"المتطوعون جزء من استمرارية ازدهار كرة القدم، وبفضلهم يمكن لمس الشعبية الكبيرة التي تحظى بها اللعبة ومدى عشق الجماهير لها"، بهذه الكلمات وصفت الأمينة العامة للاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) فاطمة سامورا الأشخاص الذين أعلنوا عن رغبتهم في التطوع في سياق بطولة كأس العالم لكرة القدم 2022 التي تستضيفها قطر وتنطلق صافرة مبارياتها في العشرين من نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، لتتواصل على مدى 29 يوماً.
وقد اختير 20 ألف متطوّع من بين أكثر من نصف مليون شخص تسجّلوا في برنامج متطوعي المونديال، علماً أنّ الاتحاد الدولي كان قد أفاد في بيان سابق بأنّ ارتفاع أعداد المسجّلين في برنامج التطوّع دليل واضح على الشغف والحماسة.
وقد وصف رئيس الاتحاد الدولي جياني إنفانتينو، في تصريحات أوردها البيان، الارتفاع غير المسبوق في عدد الأشخاص المنضمين إلى منصّة التطوع بـ"الأمر الرائع". ولفت إلى أنّ منصّة المتطوّعين صارت مجتمعاً عالمياً حقيقياً، فيما شدّد على "الدور الرئيس الذي يؤدّيه المتطوّعون في البطولات بنشاطهم الكبير، إذ يضفون أجواء خاصة ويساهمون بأوقاتهم وخبراتهم لضمان استمرار الرقي والازدهار في كرة القدم، بعدما أكّدوا للجميع التزامهم وحبّهم للعبة كرة القدم بهذا الإقبال الكبير".
من جهته، كشف مدير استراتيجية التطوّع في اللجنة العليا للمشاريع والإرث، ناصر المغيصيب، في تصريحات صحافية محلية، عن إجراء نحو 60 ألف مقابلة مع الراغبين في التطوّع من 180 دولة، ليقع الاختيار على 20 ألف متطوّع، 15 ألفاً من الدولة المضيفة وخمسة آلاف من خارج قطر.
ومرّ المتقدّمون لبرنامج التطوّع في بطولة كأس العالم بمراحل عدّة، أُولاها مرحلة التسجيل الذي أُغلق بابه في نهاية شهر يوليو/ تموز الماضي. وفي خلال هذه المرحلة، تجاوز عدد المتقدّمين 400 ألف شخص، وفق قاعدة البيانات. أمّا المرحلة الثانية فهي مرحلة المقابلات التي انتهت بتاريخ 13 أغسطس/ آب الماضي.
وتولّى مهمّة تنفيذ المقابلات متطوّعون قدّموا الدعم لبطولات نُظّمت في قطر تحت مظلة "فيفا"، مثل كأس العالم للأندية 2020 وكأس العرب 2021، علماً أنّ من شروط قبول المتقدّمين أن يكون عمر المتطوّع 18 عاماً فأكثر بحلول الأوّل من أكتوبر/ تشرين الأول 2022، بالإضافة إلى إجادة المحادثة باللغة الإنكليزية، والالتزام بما لا يقلّ عن 10 مناوبات في خلال البطولة. كذلك يتعيّن على المرشّحين ملاحظة أنّ ثمّة أدواراً تطوعية سوف تبدأ قبل الأوّل من شهر أكتوبر المقبل.
طلال بركات، مواطن أردني مقيم في قطر، واحد من المتطوّعين في المونديال، يقول لـ"العربي الجديد" إنّ "عشقي لكرة القدم وولعي بمنتخب البرازيل، راقصي السامبا، وراء رغبتي في التطوّع لأكون جزءاً من هذا الحدث الكروي العالمي وخدمة مونديال 2022، لا سيّما أنّ قطر هي الدولة المضيفة". وعن تقديمه طلباً للتطوّع، يخبر بركات أنّ "البداية كانت بعدما اطّلعت على إعلان فيفا واللجنة العليا للمشاريع والإرث عن دعوة الراغبين في التطوّع لخدمة المونديال. فدخلت إلى الموقع الإلكتروني وسجّلت البيانات المطلوبة، ثم أجريت اختباراً عن بُعد وأجبت عن الأسئلة التي تلقّيتها عبر الإيميل (البريد الإلكتروني) لأتجاوز المرحلة الأولى. فدعتني اللجنة إلى مقابلة شخصية على أرض المعارض في الدوحة، وكانت مع أحد المتطوّعين الذي شارك في تنظيم بطولات سابقة، ونجحت في المقابلة. وفي الثاني من سبتمبر/ أيلول الجاري شاركت في فعالية مع آلاف المتطوّعين، بحضور مسؤولين من اللجنة العليا للمشاريع والإرث وبطولة كأس العالم - قطر 2022، والاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، ومجموعة من أساطير كرة القدم، إلى جانب آلاف المتابعين عبر الإنترنت من أنحاء العالم".
