استمع إلى الملخص
- **التحديات الطبية والمساعدات الدولية:** واجه القطاع تحديات في معالجة إصابات العيون وتلقى مساعدات طبية من العراق وإيران والأردن، لكن لم تصل معدات طبية.
- **التضامن الوطني والإنجازات:** أظهر الشعب تضامناً كبيراً من خلال التبرع بالدم، وأشاد نقيب المستشفيات الخاصة بإنجازات القطاع الصحي والتنسيق العالي.
بذل القطاع الصحي في لبنان جهوداً حثيثة خلال الاستجابة لتداعيات الجريمة الإسرائيلية المتعلقة بتفجيرات أجهزة "البيجر" والأجهزة اللاسلكية، والتي أودت بحياة عشرات الأشخاص وخلفت آلاف الجرحى، حالات بعضهم حرجة.
وواجهت مستشفيات وطواقم طبية وتمريضية الأزمة بشجاعة رغم التحديات الأمنية والاقتصادية والمعيشية، بعد يومين عصيبين عاشهما الشعب اللبناني، لا سيما في الضاحية الجنوبية لبيروت وفي محافظات الجنوب والبقاع وبعلبك الهرمل.
ونجحت خطة الطوارئ الوطنية في التعامل مع الفاجعة واستيعاب الأعداد الكبيرة من المصابين، وهي الخطة التي وُضعت برعاية وزارة الصحة العامة منذ بدء الاشتباكات على الحدود الجنوبية مع فلسطين المحتلة، عقب بدء العدوان على قطاع غزة.
يقول مدير العناية الطبية في وزارة الصحة جوزيف الحلو، لـ"العربي الجديد": "أثبت القطاع الصحي في لبنان، من أطباء وممرضين وعاملين، مجدداً أنهم أبطال، بعد بطولاتهم خلال جائحة كورونا، وفي انفجار مرفأ بيروت. القطاع الصحي اللبناني نموذجي، ويُشهد على إنجازاته تلبيته النداء بسرعة قياسية، وقد ظل أطباء يجرون عملياتٍ جراحية من دون توقف لساعات. حالات غالبية الجرحى حالياً تحت السيطرة، وهناك عدد من الحالات الحرجة".
يضيف الطبيب الحلو: "نجح القطاع الصحي من ناحية الجهوزية عبر تعاون وزارة الصحة والمستشفيات، الحكومية والخاصة، مع نقابتي الأطباء والممرضين، ومع الدفاع المدني والصليب الأحمر والهيئة الصحية الإسلامية. كنا على تنسيق متواصل طوال يومين لم نعرف فيهما طعم النوم، وقد صمدنا أمام تلك الهجمة الوحشية، فنحن نتعامل مع عدو لا يعرف الإنسانية ولا يلتزم بالقوانين، ويواصل ارتكاب جرائم الحرب".
يتابع: "واجهنا تحديات لناحية أن أغلب الإصابات كانت في العيون خلال يوم التفجيرات الأول، فظهرت الحاجة للأجهزة المجهرية الجراحية كي يتمكن الأطباء من إجراء العمليات الجراحية بالعيون. أكبر مستشفى يضم ما بين جهازين وأربعة أجهزة ميكروسكوب للعيون، ولم تكن هناك إمكانية لتأمين مزيد من الأجهزة في لحظة الفاجعة، ما دفعنا إلى نقل مصابي العيون من مستشفى إلى آخر، وفق توافر الأجهزة".
وكشف الحلو أن "لبنان تلقى مساعدات من العراق وإيران والأردن، شملت مستلزمات طبية وبعض الأدوية، لكننا لم نستلم أجهزة أو معدات. وصل أيضاً وفد طبي من العراق لتقديم الدعم والمساندة، ومن المتوقع وصول مساعدات طبية إضافية من أكثر من دولة عربية، في حين أنّ جميع الدول الأوروبية وقفت للأسف متفرجة. نحتاج إلى تعزيز مخزون المستلزمات الطبية والأدوية، والذي كان يخدم القطاع الصحي لنحو ثلاثة أشهر إلى أربعة، قبل أن يُستخدم الكثير منه عقب الجريمة البشعة، فتعزيز المخزون أساسي كوننا نتعامل مع عدو لا يمكن توقع جرائمه المقبلة، لكننا لسنا بحاجة إلى مستشفيات ميدانية في الوقت الراهن".
وأثنى مدير العناية الطبية على "مبادرة الشعب اللبناني للتبرع بالدم فور إعلان حاجة المستشفيات، حتى أننا تلقينا أكثر من الحاجة، وعملت فرق الصليب الأحمر على الاحتفاظ بها في بنك الدم. أتمنى لو يبقى اللبنانيون مجتمعين وموحّدين لبناء دولتهم تماماً كما يجتمعون حول المصائب".
بدوره، أعرب نقيب أصحاب المستشفيات الخاصة في لبنان سليمان هارون عن اعتزازه بإنجازات القطاع الصحي، وقال لـ"العربي الجديد": "قدّمت مستشفيات لبنان المثال النموذجي عن التضامن والوحدة الوطنية، ونجحت خطة الطوارئ، والنتائج واضحة، إذ تلقى جميع الجرحى العلاج اللازم من دون تأخير أو تقصير، وكان التنسيق على مستوى عال وفق ما نصت عليه الخطة التي وضعتها وزارة الصحة، ولم تكن هناك ثغرات على الإطلاق".
وتحدث هارون عن صعوبات سببها أن أغلب الإصابات في العيون، وبأعداد كبيرة، كونهم كانوا يحملون أجهزة "البيجر"، وانفجرت بوجوههم، وأوضح أنه "ليست كل المستشفيات مجهزة بأقسام لجراحة العيون وبأجهزة ميكروسكوب العين، لذا كنا نضطر إلى معالجة جروح المصابين في مختلف أنحاء الجسم، ثم ينقلون إلى مستشفى متخصص بالعيون أو يمتلك قسماً للعيون. رغم وجود أقسام متخصصة بطب وجراحة العين في عدد كبير من المستشفيات، إلى جانب مستشفيَين متخصصين بالعيون في بيروت، لكن حجم الحادثة وعدد المصابين كان كبيراً. لم نواجه نواقص في المستلزمات الطبية والأدوية، لكن استهلكنا كميات كبيرة من مخزونات الأدوية وضمادات الجروح والمستلزمات الطبية، وأصبحت المستشفيات بحاجة إلى تدعيم المخزون من جديد".
وخلال جولة لتفقد الجرحى في مستشفيات محافظتَي البقاع وبعلبك – الهرمل، الجمعة، أكد وزير الصحة اللبناني، فراس الأبيض، أن "المصيبة كانت لتكون أكبر لولا القدرات العالية الموجودة في المستشفيات، وتطبيق خطة الطوارئ، والمهنية العالية للأطباء وتفانيهم. الوزارة ستقف إلى جانب الجرحى بشكل مستمر، خصوصاً أن كثيرين منهم سيحتاجون إلى عناية في المستقبل".