المنظمة العالمية للأرصاد: متوسط درجات الحرارة يتجاوز هدف 1.5 في اتفاق باريس بحلول 2028

05 يونيو 2024
نشطاء مناخ في لاهاي يحتجون ضد دعم الحكومة لصناعة الوقود الأحفوري، في 2023 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- المنظمة العالمية للأرصاد الجوية تحذر من احتمالية تجاوز متوسط درجات الحرارة العالمية لهدف اتفاق باريس بنسبة 80% في السنوات الخمس المقبلة، مع تسجيل مايو 2024 كأشد الشهور حرارة.
- أنطونيو غوتيريس يؤكد على الدور الحاسم للعقد الحالي في الحفاظ على هدف اتفاق باريس بالإبقاء على الاحترار العالمي ضمن 1.5 درجة مئوية، مشيرًا إلى أن الانبعاثات العالمية تسير في اتجاه خاطئ.
- دراسة جديدة تشير إلى ارتفاع حرارة الأرض بمقدار 1.19 درجة مئوية بسبب النشاط البشري، محذرة من تقلص الفترة الزمنية المتاحة للحد من الاحترار وتؤكد على ضرورة اتخاذ إجراءات فورية لخفض انبعاثات غازات الدفيئة.

تتوقع المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، التابعة للأمم المتحدة، بنسبة 80 بالمائة، أن يتجاوز متوسط درجات الحرارة العالمية هدف الـ1.5 درجة مئوية المنصوص عليه في اتفاق باريس التاريخي للمناخ خلال السنوات الخمس المقبلة.

قالت المنظمة، الأربعاء، إنّ من المتوقع أن يكون متوسط درجة الحرارة العالمية القريبة من السطح لكل عام بين عامي 2024 و2028 أكثر سخونة بمقدار يراوح بين 1.1 و1.9 درجة مئوية، مقارنة بما كان عليه في بداية العصر الصناعي.

تشير تقديرات المنظمة أيضاً، إلى أن هناك احتمالاً واحداً من اثنين تقريباً 47 بالمائة بأن متوسط درجات الحرارة العالمية على مدى فترة الخمس سنوات بأكملها يمكن أن يتجاوز 1.5 درجة مئوية، وهي زيادة من 32 بالمائة عن تقرير العام الماضي للفترة من عام 2023 إلى 2027.

وقد استُشهِد بذلك التقرير في خطاب شامل حول تهديد تغير المناخ، الذي ألقاه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس بمناسبة اليوم العالمي للبيئة.

غوتيريس: حرارة قياسية في مايو 

وأكد غوتيريس أن البشر لا يواجهون فقط خطر التغير المناخي، بل يشكلون الخطر أيضاً، مشيراً إلى أن الحل يكمن أيضاً في أيدي البشر. جاء ذلك في كلمة ألقاها الأربعاء خلال فعالية احتضنها المتحف الأميركي للتاريخ الطبيعي في مدينة نيويورك.

وأشار إلى آخر البيانات الصادرة من مرصد كوبرنيكوس لتغير المناخ التابع للمفوضية الأوروبية، التي أظهرت أن مايو/ أيار 2024 كان الأشد حرارة على الإطلاق، وهو ما يمثل 12 شهراً متتالية من أشد الشهور حرارة على الإطلاق. وقال غوتيريس: "إننا مثل النيزك الذي قضى على الديناصورات، نُحدث تأثيراً أكبر مما ينبغي". وأضاف: "في حالة المناخ، لسنا نحن الديناصورات. بل نحن النيزك. فلسنا فحسب في خطر، إننا نحن الخطر، لكننا أيضاً الحل".

ولفت غوتيريس إلى أنه بعد ما يقرب من عشر سنوات على اعتماد اتفاق باريس، فإن هدف الإبقاء على الاحترار العالمي على المدى الطويل في حدود 1.5 درجة مئوية "معلق بخيط رفيع". وتابع: "الحقيقة أن الانبعاثات العالمية ينبغي أن تنخفض بنسبة 9 بالمائة كل عام حتى 2030 للحفاظ على إمكانية الإبقاء على الاحترار في حدود 1.5 درجة مئوية. لكنها بدلاً من ذلك تنحو منحى خاطئاً". وشدد غوتيريس على أنه حتى اليوم "نحن ندفع حدود الكوكب إلى حافة الهاوية، إذ نحطم أرقاماً قياسية في درجات الحرارة العالمية ونحصد ما زرعناه".

ارتفاع قياسي لحرارة الأرض الناجم عن النشاط البشري

وفي سياق متصل، حذّر عشرات من أبرز الباحثين في دراسة نشرت نتائجها، الأربعاء، من أن ارتفاع حرارة الأرض الناجم عن النشاط البشري بلغ "مستوى غير مسبوق" فيما تضيق الفترة الزمنية المتاحة للحد من ارتفاع الحرارة عند 1.5 درجة مئوية.

وذكر العلماء أن "ارتفاع حرارة الأرض الذي يسببه الإنسان زاد بمعدل غير مسبوق في القياسات التي أجريت باستخدام أدوات علمية، ليبلغ 0.26 درجة مئوية في الفترة بين 2014 و2023".

