رفض مجلس الشيوخ المصري، الاثنين، مشروع قانون مقدم من الحكومة بتعديل بعض أحكام قانون التعليم، والذي يهدف إلى عودة "التحسين" في شهادة الثانوية العامة، وتحويلها إلى نظام السنوات الثلاث بدلاً من سنة واحدة، كونه سيزيد من الأعباء والضغوط النفسية على الطلاب والأسر المصرية.
وأعلن رئيس هيئة حزب "مستقبل وطن" الحائز على الأغلبية في المجلس حسام الخولي رفض التعديل المقدم من الحكومة، قائلاً: "من الصعب أن نصوت بالموافقة على القانون، لأن تحويل الثانوية العامة من سنة واحدة إلى ثلاث سنوات معناه المزيد من الدروس الخصوصية، مع الاعتراف بالجهد الذي تقوم به الوزارة، والصعوبات والمشكلات التي تواجهها".
بدوره، رفض ممثل هيئة حزب "حماة الوطن" طارق فاروق مشروع القانون، قائلاً: "العملية التعليمية في مصر أصبحت حقلاً للتجارب في كل مرحلة دراسية، وتطبيق النظام الجديد لشهادة الثانوية العامة صعب للغاية في الوقت الراهن، لما يشكله من عبء على كاهل الأسر المصرية".
وأعلن وكيل المجلس رئيس حزب "الوفد" بهاء الدين أبو شقة رفض تعديل القانون، قائلاً: "لا بد أن نبحث في الغاية والهدف من إصدار أي مشروع قانون، لأن التعليم في مصر ليس قاصراً على الثانوية العامة فقط، أو الاختيار بين نظام تراكمي لثلاث سنوات أو سنة واحدة، وإنما أبعد من ذلك، وهو التأسيس لدولة عصرية حديثة".
وقالت وكيلة المجلس فيبي فوزي إن "مشروع القانون يخلق تمييزاً بين الطلاب بسبب عودة نظام التحسين مقابل خمسة آلاف جنيه للمادة الواحدة، ويواجه شبهة عدم دستورية، والموضوع برمته يحتاج إلى مزيد من البحث والدراسة، مع إمكانية البدء بتطبيق النظام الجديد في مرحلة سابقة للشهادة الثانوية".
وشهدت الجلسة مشادات كلامية بين نواب ووزير التربية والتعليم طارق شوقي، الذي وجه لوماً للمجلس على رفض مشروع القانون بقوله: "مجلس الشيوخ يقف عائقاً أمام سياسة تطوير التعليم"، الأمر الذي أثار غضب النواب.
وقال النائب عصام هلال: "حضرت إلى المجلس اليوم محملا بهموم المواطنين وآراء المتخصصين بضرورة رفض هذا المشروع، وكان لدي أمل أن أجد في حديث وزير التعليم ما يجعلني أغير موقفي من تعديلات القانون. بيان الوزير زادني قناعة بضرورة رفض هذا المشروع، وأقول له: لست صاحب الرؤية الوحيد في الدولة لتطوير التعليم، فنحن كمجالس نيابية منتخبة شركاء الحكومة في إعداد رؤى التطوير".
وقال رئيس مجلس الشيوخ عبد الوهاب عبد الرازق للوزير: "ليس هكذا تدار المناقشات، فمجلس الشيوخ لم يكن عائقاً لسياسة الدولة. ليس معنى أن هناك آراءً رافضة لمشروع القانون، أن ذلك يعني رفض التطوير".
وأوصت لجنة التعليم في مجلس الشيوخ، في تقرير لها، برفض مشروع القانون، قائلة إن "فرض رسوم على الراغبين في تحسين درجاتهم مقابل إعادة الامتحانات يتعارض مع الإلزام الدستوري الخاص بمجانية التعليم الحكومي، ومع المبدأ الدستوري الخاص بتكافؤ الفرص بين جميع المواطنين، لا سيما أن نظام التحسين في الثانوية العامة كان يطبق في الماضي من دون مقابل مادي".
