كثفت السلطات الأمنية في ليبيا حملاتها لضبط المتورطين في سرقة أسلاك الشبكة الكهربائية، في إطار تأمين شبكة الكهرباء استعدادا لفصل الصيف، بعدما عانت البلاد خلال السنوات الماضية من انقطاع متكرر للكهرباء بسبب التعديات على الشبكة.
وفي منتصف مارس/ آذار، أعلنت مديرية أمن بنغازي تمكنها من الإطاحة بتشكيل عصابي يمتهن سرقة الأسلاك الكهربائية، وأشارت إلى أن سيارة العصابة مسجلة ضدها أكثر من عشرة محاضر سرقة أسلاك كهربائية، وأن من بين أفراد العصابة أشخاص من جنسيات أجنبية، وتسبب تعديهم على الشبكات في حرمان ثلاثة أحياء في بنغازي من الكهرباء.
بالتزامن، أعلنت جهات أمنية ضبط ثلاثة أشخاص متلبسين بسرقة خط كهرباء في منطقة سلطان، القريبة من سرت (وسط شمال)، بعد تلقي أفراد شرطة الكهرباء بلاغات من مواطنين. وفي حادثة مشابهة، أعلنت الشركة العامة للكهرباء، مطلع مارس، ضبط شخص متلبساً بسرقة أسلاك من داخل محطة كهرباء فرعية في جنوب طرابلس، وكانت بحوزته معدات لقطع الأسلاك، ما تسبب في إتلاف محتويات المحطة، وحدوث أضرار مادية.
وليست حملات مكافحة سرقة شبكات الأسلاك الكهربائية تلك الأولى، إذ سبقتها حملات متعددة، وسبق أن أعلن مكتب البحث الجنائي في تاجوراء، شرق طرابلس، ضبط وافدين اثنين من دولة النيجر، في مطلع مارس، بعد ثبوت تورطهما في 16 واقعة سرقة أسلاك كهربائية، وأوضح المكتب الجنائي أن المتهمين سرقا الأسلاك من داخل منازل ومبان قيد الإنشاء.
وفي صبراته، غرب طرابلس، أعلنت مديرية الأمن، في يناير/ كانون الثاني الماضي، إلقاء القبض على متهم بسرقة أسلاك كهربائية من مزارع تقع خارج المدينة، مشيرة إلى أنها داهمت منزلاً تابعاً للمتهم، وعثرت فيه على آلات تستخدم لإعادة تدوير جميع أنواع الأسلاك الكهربائية.
يأتي هذا بعد تعهدات من قبل الشركة العامة للكهرباء بالاستعداد الجيد لحلول فصل الصيف، وأكد المسؤول في إدارة الصيانة بالشركة عبد الفتاح الشاوش أن الصيف المقبل لن يشهد انقطاع الكهرباء بعد أن بات الانقطاع ظاهرة ملازمة لفصل الصيف خلال السنوات الماضية، موضحاً في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن "الجاهزية ستكون أكبر لمواجهة ذروة الصيف".
وشكلت الحكومة المكلفة من مجلس النواب، في نهاية فبراير/ شباط الماضي، لجنة أمنية مشتركة لمكافحة "ظاهرة التعدي على الكوابل والأسلاك والأبراج المغذية للشبكة الكهربائية"، مشددة على ضرورة مشاركة الأجهزة الأمنية في مكافحة تلك الجريمة بجدية، والبحث عن حلول رادعة لها.
وكشفت حكومة طرابلس عن لقاء موسع ضم رئيسها عبد الحميد الدبيبة ومسؤولي الشركة العامة للكهرباء لمتابعة الخطة الحكومية "لمواجهة الذروة الصيفية". وضمن تلك الخطة، أعلنت شركة الكهرباء وصول العديد من التجهيزات الجديدة إلى فروعها في مختلف أنحاء البلاد، لا سيما إلى الجنوب والشرق.
في مقابل كل هذه الوعود، يتساءل المواطن مفتاح القصير، من جنوب طرابلس، عن احتواء الخطة الحكومية تفاصيل واستعدادات تتعلق بالبنية التحتية لمحطات الكهرباء، ويقول لـ"العربي الجديد": "نسمع الوعود الحكومية نفسها في كل عام، لكن الإجراءات المتعلقة بالحد من سرقة أسلاك الكهرباء ليست كافية، فالأزمة ليست في الأسلاك وحدها، بل في خطوط الإمداد المتهالكة، وفي مناطق جنوب طرابلس لا تزال آثار الحرب قائمة، ومنها عدم وجود أعمدة كهرباء، كما تقطع الأسلاك لمسافات طويلة من الشبكة، ولم يتم تأمينها حتى الآن".
ورغم الإجراءات الأمنية المتعددة لملاحقة شبكات سرقة أسلاك الكهرباء، أقرت شركة الكهرباء في 22 مارس، بسرقة أسلاك بطول 1500 متر في منطقة قمينس ببنغازي، ما أدى إلى فقد تغذية 10 محطات بالمنطقة.
يقول القصير: "لا أعتقد أن حل أزمة دامت لسنوات ممكن خلال أشهر، خصوصاً إذا كانت الإجراءات قاصرة. الخطوات جيدة، لكنها لن تكون حاسمة، فهناك مسافات طويلة تربط بين المدن، والأعمدة والأسلاك فيها من دون حماية، ويمكن سرقتها بسهولة، والحل الأنجع هو نشر دوريات مراقبة لإعادة الثقة في السلطات ووعودها".
يضيف: "لدينا الكثير من الأسئلة التي يتداولها الناس حول مصير من يتم إلقاء القبض عليهم، أليس من المهم أن يعرف الرأي العام تفاصيل سير محاكماتهم، وشكل العقوبات التي يتلقونها. من دون ذلك ستبقى إعلانات إلقاء القبض عليهم مجرد أخبار، ولن تشكل ردعاً قانونياً".