هذه الوقائع التي نُشرت في مجلة بيانات نظام الأرض العلمية (إرث سيستم ساينس داتا) ثمرة عمل نحو ستين باحثاً معروفاً يعتمدون على أساليب الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ. وتكمن أهمية الدراسة في أنها توفر مؤشرات محدثة بناءً على تقرير الخبراء من دون انتظار الدورة القادمة بعد سنوات.

بالنسبة إلى حقبة ما قبل الصناعة، بلغ هذا الاحترار الذي سببه الإنسان 1.19 درجة مئوية خلال العقد الحالي، وهو ما يظهر زيادة واضحة مقارنة بالأرقام الواردة في التقرير الأخير الذي نُشر قبل عام (+ 1.14 درجة مئوية خلال الفترة 2013-2022). بالنسبة إلى عام 2023 وحده، بلغ الاحترار الناجم عن النشاط البشري 1.31 درجة مئوية، وبلغ إجمالي الاحترار المسجل 1.43 درجة مئوية، لأن التقلب الطبيعي للمناخ لعب دوراً أيضاً بدءاً من ظاهرة إل نينيو.

 ضرورة احتواء درجات الحرارة

يعتزم العلماء تقديم بيانات محدثة سنوياً، لإبلاغ المشاركين في مفاوضات مؤتمر الأطراف والنقاش السياسي، فيما يُعتبر العقد الحالي حاسماً لإنقاذ أهداف اتفاق باريس لعام 2015 الذي يهدف إلى احتواء الاحترار عند أقل من درجتين مئويتين، وإذا أمكن عند 1.5 درجة مئوية.

ونُشرت هذه الوقائع في وقت يجتمع ممثلون من جميع أنحاء العالم في بون، لدفع مفاوضات المناخ قبل مؤتمر الأطراف التاسع والعشرين المقرر عقده في باكو نهاية العام (11-22 نوفمبر/ تشرين الثاني).

وصرّح بيير فريدلينغشتاين، من جامعة إكستر للصحافة: "بالنسبة إلينا يذكرنا ذلك بضرورة وأهمية المفاوضات واتفاقات الحد من انبعاثات غازات الدفيئة".

وذكرت عالمة المناخ فاليري ماسون ديلموت: "إن التحرك المناخي مهم، لأن كل زيادة إضافية في ظاهرة الاحترار بسبب الأنشطة البشرية تزيد المخاطر الجسيمة"، في إشارة إلى موجات الحر الأخيرة أو الجفاف أو الأمطار الغزيرة في جميع أنحاء العالم. كذلك تسلط الضوء على "نجاح الإجراءات الجماعية" على سبيل المثال في حماية طبقة الأوزون. وشارك في الدراسة جميع العلماء الذين استُشهِد بهم.

ظاهرة الاحترار ناجمة عن انبعاثات غازات الدفيئة - الناتجة بشكل رئيسي من الاستخدام المكثف للوقود الأحفوري (النفط والغاز والفحم) - الذي بلغ مستويات قياسية: حوالى 53 مليار طن من ثاني أكسيد الكربون سنوياً خلال الفترة 2013-2022. ويشير العلماء إلى تأثير آخر لعب دوراً أيضاً، وهو انخفاض التبريد بسبب الجزيئات الملوثة العالقة في الهواء التي تعكس الشمس وتسمح بتكوين بعض السحب.

وقال غلين بيترز من مركز أوسلو لأبحاث المناخ الدولية، إن "السبب الرئيسي هو السيطرة على تلوث الهواء أولاً في أوروبا والولايات المتحدة، وأخيراً في آسيا، وخصوصاً في الصين".

 "قليل من التفاؤل" 

أما ميزانية الكربون المتبقية، فهي آخذة في التراجع. وهي تشير إلى هامش المناورة، وهو الكمية الإجمالية من ثاني أكسيد الكربون التي لا يزال من الممكن انبعاثها مع الحفاظ على فرص بنسبة 50% للحد من احترار الأرض بما لا يتجاوز 1.5 درجة مئوية. وتبلغ هذه "الموازنة" حوالى 200 مليار طن فقط، أي ما يعادل حوالى خمس سنوات من الانبعاثات بالمعدل الحالي، مقارنة بـ 250 ملياراً في النسخة الأخيرة من الدراسة قبل عام.

وكتب العلماء: "إنه عقد حاسم". وأضافوا: "من المتوقع الوصول إلى ارتفاع درجة حرارة الأرض بمقدار 1.5 درجة مئوية أو تجاوزه في العقد المقبل"، في ظل غياب تبريد يمكن أن ينجم عن ثوران بركاني كبير. وأكدوا أنه "أيضاً العقد الذي نتوقع فيه أن تصل الانبعاثات العالمية إلى ذروتها قبل أن تبدأ بالانخفاض بشكل كبير".

ورغم المستويات القياسية التي سُجِّلَت، إلا أن وتيرة الزيادة في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون تباطأت في العقد الحالي مقارنة بالعقد الأول من القرن الحادي والعشرين. ويعبّر التقرير عن "القليل من التفاؤل" على حد قول المؤلف الرئيسي بيرس فورستر من جامعة ليدز.

(فرانس برس، أسوشييتد برس، الأناضول)

المساهمون