صلاحياتها، مقابل إعطائنا كمية قليلة جدا من المضادات الحيوية وبأسعار مضاعفة، فمثلا أحد أنواع تلك الأدوية البسيطة سعره الرسمي بـ2200 ليرة يعرض علينا اليوم بخمسة آلاف وبالتالي أنا سأبيعه للمريض بستة آلاف ليرة، ولكن أدوية أخرى مثلا إحدى النوعيات التي يحتاجها المصابين بفيروس كورونا الجديد، ثمنه نحو أربعة آلاف ليرة، أما اليوم إن وجد فيباع بـ24 ألف ليرة، وقس على ذلك".
يشار إلى أنه في يونيو/حزيران الماضي، رفعت وزارة الصحة في حكومة النظام السوري أسعار 11819 صنفا دوائيا بنسب وصلت إلى نحو 50 في المائة، بعد مطالبات من أصحاب المعامل.