يُذكر أنّ فعالية الثاني من سبتمبر شملت مجموعة من الفعاليات الترفيهية التي نُظّمت لتعزيز التواصل بين أفراد الفريق والتعرّف إلى الأدوار التي سوف توكل إليهم في خلال مشاركتهم في تنظيم المونديال. وقد أُلقي الضوء على الجوانب التشغيلية في خلال البطولة والتي سوف تشمل 45 دوراً للمتطوّعين، بالإضافة إلى استعراض جانب من التحديات التي قد يواجهها المتطوّعون في خلال مشاركتهم في أداء مهامهم، إلى جانب لمحة عن المكافآت التي سوف يحصلون عليها تقديراً لجهودهم في إنجاح الحدث.
وكُشف في خلال الفعالية عن الزيّ الرسمي الخاص بالمتطوّعين والذي يحمل شعار القلب المميّز الذي يرمز إلى روح التطوّع. وأتى بألوان الأسود والأخضر والبنفسجي والأبيض، فيما تضمّن تفاصيل العلامة التجارية "أديداس" بخطوطها الثلاثة. وسوف يحصل كلّ متطوّع على زيّ كامل يضمّ قبعة وقميصَين وسترة وبنطالاً وجوارب وحذاءً، بالإضافة إلى غطاء للرأس اختياري للمتطوّعات.
وبحسب موقع اللجنة العليا للمشاريع والإرث، فقد استعرضت الفعالية رحلة المتطوّعين مع المونديال من خلال مقاطع فيديو وعروض توضيحية تضمّنت مقدّمة عن منصّة التعلم الإلكتروني، إذ إنّ المتطوّعين سوف يتلقّون تدريباً عاماً في مواضيع مثل الاستدامة والوعي الثقافي وخدمة العملاء حتى يتمكّنوا من أداء أدوارهم الأساسية على أكمل وجه.
وتتيح المنصّة للمتطوّعين الوصول إلى محتوى تعليمي شامل لإعداد أنفسهم للقيام بأدوارهم على النحو الذي يناسبهم، بغضّ النظر عن مكانهم، لا سيّما أنّ متطوّعين كثيرين من خارج قطر.
ومن المقرّر أن تشهد المرحلة المقبلة خضوع المتطوّعين إلى تدريب عام وآخر مرتبط بأدوارهم في المونديال، سواء عبر الإنترنت أو من خلال الحضور الشخصي في المواقع الفعلية التي سوف تخصّص لكلّ منهم. ويُعَدّ التدريب في الموقع المخصّص إحدى المراحل النهائية، إذ سوف يُمنَح المتطوّعون فرصة التدريب العملي على المهام التي سوف يؤدّونها في مواقعهم في خلال البطولة.
وتبلغ نسبة الموظفين من المتطوّعين 53.1 في المائة، وقد تصدّر الشباب النسبة الكبرى لجهة الفئات العمرية، علماً أنّ 42.9 في المائة تتراوح أعمارهم ما بين 24 و34 عاماً.
تجدر الإشارة إلى أنّ نحو 2.5 مليون تذكرة لحضور مباريات مونديال 2022 بيعت حتى نهاية أغسطس الماضي، الأمر الذي يؤكّد تصاعد الحماسة للبطولة لدى المشجّعين حول العالم. وسوف يُعلَن عن المرحلة الأخيرة من بيع التذاكر في أواخر سبتمبر الجاري، على أن تُتاح قريباً تذاكر المونديال للشراء عبر منافذ البيع في قطر. يُذكر أنّ البطولة سوف تشهد 64 مباراة على مدى 29 يوماً، ليُسدَل الستار على منافساتها في 18 ديسمبر/ كانون الأول المقبل في استاد لوسيل.