استمع إلى الملخص
- حكومة مجلس النواب في بنغازي أصدرت قراراً بإنشاء الهيئة الليبية للصيد البري ومنع صيد الأرانب والغزلان لمدة عامين، لحماية الحياة البرية وتشجيع تكاثر الأنواع المهددة بالانقراض.
- الناشطون يرون أن التحدي الأكبر هو تطبيق القرارات الحكومية على الأرض، مع التأكيد على أهمية الحملات الأهلية ودور المجتمع المدني في التوعية وحماية التنوع البيولوجي والحياة البرية في ليبيا.
أطلق سكان مناطق في جنوب ليبيا وغربها مبادرات تطوعية تهدف إلى حماية أنواع برية من الانقراض بسبب انتهاكات الصيد الجائر للأماكن البرية والمحميات.
في منتصف مايو/ أيار الماضي تناقلت منصات الإعلام والتواصل الاجتماعي بشكل واسع شريط فيديو أظهر إطلاق مواطنين في مدينة سوكنة، وسط جنوب ليبيا، عدداً من الغزلان البرية من أطراف مدينتهم. وأشاد ليبيون كثيرون بالخطوة التي أعلن أهالي سوكنة أنها تهدف إلى مواجهة الصيد الجائر وحماية الحياة البرية في البلاد. وفي 22 من الشهر ذاته، حذا أهالي مدينة زوارة، أقصى غرب ليبيا، حذو أهالي سوكنة، وأطلقوا عشرة غزلان برية في محمية جزيرة فروة، قبالة شاطئ زوارة، وشددوا على ضرورة حمايتها من أجل توفير ظروف تكاثرها في الجزيرة.
وفي نهاية هذا الشهر، نشرت إذاعة مدينة مصراته لقطات لإطلاق عدد من المهتمين بتربية الحيوانات البرية مجموعة غزلان داخل محمية الهيشة، شرقي مصراته. ونقلت عن المتطوعين في هذه الحملة قولهم إنهم "يهدفون إلى أن تلهم هذه الخطوة مبادرات الحفاظ على التنوع الحيوي وتعزيز البيئة الطبيعية". وكان نشطاء كثيرون في مجال البيئة والحياة البرية والجمعيات المعنية بهذا النشاط قد وجهوا نداءات في مناسبات عدة للتحذير من خطر تعرّض الحياة البرية في البلاد لانتهاكات خطيرة تتسبب في انقراض عدد من أنواعها وحيواناتها بسبب الصيد الجائر المنتشر في ظل الانفلات الأمني القائم وغياب سلطات الردع والمحاسبة.
وفي رد فعلها على الحملات الأهلية، أصدرت حكومة مجلس النواب في بنغازي في نهاية مايو قراراً بإنشاء الهيئة الليبية للصيد البري، وأعلنت منع صيد الأرانب والغزلان بمختلف أنواعها في المناطق التي تعد موطناً طبيعياً لها، خاصة في جنوب ليبيا، ولمدة عامين من أجل حماية الحياة والبيئة البرية، والحفاظ على توازنها وتشجيع تكاثر هذه الأنواع من الحيوانات البرية المهددة بالانقراض. كما قررت حكومة مجلس النواب ضبط كل الأدوات والمعدات والمركبات الآلية التي تستخدم في الصيد طوال فترة المنع، وطالبت وزارة الداخلية باتخاذ كل الإجراءات اللازمة لوضع هذا القرار موضع التنفيذ وضبط مخالفيه وإحالتهم إلى الجهات القضائية المختصة. كما طالبت الحكومة وزارة البيئة بدعم وتنفيذ خطط لإثراء البيئة البرية في البلاد، وحماية الأنواع المهددة بالانقراض أو بتناقص أعدادها بشكل كبير.
وفيما يرحب عوض التومي، الناشط في مجال حماية البيئة، بهذا القرار الحكومي، لكنه لا يعتبره أكثر من محاولة لاستثمار المرافقة الإعلامية التي واكبت الحملة الأهلية لإطلاق عدد من حيوانات الغزال البري، ويسأل: "كيف يمكن أن تطبق هذه الحكومة قرارها على المجموعات المسلحة المنتشرة في الصحراء والتي تمارس الصيد الجائر بعيداً عن سلطة هذه الحكومة؟".
ويعتبر التومي، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن الحملة الأهلية التي شهدتها مدن سوكنة وزوارة ومصراته نجحت في إيصال رسالتها المهمة على صعيد التوعية بأهمية البراري وضرورة توفير ظروف العيش للحيوانات فيها، وبرهنت في الوقت نفسه أن الخطر على الحيوانات والحياة البرية عموماً لا يشارك فيه المواطن ويرتبط خصوصاً بالانفلات الأمني وانتشار السلاح". يضيف: "لم يتحدث الإعلان عن حملات في مناطق أخرى من بينها في مدينة ودان المجاورة لسوكنة، وأيضاً عن إطلاق شباب قبيلة المقارحة في الجنوب عدداً من الغزلان في محمية وادي البي. ويخطط نشطاء لكتابة ميثاق يطرحونه على كل سكان المناطق القريبة من المحميات يتعهدون فيه بعدم الصيد لفترة لا تقل عن ثلاث سنوات تمهيداً لدعم الحياة البرية".
وأكدت العديد من التقارير التي أصدرتها جمعيات ومنظمات معنية بالحياة البرية هجرة الودان البري الذي كان يعيش بشكل كثيف في مناطق الجنوب الغربي، وانقراض الأرنب البري وأنواع من السلاحف النادرة، وأيضاً الفهد المرقط والضبع التي كانت تشتهر بها البلاد. كما حذرت تقارير دولية من انتهاكات واسعة تواجهها الطيور بسبب الصيد الجائر بحثاً عن الطيور الجارحة بهدف الاتجار بها.
ويدعو التومي إلى ضرورة أن تتسع رقعة الحملة الأهلية الداعمة للحياة البرية لتشمل إعادة الحياة للمحميات الطبيعية من خلال تدشين حملات تشجير خاصة في المناطق التي تعرضت لتجريف بسبب فيضانات العاصفة "دانيال" في منطقة الجبل الأخضر، شرق ليبيا، في سبتمبر/ أيلول الماضي، أو المحميات التي تعرضت لإهمال طوال السنوات الماضية، ويؤكد أن حملات التشجير ستوفر الكثير من ظروف العيش، ومنها الغذاء والمأوى، لعودة الحيوانات المهاجرة.