استمع إلى الملخص
- **أحداث الشويرف والحدود الليبية التونسية**: الشويرف تعد بؤرة تجمع للمهاجرين. في أغسطس/آب 2021، اعتقلت السلطات شبكة تهريب تورطت بمقتل مهاجرين. تم العثور على 12 جثة لمهاجرين في الحدود الليبية التونسية، مما أثار جدلاً حول طرد المهاجرين.
- **منتدى الهجرة عبر المتوسط ومبادرات ليبيا**: في يوليو/تموز، احتضنت ليبيا "منتدى الهجرة عبر المتوسط". طرحت حكومة الوحدة الوطنية مبادرة لنقل جهود مكافحة الهجرة إلى العمق الأفريقي. ليبيا أنفقت أكثر من 330 مليون دولار على رعاية المهاجرين، لكنها لم تتلقَ سوى 30 مليون دولار مساعدات من الاتحاد الأوروبي.
تكافح السلطات في ليبيا لحل ملف الهجرة السرّية بعدما تحوّلت البلاد إلى وجهة رئيسية للمهاجرين الذين لم يتوقف تدفقهم منذ مطلع العقد الماضي. واعتبر العثور على مقبرة جماعية في منطقة الشويرف (غرب) في مارس/آذار الماضي، والتي ضمت رفات 65 مهاجراً سرّياً، من أكثر الحوادث التي أقلقت الأوساط المعنية بملف الهجرة.
ورغم مرور أشهر على كشف الواقعة، لم تظهر نتائج التحقيق، لكنها عادت إلى الضوء أخيراً إثر إعلان مفوض حقوق الإنسان الأممي فولكر تورك، في 7 يوليو/تموز الجاري، أن مكتبه يتابع تقارير عن اكتشاف مقبرة جماعية في الصحراء على الحدود الليبية التونسية، وندّد بالتطورات المتعاقبة والمثيرة للقلق.
وقال فولكر أمام مجلس حقوق الإنسان في جنيف: "أطالب السلطات الليبية بالردّ سريعاً على استفساراتنا، والتحقيق في الجرائم بشكل كامل". وندّد بـ"الانتهاكات الواسعة ضد المهاجرين واللاجئين"، مؤكداً أنه "يحق لذوي من قتلوا أن يعرفوا الحقيقة".
وتعد الشويرف التي تبعد نحو 400 كيلومتر جنوب غرب العاصمة الليبية طرابلس إحدى بؤر تجمّع المهاجرين القادمين من الصحراء الجنوبية باتجاه سواحل البحر، حيث تنتشر عشرات نقاط التهريب نحو أوروبا. وهذه ليست المرة الأولى التي تعلن فيها السلطات الليبية مقتل مهاجرين قرب الشويرف، ففي نهاية أغسطس/آب 2021، اعتقل جهاز البحث الجنائي خمسة أشخاص شكلوا شبكة تهريب تورطت بمقتل عدد من المهاجرين.
وأوضحت السلطات أنه بعدما انقلبت سيارة المهربين التي كانت تقل 20 مهاجراً توفي بعضهم، ترك السائق الباقين يواجهون مصيرهم وسط الصحراء، قبل أن تعثر سلطات البحث على 12 منهم أحياء. وبعد شهر من اعتقال المهربين الخمسة، حررت فرق البحث الجنائي 37 مهاجراً من جنسيات أفريقية عدة كانوا محتجزين في الشويرف، وأوقفت مهربين.
ويرى المهتم بقضايا الهجرة عبد الرزاق الطويل أن "اللافت في المقبرة التي اكتشفت في مارس الماضي، أنها ضمت رفات عدد من المهاجرين. حقيقة المقبرة مفتوحة على كل السيناريوهات، فقد تكون شهدت دفن مهاجرين دفعة واحدة، أو دفن مهاجرين قضوا في فترات متفاوتة كي يخفي المهربون جرائمهم. عموماً لن يتبين كل ذلك إلا من خلال نتائج التحقيقات".
ويرى الطويل أن "تصريح تورك تضمن الإشارة إلى الحدود الليبية التونسية، علماً أن الشويرف ليست منطقة حدودية، لكن هذا التضمين يتعلق بالأحداث المؤسفة الخاصة بطرد المهاجرين من تونس إلى الحدود الليبية خلال العام الماضي. وقد يكون مجرد تخمين، فربْطُ مسؤول أممي بين مكان المقبرة والحدود ليس كلاماً جزافياً. نطالب السلطات الليبية بالبحث عن المتورطين بجريمة المقبرة لأن الجريمة حصلت في أراضي ليبيا، وفي وقت بدأت سلطاتها التنسيق على مستوى عال مع الدول المعنية بملف الهجرة".
وطالبت الأمم المتحدة تونس بوقف طرد المهاجرين باتجاه الحدود مع ليبيا، ونددت بتركهم في العراء، فيما أعلنت السلطات الليبية أنها سمحت بمرور المرضى والأطفال والعجزة فقط، ونقلتهم إلى مراكز إيواء، فيما بقي آخرون عالقون في المنطقة الحدودية.
وفي وثت سابق، أبلغ رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا، أحمد عبد الحكيم حمزة، "العربي الجديد" بالعثور على 12 جثة لمهاجرين سرّيين في المنطقة الحدودية، بينهم أطفال. وتناقلت منصات التواصل الاجتماعي على نطاق واسع فيديوهات أظهرت مهاجرين وسط الصحراء بين ليبيا وتونس، وشهادات تؤكد أنهم أبعدوا قسراً، وهو ما نفته وزارة الخارجية التونسية، ووصفته بأنه "مسّ بصورة تونس لغايات مشبوهة".
وفي وقت سابق من يوليو/تموز، احتضنت ليبيا "منتدى الهجرة عبر المتوسط" بمشاركة أوروبية وأفريقية واسعة، وطرحت حكومة الوحدة الوطنية خلاله مبادرة لنقل جهود مكافحة ظاهرة الهجرة إلى العمق الأفريقي من خلال إطلاق برامج تنموية في الدول التي يخرج منها المهاجرون من أجل رفع مستواهم المعيشي والخدماتي تمهيداً لمنع محاولتهم الوصول إلى أوروبا، ما يعرضهم إلى مصاعب كثيرة على طريق الهجرة، من بينها الموت في الصحراء أو في عرض البحر.
واشتكى وزير الداخلية في حكومة الوحدة الوطنية عماد الطرابلسي من أن "أكثر من مليونين ونصف المليون مهاجر موجودون في ليبيا، ويرجح أن يرتفع هذا الرقم إلى ثلاثة ملايين قريباً في ظل توافد نحو 120 ألف مهاجر سنوياً من جنوب الصحراء". وأن "استمرار هذا التدفق غير المسبوق زاد الجرائم بكل أنواعها، وتحاول ليبيا وحدها معالجة أزمة المهاجرين، في حين لا يوجد تعاون حقيقيّ معها من الدول المعنية بالملف، وقد أنفقت أكثر من 330 مليون دولار على رعاية المهاجرين في مراكز الإيواء العام الماضي، ولم تتلقَ أكثر من 30 مليون دولار مساعدات من الاتحاد الأوروبي".