السيسي طلب إجراء امتحانات الثانوية العامة إلكترونياً من خلال أجهزة (التابلت)
واعتبرت اللجنة أن تطبيق نظام الاختبارات الإلكترونية على أجهزة "التابلت" لطلاب الصف الثالث الثانوي أمر غير مقبول، ولا يمكن تدارك مخاطره، مدللة على ذلك بحدوث العديد من المشكلات خلال أداء طلاب الصفين الأول والثاني الثانويين للامتحانات، وتكرارها في امتحانات الفصل الأول من العام الدراسي الحالي، بما يثير الشك والقلق لدى الطلاب وأولياء الأمور، إذ إن عدداً كبيراً من الطلاب لم يتمكنوا من أداء الامتحان بسبب الانقطاع المتكرر لشبكة الإنترنت.
وقال وزير التعليم المصري طارق شوقي، خلال الجلسة، إن الرئيس عبد الفتاح السيسي طلب إجراء امتحانات الثانوية العامة إلكترونياً من خلال أجهزة (التابلت)، بدلاً من إجرائها ورقياً كما هو متبع حالياً، مؤكداً التزام الوزارة بتنفيذ الطلب الرئاسي، وأن "إجراء الامتحانات إلكترونياً من سلطات الوزير".
وأضاف شوقي أن "تعديلات قانون التعليم بشأن تحويل الثانوية العامة لنظام تراكمي ليست وليدة اللحظة، وإنما هي مشروع قومي للدولة"، مستطرداً بأن رفض لجنة التعليم في مجلس الشيوخ للتعديلات "أثار بلبلة كبيرة في وسائل الإعلام"، وتمنى أن يتحدث أعضاء المجلس مع السلطة المختصة لاستيضاح الهدف من النظام الجديد.
وتابع: "التعليم المصري كان يحتل المركز قبل الأخير عالمياً في عام 2017، بسبب مقاومة أولياء الأمور للنظام الجديد للثانوية العامة، ورغبتهم في الحفاظ على نظام آمن يضمن وصول أبنائهم إلى الجامعة بطرق سهلة وبسيطة. الموضوع مثل الذي يرغب في استخراج رخصة قيادة للسيارة وهو لا يعرف القيادة، وكذلك الطالب لا يريد الذهاب للامتحان ويرغب في أخذ الشهادة. ومنح الطلاب شهادات لدخول الجامعة، رغم عدم تعلمهم بصورة جيدة، يعني رغبتنا في تدمير البلد، وهو ما نسعى إلى تغييره، والاختبار الإلكتروني هو الخيار الأمثل".
وأضاف: "أولياء الأمور يدفعون مبالغ طائلة على الدروس الخصوصية، ويرفضون دفع أموال زهيدة للحكومة، وعدم اعتماد النظام التراكمي في الثانوية العامة يعيدنا إلى المربع صفر، ويوقف عملية التطوير، التي تستهدف في المقام الأول استبدال التعليم المصري من الألف إلى الياء. عملية التحسين تمنح الطالب أكثر من محاولة، وتتضمن رسوما زهيدة مقارنة بأموال الدروس الخصوصية، ومجانية التعليم منصوص عليها في الدستور، ولكنها غير مطبقة بصورة عملية على أرض الواقع".
وأضاف: "الفكرة في تعديلات القانون ليست الرسوم كما يتخيل البعض، لأن الدولة وفرت أجهزة التابلت من دون مقابل للطلاب، وكذلك المنصات الإلكترونية، والثانوية العامة تتكلف حوالي مليار و300 مليون جنيه كل عام كنفقات للتأمين في مواجهة ظاهرة الغش، والتي تورط فيها نحو 85 في المائة من الطلاب خلال السنوات السابقة".
واستكمل: "الأخذ بنظام الدرجات التراكمي معمول به في النظامين الأميركي والبريطاني للتعليم، وهدفنا أن نقدم تعليماً حقيقياً، وأن نقدم للطالب مكافأة على جهد 3 سنوات، ومنحه الفرصة لتطوير ذاته، لأن الأمر لا يجب أن يقتصر على مجرد حصوله على شهادة مزيفة بمنطق الحفظ والتلقين. الدروس الخصوصية أصبحت مرضاً مزمناً، رغم توفير بدائل مجانية للطلاب، والثانوية العامة هي علقة كل وزير تعليم في مصر".