لا يعلم أهالي الطلاب الفلسطينيين المقيمين في مخيمات لبنان إن كان أبناؤهم سيتابعون تعليمهم في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشونها، فهم لا يستطيعون تحمّل أعباء التعليم في ظل ارتفاع أسعار القرطاسية وبدل النقل، خصوصاً أنهم يؤمّنون بالكاد مصاريفهم اليومية.
تربي أم محمد أربعة أولاد جميعهم على مقاعد الدراسة، فيما راتب زوجها الذي يعمل سائق سيارة أجرة لا يتجاوز 700 ألف ليرة لبنانية (نحو 40 دولاراً بحسب سعر الصرف في السوق السوداء الذي يناهز 16,000 ليرة) شهرياً. تقول لـ"العربي الجديد":" لا أعلم إذا كنت سأستطيع إرسال أولادي إلى المدرسة هذا العام، فالغلاء الفاحش يجعلنا غير قادرين على تأمين القرطاسية والزي المدرسي لهم". تضيف: "صحيح أن المدرسة قريبة من بيتنا في مخيم عين الحلوة، ولا نحتاج بالتالي إلى سيارة لنقلهم إليها، لكننا غير قادرين على تأمين مصروفهم اليومي. فإذا أعطيت كل ولد 5 آلاف ليرة لبنانية (30 سنتاً)، وهو مبلغ لا يكفيهم أصلاً لأن منقوشة الزعتر وحدها باتت بهذا الثمن، سنبقى جميعاً بلا طعام. وقد أوقفت اشتراك مولد الكهرباء بسبب ارتفاع كلفته، وعدم تشغيل صاحبه له إلا في ساعات الليل".
يقول مسؤول الحراك الفلسطيني في مخيم نهر البارد محمد قاسم: "انعكست أزمتا الوضع المعيشي المتردي وجائحة كورونا سلباً على الطلاب الفلسطينيين وأهلهم. فالحرمان يطاول الطالب الفلسطيني بالتزامن مع المأساة التي يعيشها أهله نتيجة البطالة والفقر". ويتابع: "نطالب كنشطاء بفتح أبواب المدارس بسبب صعوبة توفير التعليم عن بعد في ظل انقطاع الكهرباء والإنترنت. ونعلم أن معظم الأهالي قطعوا اشتراكات المولدات التي باتت أسعارها ترهقهم، علماً أنها متوقفة عن العمل بسبب عدم توافر مادة المازوت، في حين أن معدل البطالة في المخيم بين 80 و85 في المائة".
ويشير قاسم إلى أن الطالب الواحد يحتاج شهرياً إلى حوالي مليونين ونصف مليون ليرة لبنانية (150 دولاراً)، تشمل أجرة النقل وشراء القرطاسية ومصروفه الخاص، وتوفير هذا المبلغ أمر مستحيل في ظل الغلاء الفاحش، وغياب دعم الهيئات، خصوصاً إدارة وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، والمرجعيات الفلسطينية المختلفة".
من جهتها، تقول مديرة جمعية زيتونة في مخيم عين الحلوة في جنوب لبنان، زينب جمعة: "كان عام 2020 سيئاً جدًا، وهذا العام أسوأ في ظل عدم توافر الوقود لاستخدامه في المواصلات خصوصاً للطلاب المقيمين في الخارج والذين يريدون الحضور إلى مدارسهم في المخيم، كما أن سعره مرتفع وغير متوافر بكميات كبيرة. وقد اعتذر معظم أصحاب الباصات عن عدم قدرتهم على توفير المازوت، ما جعل الأهل في حيرة في كيفية نقل أولادهم إلى المدارس".
وتتابع جمعة: "يعاني أهالي الطلاب أيضاً من ارتفاع أسعار القرطاسية. فثمن الدفتر الواحد لطالب في المرحلة المتوسطة يتراوح بين 60 و80 ألف ليرة لبنانية (3.7 و5 دولارات)، ما يمثل كارثة بالنسبة إلى الأهل، لذا نطالب أونروا بمراعاة هذه الأمور في تقديماتها، علماً أنها توزع نوعاً معيناً من الدفاتر يستعمله طلاب صفوف المرحلة الابتدائية تحديداً. كما لا يخفى أن الأهل باتوا لا يستطيعون توفير سندويشات الفطور لأولادهم، وحتى مصروفهم، فكل طالب يحتاج إلى 5000 ليرة لبنانية (30 سنتاً) على الأقل، والذي لا يشتري كيس شيبس (بطاطس مقرمشة) والأب الذي لديه ثلاثة أولاد في المدرسة لن يمنحهم هذا المبلغ، ما يؤثر على نفسياتهم".
وعن التعليم عن بعد، تقول جمعة: "سيواجه الطلاب وأهلهم مشكلات كبيرة، لأن لا كهرباء أو اشتراكات مولدات، وبالتالي لا إنترنت، كما أنه هذه الوسيلة غير نافعة بعدما حلّ أهل الطلاب المسابقات في العامين الأخيرين. وإذا ظل الطلاب في البيت سيعانون من جهل". وتكشف جمعة أن جمعية زيتونة قدمت قرطاسية لعدد من الطلاب، "لكننا نطالب الأونروا بتوفير الوقود للسيارات التي تنقل الطلاب إلى المدارس".
ويشدد أمين سر اللجان الشعبية في منظمة التحرير الفلسطينية بمدينة صيدا وعضو مجلس التربوي في المدينة، الدكتور عبد أبو صلاح، على أن أهم الصعوبات التي يواجهها الطلاب هي المواصلات، التي باتت أسعارها مرتفعة، وكذلك المصروف اليومي الذي لا يستطيع توفيره والد راتبه 700 ألف ليرة، كما أن بعض الطلاب يحتاجون إلى دروس خصوصية لم يعد الأهل قادرين على تأمين بدلاتها، وأيضاً إلى كهرباء وإنترنت. وقد ناقش المجلس موضوع القرطاسية والكتب مع ممثلي الأونروا في 9 سبتمبر/ أيلول الجاري، وأبلغونا أنهم أمنوها من جهات ممولة، إضافة إلى مبلغ للمواصلات". وعن عملية التلقيح لدى عودة الطلاب إلى المدارس، يقول أبو صلاح: "سيتم تلقيح الطلاب من سن الـ 12 وما فوق. وبالنسبة إلى الأساتذة غير الملقحين سيجرون على نفقتهم فحص كورونا مطلع كل أسبوع".