تشعر منال أحمد وهبي بوجوب العمل على مساعدة العائلات الفقيرة أو الأكثر حاجة في مخيم برج البراجنة للاجئين الفلسطينيين في العاصمة اللبنانية بيروت. تربّت منال المتحدّرة من قرية سعسع في فلسطين، والمقيمة في المخيم، على النضال من أجل الوطن. والدها الذي خرج من فلسطين وهو في السادسة من عمره، ناضل طوال حياته من أجل فلسطين، وربى أبناءه على حب الوطن والانتماء له.
في الوقت الحالي، تزرع منال سطح منزلها بالخضار بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة والضائقة المالية التي يعيشها الناس في لبنان، ويتأثّر بها بشكل كبير الفلسطينيون المقيمون في المخيمات الفلسطينية، وتستفيد من هذه المنتجات الزراعية أربع عشرة عائلة. تخصصت بالطب الوقائي، ودرست في بداية الأمر في كلية سبلين للتدريب التابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، ثم عدلت شهادتها في الجامعة الأميركية في بيروت. تعمل في إدارة الطب الوقائي في وزارة الصحة، بالإضافة إلى تنسيق البرامج مع الوزارة وجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني. كما تعمل في مستشفى حيفا في مخيم برج البراجنة.
لا دعم
وعن الأسباب التي دفعتها إلى الزراعة، تقول: "نعيش في المخيم من دون رعاية ودعم. وبسبب الإمكانيات المادية الضعيفة، بدأت أفكر في زراعة سطح منزلي لأساعد الناس قدر المستطاع. اليوم، تستفيد من الزراعة 14 عائلة، وكنت قد اتفقت مع شباب يعملون في مؤسسة جفرا على دعم زراعة السطوح". تضيف: "أعمل على أن يكون السطح قرية من قرى فلسطين، وتحديداً قريتي سعسع. لذلك، بدأت في جمع بعض الأشياء التي كانت موجودة في سعسع كالطابونة والموقد".
وتحرص على الزراعة الموسمية بمساعدة المهندسة الزراعية إسراء المصري (تعمل مع مؤسسة جفرا)، مشيرة إلى أنها تتعلم الزراعة وكيفية الاعتناء بالتربة والمزروعات. كما بدأت تتعلم كيفيّة إعداد السماد العضوي والمبيدات العضوية.
وتوضح: "في فصل الشتاء، نعتمد على تجميع مياه الشتاء في أوعية كبيرة لري المزروعات. أما في فصل الصيف، فنشتري المياه الحلوة لأنّ المياه الموجودة في المخيم غير صالحة للري. كما أننا تعلمنا كيف نروي المزروعات في أوقات معينة وبنسب محدودة".
وتوضح وهبي أنها توزع الإنتاج على 14 عائلة هم أصدقاؤها وأقرباؤها. في كل يوم، أقطف نوعاً من الزرع وأعطيه لعائلة بهدف الدعم. كما أن الجيران يشعرون بسعادة حين يلقون الاهتمام ويتناولون خضاراً وفاكهة خالية من المواد الكيميائية. على سبيل المثال، فإن جيراني يعانون من مرض وراثي ولا يستطيعون تناول الأطعمة التي تدخلها مواد كيميائية".
وعن إمكانية زراعة أحواض أخرى، تقول: "سطح منزلي كبير وبالتالي يمكنني زيادة القساطل للزراعة فيها، وسنعمد على الزراعة الطولية لتوفير المساحات".
طابونة وموقد
أمّا عن مشروع الطابونة والموقدة، فتقول: "سنعمل على إقامة جلسات مع الناس. وفي كل جلسة سنتكلم عن بلد، ليتعرف الناس على تراثهم، وتحديداً الشباب منهم. كما سنعمل على الرسم على الجدران كل ما يعكس عادات وتقاليد قرية سعسع في محاولة للحفاظ على التراث. إلا أن الأمر مؤجل نوعاً ما بسبب ضعف الإمكانيات المادية. صحيح أنه كانت هناك محاولة سابقة لبدء المشروع، إلا أنني اضطررت إلى التوقف لاحقاً بسبب تفشي فيروس كورونا الجديد". تضيف: "في وقت لاحق، سنعمل على الخبز على الطابونة والشاي على الحطب. وبالطبع، لن يكون هناك أجر مادي في مقابل ما سنقوم به. كل ما في الأمر أننا نريد إيلاء اهتمام أكبر بكل ما يتعلق بتراثنا الفلسطيني، ويتم ذلك من خلال اللقاءات التي ستعقد ويتم اختيار بلد معين وموضوع محدد لطرحه على الحاضرين".
وتوضح منال أن لديها تجمعا اسمه تجمع العودة هدفه العمل على دعم الأطفال اجتماعياً ونفسياً، مشيرة إلى أن "سطح المنزل يعد مساحة جيدة للأطفال للعب. كما أننا نعمل على حل ومعالجة المشاكل التي تحصل بين الأهل والأبناء، وتساعدني ابنة شقيقتي في ذلك كونها متخصصة في علم الاجتماع والاقتصاد. كما يساعدني ابن أخي في عملية الدعم النفسي للأطفال من خلال الموسيقى".
لن تتوقف منال عن العمل في أجل مساعدة الناس، أقله من خلال تأمين غذاء صحي لهم، وخصوصاً في ظل الأزمة الاقتصادية التي يشهدها لبنان وانهيار سعر صرف الليرة اللبنانية أمام الدولار.