يعمل معبر رفح البري الرابط بين مصر وقطاع غزة، وهو معبر غزة نحو العالم، كخلية نحل لدعم سكان قطاع غزة، من خلال تسهيل وصول المساعدات الإنسانية بكافة أنواعها، واستقبال مئات الجرحى والمرضى للعلاج في مصر وخارجها.
وفي تفاصيل عمل المعبر، يقول مصدر مصري في معبر رفح لـ "العربي الجديد" إن تعليمات سيادية وصلت إلى المخابرات العامة المصرية، بصفتها المسؤولة عن إدارة معبر رفح، لتقديم كل الدعم اللازم والإمكانات المتاحة في سبيل تسهيل إدخال المساعدات إلى غزة، واستقبال جميع الجرحى والمرضى والأطفال المحتاجين للعلاج في الخارج بشكل فوري، وتقديم الرعاية والاهتمام اللازمين.
ويوضح المصدر أن طواقم عمل المعبر لم تغادره منذ بداية الحرب الإسرائيلية على غزة، وتعمل على مدار الساعة على الرغم من الظروف الأمنية الصعبة التي تحيط العمل في المعبر ومحيطه، بعد تكرار قصف المنطقة الفاصلة بين الجانبين المصري والفلسطيني أكثر من مرة، ووقوع إصابات في صفوف القوات الأمنية التي تعمل على حماية المنطقة الحدودية في محاولة إسرائيلية للحيلولة دون استكمال عمل المعبر في تقديم الخدمة للفلسطينيين.
ويبيّن أنه في أكثر من مرة، كانت هناك نديّة في التعامل مع المواقف الإسرائيلية، وجرى في بعض الأحيان ربط سفر حملة الجوازات الأجنبية بنقل الجرحى الفلسطينيين من شمال غزة إلى معبر رفح. ففي الوقت الذي كانت تصل فيه الإسعافات إلى المعبر برفقة الصليب الأحمر، يكان يُسمح لحملة الجوازات الأجنبية بالدخول إلى حرم المعبر وإدخال المساعدات بكميات كبيرة على عكس الرغبة الإسرائيلية، إلى أن تم الضغط على الاحتلال لإدخال الوقود إلى المؤسسات الأممية أيضاً.
ويشير إلى أنه فور وصول أي قرار بإدخال المزيد من المساعدات أو الوقود، تحضر القافلة على الفور وتتحرك باتجاه المعبر، ومن ثم إلى التفتيش في الجانب الإسرائيلي وصولاً إلى قطاع غزة عبر الحدود الفاصلة بين مصر وغزة في معبر رفح البري.
وبلغ عدد الشاحنات التي دخلت عبر الجانب المصري إلى قطاع غزة منذ بداية تشغيل المعبر قبل شهر حوالي 1500 شاحنة، ومن المقرر أن تدخل كمية مقاربة لها خلال أيام التهدئة الإنسانية التي يفترض أن تبدأ اليوم الجمعة وتستمر مدة أربعة أيام قابلة للتمديد.
وأعلنت السلطات المصرية فتح معبر رفح اليوم أمام من يرغب من المواطنين الفلسطينيين العالقين في شمال سيناء والراغبين في العودة طوعياً إلى غزة، كما أكدت السلطات المصرية أنه سيُسمح بعودة باقي العالقين الفلسطينيين الموجودين في القاهرة وبقية محافظات مصر طوعياً بدءا من يوم غد السبت فصاعداً.
ويقول أحد مرافقي المصابين الفلسطينيين الذين وصلوا إلى مستشفى العريش العام، لـ "العربي الجديد"، إننا "شعرنا بحفاوة الاستقبال منذ دخولنا الأراضي المصرية، وقد نقلتنا الطواقم العاملة في المعبر بإسعافات حديثة إلى المستشفى، بعد إنجاز أوراقنا في المعبر بشكل سريع، ومن دون دفع أي رسوم أو إجراء أية معاملات كما يحدث مع المسافرين في الأوقات العادية". يضيف: "رأينا الاهتمام في عيون كل مصري قابلناه منذ دخولنا مصر وحتى اللحظة".
ويوضح أنه "تم تسهيل سفر الجرحى الفلسطينيين الذي لا يحملون جوازات سفر، من خلال الاعتماد على بطاقة الهوية فقط، أو حتى صورة البطاقة، في ظل فقدان آلاف المواطنين بغزة أوراقهم الثبوتية نتيجة القصف الإسرائيلي الذي لم يتوقف منذ 48 يوماً على التوالي، وأدى إلى تدمير عشرات آلاف الوحدات السكنية على مستوى المحافظات".
وكان رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي قد أعلن أنّ "الظرف الإنساني الذي يعاني منه أهالي غزة كان محفّزاً لأبناء الشعب المصري ومؤسسات الدولة للانطلاق بأقصى قدراتهم لتقديم المساعدات إلى أهالي القطاع"، لافتاً إلى أنّ "أكثر من ثلثي المساعدات التي وصلت إليه حتى الآن كان مصدرها مصر، والثلث الآخر مساهمات من بقية شعوب العالم".
ويستدرك مدبولي: "لا أقول هذا على سبيل المفاخرة، بل هو ردّ فعل تلقائي وطبيعي من الدولة المصرية بمختلف مؤسساتها وأبناء شعبها. ودور القاهرة محوريّ في التعامل مع هذه الأزمة العالمية غير المسبوقة، والعالم كلّه يقدّر هذا الدور الكبير".
يتابع مدبولي، بحسب ما نقل بيان لمجلس الوزراء: "لن نتأخّر أبداً، والمساعدات مستمرّة لأهلنا في غزة، بالإضافة إلى استقبالنا بصورة منتظمة وبقدر الإمكان، الجرحى الذين يحتاجون إلى تدخّلات طبية. ونحاول أيضاً بقدر المستطاع إيصال كلّ المستلزمات الطبية التي يحتاجها أهالي القطاع".
يتابع: "على قدر عظم المشكلة والتحدّي الماثل في تلك الأوضاع، يأتي قدر وقوف مصر، قيادة وحكومة وشعباً، مع أهلنا في غزة. والتحدّي الكبير القائم هو المعايير المزدوجة التي يُنظر بها إلى المشكلات والتحديات الإنسانية في الأزمات، وكلّ ما نأمله أن تنتهي هذه الأزمة في أسرع وقت ممكن".
تجدر الإشارة إلى أنّ قرارات القمة العربية والإسلامية الأخيرة تشمل بنداً ينصّ على "كسر الحصار على غزة وفرض إدخال قوافل مساعدات إنسانية عربية وإسلامية ودولية، تشمل الغذاء والدواء والوقود، إلى القطاع بشكل فوري، ودعوة المنظمات الدولية إلى المشاركة في هذه العملية".