محمد غانم المعاضيد: العمل الإنساني والخيري يجب أن يبقى مستقلاً

الدوحة
أنور الخطيب
أنور الخطيب
صحافي أردني. مراسل "العربي الجديد" في قطر.
18 أكتوبر 2022
حوار خاص مع رئيس الهلال الأحمر القطري  حول فوزه بجائزة "هنري دونان"
+ الخط -

شكل فوز رئيس مجلس إدارة الهلال الأحمر القطري السابق، محمد غانم المعاضيد، العام الماضي، بوسام "هنري دونان"، وهو أعلى جائزة تمنحها المنظمة الدولية للصليب الأحمر، وتحمل اسم مؤسسها، اعترافاً بالدور والتأثير الكبير الذي لعبه هو والهلال الأحمر القطري على مدار أكثر من 20 عاماً في مجال العمل الخيري والإنساني.
ويقدم الوسام الرفيع لإحدى الشخصيات المؤثرة مرة كل عامين منذ عام 1969، وتم اقتراحه لأول مرة من قبل اللجنة الدائمة للاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر في عام 1963 بالتزامن مع مرور 100 عام على تأسيس الصليب الأحمر.
يقول المعاضيد الذي تم تقليده الوسام في حفل خاص أقيم في صيف عام 2021 الماضي، لـ"العربي الجديد"، إن "الوسام يعد الأعلى في مجاله، والحركة الدولية للصليب والهلال الأحمر تتكون من 890 جمعية وطنية، وجاء تكريماً للأداء المؤسسي للهلال الأحمر القطري الذي تشرفت برئاسته طيلة سنوات، وتم ترشيحي بالإجماع لنيل هذا التكريم، وهو ليس تقديراً لشخصي فحسب، بل تقديرا للمؤسسة التي شرفت بإدارتها".
ويعلق المعاضيد في معرض رده على سؤال لـ"العربي الجديد" على كونه أول شخصية قطرية تفوز بهذا الوسام، قائلاً: "عملت نائباً لرئيس الاتحاد الدولي للصليب والهلال الأحمر، وترأست لجاناً مختلفة، وساهمت في تأسيس دستور الاتحاد، وخريطة الطريق لعمل الجمعيات الخيرية أثناء النزاعات المسلحة، وسعادتي لها ثلاثة أبعاد، الأول يتمثل بالعائلة والأبناء، والثاني أن تتقن عملك، أما البعد الثالث فهو خاص بعمل الخير الذي لا تنتظر رداً عليه، وما تحقق يعد تكريماً وتتويجاً لدولة قطر، وللمجموعة التي عملت معي في الهلال الأحمر القطري، سواء في الداخل أو الخارج، ففرقنا منتشرة في نحو 50 بلداً".
وحول بداياته في العمل الخيري والإنساني، يقول: "بدأت العمل في عام 2000، قبل أحداث 11 سبتمبر/أيلول، وعندها كانت الأوضاع مريحة، والجمعيات الخيرية تعمل بشكل سهل، ومن دون رقابة، وكان يطلق على الجمعيات الخيرية في منطقة الخليج العربي اسم (الجمعيات المانحة الجديدة) تمييزاً لها عن الجمعيات الخيرية الأوروبية التي كانت نشطة في هذا الوقت، وأعتقد أن الجمعيات الأوروبية كانت وما زالت تعمل بقوة، ودعمتها الجمعيات الخليجية، وأيضاً الجمعيات الخيرية الليبية في وقت سابق".

ويلفت المعاضيد إلى أن "البيئة التي عملت فيها الجمعيات الخيرية الإنسانية تغيرت بعد تفجيرات 11 سبتمبر 2001، في الولايات المتحدة، إذ أغلقت كثير من الجمعيات الخيرية أبوابها في العديد من الدول نتيجة الضغوط والضوابط الكثيرة التي تم فرضها، في حين حمت بعض الدول العمل الخيري الإنساني، ومنها دولة قطر التي قامت بتأسيس هيئة الأعمال الخيرية، وهي هيئة حكومية مستقلة أنشئت بقرار أميري في عام 2014، بغرض تنمية وتشجيع الأعمال الخيرية والإنسانية، وتطويرها وصولاً إلى مستويات عالية من الكفاءة والشفافية، وأصبحت هناك ضوابط وإجراءات ونظم إدارية ومحاسبية دقيقة تتبعها الجمعيات الخيرية في قطر، وهو ما يعد تطوراً إيجابياً ساهم ويساهم في مأسسة هذا العمل الإنساني، فيما لجأت دول أخرى إلى إغلاق الأبواب في وجه هذه الجمعيات والعمل الإنساني الخيري".
وفيما يخص أبرز التحديات التي واجهها الهلال الأحمر القطري بعد أحداث 11 سبتمبر، يقول: "عندما بدأ غزو أفغانستان، وسيطر القادة العسكريون على البلاد، تدخلت الجيوش في عملية إيصال وتوزيع المساعدات الإنسانية بحجة أنها تريد منع تأثيرها على الحرب، فسيطرت على المساعدات، وهو أمر مخالف لطبيعة العمل الخيري الإنساني الذي يجب أن يكون مستقلاً، وأن لا تكون له أي علاقة بالسياسة، وبمجرد القبول بهذا الوضع تكون الجمعيات الخيرية في مأزق، فالعمل الخيري ينبغي أن يظل مستقلاً للعديد من الاعتبارات، ومن أهمها حماية الموظفين والمتطوعين، وقد استطاعت العديد من الجمعيات الخيرية تجاوز العاصفة، ونجحت في التأقلم مع الضوابط والإجراءات التي وضعت بعد تغيير بيئة العمل".

