بات عددهم 60 حرفياً بعدما كان رقماً خجولاً اقتصر على 15 في البداية، وهم يزاولون حرفاً متعددة من أجل حماية الهوية الثقافية اللبنانية، ودعم التراث.
يقول رئيس مجموعة "حِرَف" بلال قرقدان، المتحدر من مدينة صيدا والذي يحمل شهادة "ماجستير" في تخصص التنمية الاجتماعية والاقتصادية، لـ"العربي الجديد":" أنا مهتم في الأساس بموضوع الفنون والحِرَف اللبنانية، والحفاظ على كل أشكال التراث المادي وغير المادي، من الحفر على الخشب إلى إنتاج الصابون والرسم على الزجاج. وفي مجموعة "حِرَف" نصنع كل ذلك يدوياً، ومن يستطع تطوير عمله يعمل على ذلك للمساعدة في تأمين معيشة عائلته وتأمين دخل، لكن في لبنان، لا احتضان لمجموعات الحرفيين، ولا قوانين لحماية إنتاجهم، من هنا راودتنا فكرة خلق هذا التجمع كي نستطيع أن نشارك بأكبر عدد من الحرفيين في المعارض التي تنظم في المناسبات والأعياد، وندعم تسويق المنتجات اليدوية وأرباحها. ومع مرور الوقت، صارت مجموعتنا تضم 60 حرفياً".
يتابع: بدأت عملية تجميع الحرفيين عام 2019، وحاولنا الاتصال بعدد كبير ممن يعملون بأيديهم كي نساعدهم في زيادة إنتاجهم. ونعمل حالياً للتواصل مع مراكز تجارية من أجل عرض منتجات الحرفيين الذين يعمل غالبيتهم في بيوتهم، كما نعمل لإنشاء منصة لتسويق هذه الحرف خارج لبنان".
يضيف: "تعكس الأعمال المقدمة الهوية اللبنانية، علماً أن بعض الحرفيين يعملون بمواد القش والصنوبر والخشب، ونطالب بتوفير غطاء قانوني لوضع علامة صُنع في لبنان على صناعات هؤلاء الحرفيين، ونسوقها داخل لبنان وخارجه، كما نحتاج إلى نقابة للحرفيين تملك القدرة على تصريف بعض المنتجات من خلال ضمان مشاركة حرفيين في معارض موسمية، علماً أننا نسوّق المنتجات حالياً عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وشكلنا لجنة لبحث إمكان مشاركة الحرفيين في المعارض، فالحرفي لا يستطيع بمفرده المشاركة في معرض تبلغ تكلفة استئجار طاولة فيه 700 و800 دولار.
ويقول أحمد كيوان، المتحدر من بلدة شحيم ويقيم في مدينة صيدا: "أعمل أساساً في الفحم، ولدي موهبة في الحفر على الخشب منذ أن كنت صغيراً، حين كنت أعيد تدوير الخشب الذي يرمى على الأرض. وبدأت أعمالي بالخشب تتوسع بعدما شجعني رفاقي على المشاركة في معارض. وبالفعل، بدأت في العمل لتنفيذ الفكرة، لكنني لم أكن أملك معدات كافية، فالتحقت بدورة نفذتها الوكالة الأميركية للتنمية الدولية في مدينة صيدا عام 2019، أي في فترة بدء تأسيس مجموعة حِرَف. وفي عام 2020، التحقت بدورة تدريبية على تنفيذ الأعمال الصغيرة، والتي قدمت لنا معدات يدوية تخدم عملي تحديداً، كما اشتريت معدات من خارج لبنان، وباشرت تطوير عملي".
ويتابع: "صرت أهتم بجمع الحطب وإعادة تدويره من خلال تحويله إلى أوانٍ تصلح للاستخدام، وأحاول أن أعمل منتجات لبنانية تحل بدلاً من تلك المستوردة المكلفة، لكن الشعور السائد بأن الحرفيين مهمشون، وعملنا لا يحظى بتقدير، وهمنا تسليط الضوء على الحِرَف".
أيضاً، تقول غنوة كرجية، التي تقيم في مدينة صيدا والمتخصصة في المحاسبة، لـ"العربي الجديد":" أعمل في الإكسسوارات اليدوية التي كانت مجرد هواية بالنسبة لي في البداية، ثم امتهنتها بتشجيع من رفيقاتي، وصرت أشارك في معارض وأحتك بالناس، وصار لدي شغل أكثر وتشجيع أكبر من قبل من يحيطون بي".
وعن الإقبال على الإكسسوارات اليدوية، تقول: "الإقبال كبير لأن الهدايا المستوردة التي تشبهها ارتفع ثمنها فعلياً، أو هي على طريق الارتفاع بسبب زيادة التعرفة الجمركية. وإذا أردنا اليوم شراء قطعة إكسسوار نسائي من السوق فلن يقل سعرها عن 500 ألف ليرة (12 دولاراً)، أما القطعة التي أبيعها فكلفتها 150 ألف ليرة لبنانية (4 دولارات).
وعن مجموعة "حِرَف"، تقول غنوة: "تعرفنا على بعضنا من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، وكل شخص منا يستفيد من الآخر. ونطمح إلى أن يصل عملنا إلى جميع أنحاء لبنان وخارجه، ونحن نبيع بعض إنتاجنا إلى أشخاص يسافرون، ويريدون شراء هدايا لأقاربهم وأصدقائهم".
ويقول نقولا القاضي، وهو من منطقة كفريا في البقاع الغربي ويعمل مهندساً زراعياً: "جئت كي أجعل الناس يرون مهنة صنع سلال من قصب التي ورثتها عن أبي وجدي، وتعلمتها حين كنت صغيراً".
يضيف: "تمنحني هذه المهنة راحة نفسية، وأنا أساعد أخي الذي احترف صناعة السلال ويعمل فيها. ونحن نصنع السلال لمحال الزهور، ونجمع القصب من ضفاف الأنهار، ونحوّله إلى حِرَف نعتبر أنها تعكس هوية لبنان".