تشهد ليبيا ارتفاعاً في نسبة حوادث السير والدهس كنتيجة متوقعة لغياب القانون والانفلات الذي تعيشه البلاد منذ سنوات. وكثيراً ما يتعرض المارة للإصابة أو القتل نتيجة دهسهم بسبب عدم التزام سائقي السيارات بقوانين السير، وعدم التقيد بالسرعة المسموحة. وخلال الأشهر الماضية، لا يكاد يمر أسبوع من دون تسجيل حالة وفاة لمواطن دهساً على قارعة الطرقات.
مؤخراً، أعلنت مديرية أمن العاصمة طرابلس وفاة رجل خمسيني في حادث سير وسط العاصمة طرابلس، موضحة أن الحادث كان "نتيجة فقدان السيطرة على عجلة القيادة لإحدى المركبات ودخولها الاتجاه المعاكس، ما أسفرعن وفاة شخص". والأسبوع الماضي، أشارت مديرية أمن سرت (وسط شمال البلاد) إلى إصابة طفل إصابات خطيرة بعدما صدمته سيارة لاذ سائقها بالفرار، في وقت نقل الطفل إلى مستشفى المدينة لإسعافه.
وخلال شهر إبريل/ نيسان الماضي، جرى تسجيل العديد من الوفيات بسبب حوادث الدهس، منها وفاة مواطن وإصابة اثنين آخرين في طرابلس بسبب اصطدام سيارة بأخرى نتيجة السرعة، بحسب بيان مديرية أمن طرابلس في الـ23 من الشهر المذكور.
وفي اليوم الذي سبقه، سجلت المديرية نفسها وفاة شاب في مقتبل العمر إثر دهسه من قبل سيارة كان سائقها يقودها بسرعة عالية، قبل أن يلوذ بالفرار. وفي منتصف الشهر نفسه، أعلنت مديرية أمن طرابلس وفاة امرأة بعدما صدمتها سيارة في حي غوط الشعال، في وقت سلم السائق نفسه للشرطة.
ومطلع الشهر نفسه، سجلت مديرية أمن طرابلس مقتل شخص في منطقة عين زارة بالعاصمة طرابلس، إثر دهس سيارة له لدى عبوره طريقاً فرعياً للوصول إلى مسجد في المنطقة، كما اعتقل شخص في مدينة مصراتة، شرق طرابلس، بتهمة دهس شخص قتل على أثرها. وفي فبراير/ شباط الماضي، تداولت وسائل إعلام خبر وفاة رجل سبعيني دهسته سيارة عبرت بسرعة زائدة منطقة الأحياء البرية بالعاصمة طرابلس.
ولا يسلم شرطيو المرور من حوادث مماثلة نتيجة القيادة بسرعة زائدة. وأعلنت مديرية أمن طرابلس أن سيارة مسرعة صدمت دراجة نارية قادها شرطي مرور على طريق سريع لدى تأديته عمله، ما أصابه بكسور وجروح متفاوتة. ويؤكد زكريا الأزرق، وهو شرطي مرور يقف في أحد الطرقات الرئيسية بحي الفرناج في طرابلس، أن حوادث الدهس تزداد بسبب سرعة بعض السائقين الذين لا يردعهم شيء. ويقول لـ"العربي الجديد" إن "عملنا يعتمد على تنظيم حركة السير في الأماكن المكتظة، لا سيما في أوقات الذروة، لمواجهة الازدحام"، مضيفاً: "ننجح في الكثير من الأحيان من دون تسجيل حوادث تؤدي إلى خسائر بشرية في المناطق التي نعمل فيها". ويؤكد أن ارتفاع أعداد الوفيات من جراء الدهس تحدث في المناطق المفتوحة حيث يمكن للسائق زيادة سرعته، أو في الأوقات التي تكون فيها الطرقات فارغة كفترات المساء أو الليل".
وفي وقت يقول الأزرق لـ"العربي الجديد" إنّ تسجيل المخالفات المرورية أصبح نادراً، ينتقد المواطن عادل المشرم، الذي يعيش في طرابلس، الجهات الأمنية وعناصر الشرطة كونهم يشاركون في تفاقم المشكلة، لافتاً إلى أن الإعلان عن وفيات في حوادث الدهس عادة ما يكون من قبل مديريات الأمن، ولا يتضمن معلومات عن عقوبة الجناة أو مصيرهم أو إذا ما كانوا قد اعتقلوا أم لا. ويقول لـ"العربي الجديد" إن "بيان العقوبات يشكل رادعاً معنوياً في أذهان الناس، ويعد تحذيراً للسائقين بأن من يتجاوز السرعات القانونية يكون مصيره كمصير الذين عوقبوا أو سيعاقبون"، معتبراً أنه "من المهم التذكير بشكل العقوبات". ويؤكد المشرم ضرورة تخصيص برامج توعوية يقدمها رجال الشرطة، تتحدث عن آثار مثل هذه الجرائم والعقوبات التي يواجهها الأشخاص الذين يتجاوزون القانون. يضيف: "من المهم أيضاً أن تتضمن تلك البرامج والتغطيات الإعلامية زيارات إلى المراكز الصحية التي تعالج ضحايا حوادث المرور، ولقاء أهالي المتوفين بها في محاولة لإيقاظ ضمائر من لا يتفهم خطورة قيادة السيارات بسرعات عالية والنتائج الكارثية التي قد تؤدي إليها".
ويطالب المشرم بمحاربة وإلغاء أعراف اجتماعية تنتشر في الأرياف، تعتبر تقديم المتضرر شكوى في حق من أضر به عيباً اجتماعياً. وعادة ما يكون البديل مصالحة اجتماعية أصبحت لا تؤدي غرضها بل تزيد من احتمال وقوع حوادث.
يشار إلى أن الإحصاء الأخير لعدد وفيات حوادث السير الذي نشرته السلطات الليبية يعود إلى عام 2020، حين حدد الرقم بـ 1761. ولا تتوقف وسائل الإعلام الليبية عن نقل الأنباء عن حوادث السير وضحاياها من قتلى وجرحى، والتي لا تستند مصادرها إلى تقارير السلطات الأمنية لوزارة الداخلية التي توقفت فعلياً منذ أكثر من عام عن نشر الإحصاءات السنوية لقتلى حوادث المرور.