ليبيا: نزوح بين المناطق بسبب مخاوف أمنية

04 اغسطس 2024
يشهد غرب طرابلس اشتباكات متقطعة بين مجموعات مسلحة (حازم تركية/الأناضول)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **تفاقم المعاناة الأمنية والنزوح الداخلي:** يعاني الليبيون من تدهور الوضع الأمني، مما يضطرهم للنزوح، مثل مصطفى الرفاعي الذي نقل أسرته إلى طرابلس بعد اشتباكات الزاوية.

- **تأثير الاشتباكات على الحياة اليومية:** تشهد مناطق غرب طرابلس اشتباكات متقطعة، مما يؤدي لتعليق الدراسة وإغلاق الطرقات، وتسبب في أضرار للممتلكات الخاصة دون تعويضات.

- **الهجرة بحثاً عن الأمان والاستقرار:** يزداد القلق بين سكان غرب طرابلس، مما يدفع البعض للتفكير في الهجرة إلى المدن الكبرى حيث الأمان النسبي، في ظل استمرار الاضطرابات الأمنية والنزاعات السياسية.

تزداد مظاهر المعاناة التي يعيشها المواطنون الليبيون جراء انهيار الوضع الأمني والانفلات الحاصل منذ سنوات، ومن بينها الاضطرار إلى ترك بيوتهم جراء تكرار مشاهد الاشتباكات المسلحة التي تندلع في أي وقت.
ترك مصطفى الرفاعي، من سكان مدينة الزاوية، غرب العاصمة طرابلس، منزله ونقل أسرته الى منزل مستأجر قرب طرابلس، بعد الاشتباكات المسلحة التي شهدتها المنطقة في يوليو/ تموز الماضي. ويقول لـ"العربي الجديد": "اندلاع القتال بشكل متقطع وفجائي ضيّع شعور المواطنين بالأمان في بيوتهم".
ويوضح الرفاعي الذي نزح من بيته لمدة أسبوعين أنه يفكر في الانتقال الى مكان أكثر أماناً، "إذ لم يمر أكثر من خمسة أيام على رجوعي إلى بيتي حتى اندلعت اشتباكات أخرى استمرت يومين". وقد فكر بالهجرة بعدما غادر أصدقاؤه إلى أماكن أخرى للسبب ذاته، ونقلوا أشغالهم وتجاراتهم الخاصة الى أطراف العاصمة طرابلس التي تنعم باستقرار منذ عام 2020. 
فعلياً، بدأت غالبية المناطق والمدن التي شهدت حروباً لسنوات تعيش في حالة استقرار نسبي، لكن اشتباكات تدور داخل بعضها أحياناً بسبب نزاعات بين مجموعات مسلحة. ومنذ مارس/ آذار الماضي، تشهد مناطق في غرب طرابلس اشتباكات متقطعة بسبب تعارض مصالح المجموعات المسلحة، ما تسبب مرات في تعليق مؤسسات تعليمية الدراسة لفترات مختلفة، وإغلاق طرقات ووقف الحركة فيها حتى التوصل إلى تهدئة تكون مؤقتة في العادة.
واندلعت اشتباكات في الزاوية في 18 مايو/ أيار الماضي، أسفرت عن مقتل شخص وجرح ستة، ثم تجددت الاشتباكات في نهاية يوليو الماضي، حين أجلت فرق الإسعاف والطوارئ 42 عائلة، وهو ما تكرر في غالبية الاشتباكات التي شهدتها مناطق غرب طرابلس رغم أن وزارة الداخلية نشرت وحدات من قوة إنفاذ القانون في أجزاء من هذه المناطق للسيطرة عليها، كما أُقفل المنفذ الحدودي مع تونس برأس جدير منذ نهاية مارس، إثر شن هجوم مسلح عليه أعقبه رفض مجموعات مسلحة تسليم المنفذين إلى أجهزة الجمارك.
وبعدها أجلت فرق الإسعاف والطوارئ في ضاحية تاجوراء، شرقي طرابلس، عدداً من العائلات على خلفية اشتباكات عنيفة اندلعت يوماً واحداً بين فصائل مسلحة.

النزوح من منطقة إلى أخرى في ليبيا أمر محتمل في أي وقت (عبد الله دوما/ فرانس برس)
النزوح من منطقة إلى أخرى في ليبيا أمر محتمل في أي وقت (عبد الله دوما/فرانس برس)

وتضررت مرات الممتلكات الخاصة بالمواطنين من سيارات ومحال ومنازل، ولم يحصلوا على تعويضات، ومن بينهم عبد الرحمن عويلي الذي تضرر منزله جراء الاشتباكات التي شهدها حي الفرنج في العاصمة طرابلس في أغسطس/ آب 2023.
ويقول عويلي لـ"العربي الجديد": "تضررت مرتين من الحرب، الأولى عندما تعرض محلي التجاري في منطقة وادي الربيع جنوب شرقي طرابلس بسبب الحرب التي شهدتها طرابلس عامي 2019 و 2020، والثانية بعدما تضرر منزلي في حي الفرناج خلال الاشتباكات، ولم أحصل على أي تعويض بسبب عدم النظر في طلبي الذي قدمته الى المحاكم".
ويزداد القلق بالنسبة إلى أوضاع سكان مناطق غرب طرابلس، حيث لا تزال تدور اشتباكات بشكل متقطع وفجائي منذ فبراير/شباط الماضي.
ويتفق علي العكروت، من سكان مدينة العجيلات، مع رغبة الرفاعي في الهجرة إلى المدن الكبرى حيث السيطرة الأمنية أفضل بشكل نسبي من المدن الأصغر. ورغم عزمه على الهجرة، لكنه يبدي حيرته في شأن مكان الإقامة الجديد، ويشير إلى أن أسباب الانتقال لا تتعلق بالمخاوف من الاشتباكات والحروب فقط.
يقول العكروت لـ"العربي الجديد": "الأوضاع التي يعيشها المواطنون في المناطق والمدن التي تعاني من فوضى وصراع المسلحين صعبة، ويعانون من تردي مؤسسات التعليم والصحة، وغياب السيطرة والرقابة على السلع الغذائية التي تكون في الغالب مغشوشة بسبب تفشي عمليات التهريب عبر الحدود".

من جهته، يؤكد الناشط المدني عقيلة الأطرش وجود هجرة متبادلة للمواطنين بين طرابلس وبنغازي، ويقول إن بعضها يتعلّق بملاحقات لأسباب سياسية وأمنية، لكن أكثرها يرتبط ببحث المواطنين عن ظروف أفضل للعيش. ويذكر أن "الحياة توقفت بالكامل في بنغازي طوال أسبوع بسبب حصار مليشيات خليفة حفتر حي السلماني في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، بحثاً عن مطلوبين، ومواطنين قطعوا مسافات طويلة إلى خارج بنغازي بحثاً عن إشارة اتصال لإجراء مكالمات هاتفية".
ومنذ سنوات، يعاني البلد الغني بالنفط من اضطرابات أمنية ونزاعات سياسية، وخلافات بين الفرقاء، ولم تنظم فيها انتخابات برلمانية ورئاسية طال انتظارها.