ويشير المعاضيد إلى أن "فلسفة العمل الإنساني قائمة على توصيل المساعدات، وهناك عدة طرق وقنوات لفعل ذلك، فقد تكون من شخص إلى شخص، ومن دولة إلى دولة، ومن خلال منظمات الأمم المتحدة، وأيضا عبر جمعية خيرية إلى جمعية خيرية أخرى، ومنها جمعيات الصليب والهلال الأحمر المنتشرة في معظم دول العالم، ولا أحد يريد أن يكون العمل الإنساني عشوائياً، أو يتم تسييره من تحت الطاولة، بل يجب أن يكون عملاً مؤسسياً".
وحول تكرار الكوارث في أكثر من دولة، وعدم وجود بنية تحتية إدارية أو مشاريع خيرية مناسبة تمنع تفاقمها، أو التخفيف من آثارها، يرد بالقول، إنه في تلك الأوضاع هناك إجراءات متبعة تحتاج معها الجمعيات الخيرية إلى دعم تنموي من الدول التي تقع فيها الكارثة، "فإذا وقعت مشكلة تكون مؤسسات المجتمع المدني في المنطقة أو الدولة الأقدر على التعامل معها، وعادة ما ينظر الناس إلى الدولة على أنها قادرة على كل شيء، لكن الكارثة وفق تعريفها أكبر من قدرة أي دولة، وبالتالي على المجتمع أن يتكاتف ويتضامن في مواجهة الكوارث، ويدعم دور الدول لتخفيف آثارها، والخروج منها بأقل الأضرار".
وعن أهم الذكريات التي حملها معه بعد فترة تجاوزت العقدين من العمل في الهلال الأحمر القطري، يقول: "كنا سباقين في الاستجابة للعديد من الكوارث، والتي كان من أبرزها الزلزال الذي تبعه موجات تسونامي في المحيط الهندي عام 2004، ونتج عنه خسائر كبيرة، خاصة في أندونيسيا، وكنا من أوائل المؤسسات الإنسانية التي وصلت إلى المنطقة، وقمنا بالعمل في تقديم المساعدات، والتخفيف من آثار الكارثة، ثم طلبت منا منظمات الأمم المتحدة والصليب الأحمر الدولي، قيادة عمليات الإغاثة في المناطق المنكوبة، فأصبحت عمليات الإغاثة تتم من خلالنا وبقيادتنا، ما شكل اعترافاً دولياً بدورنا وتأثيرنا".

ويضيف: "لا يفوتني أن أذكر الاقتراح الذي تقدم به الهلال الأحمر القطري، لاعتماد يوم عالمي للاحتفال بالقانون الدولي الإنساني، وتعريف الناس به بهدف الحفاظ على كرامة الإنسان خلال الحروب والكوارث، والذي تم إقراره في عام 2015، كما تم إدراج برامج ماجستير في القانون الدولي الإنساني في مختلف جامعات العالم، وقمنا بالتنسيق مع منظمة التعاون الإسلامي في هذا الشأن، وتم تأصيل هذا القانون من خلال باحثين في القانون وفي الشريعة الإسلامية، ونقلنا تجربتنا هذه للجمعيات الإنسانية الأخرى بعد أن قمنا بالتعاون مع جامعة قطر بتخريج متخصصين للتدريب على هذا القانون".
وتأسست جمعية الهلال الأحمر القطري في مارس/آذار 1978، كأول منظمة خيرية تطوعية في قطر، وهي تهدف إلى مساعدة وتمكين الأفراد والمجتمعات الضعيفة، وتم الاعتراف بها دولياً في عام 1981، عبر الانضمام إلى الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر.

ذات صلة

الصورة
مواطنون قطريون يصوتون على التعديلات الدستورية (العربي الجديد)

سياسة

أعلنت اللجنة العامة للاستفتاء على مشروع التعديلات الدستورية في قطر إغلاق صناديق الاقتراع بجميع اللجان عند الساعة السابعة من مساء الثلاثاء بتوقيت الدوحة
الصورة
وضع حجر الأساس لمستشفى بيروت الحكومي الجامعي-الكرنتينا - بيروت - لبنان - 16 سبتمبر 2024 (محمد سلمان)

مجتمع

وُضع حجر الأساس للمبنى الجديد لمستشفى بيروت الحكومي الجامعي - الكرنتينا، ومن المتوقّع الانتهاء من إعادة إعماره وتجهيزه بالكامل بتمويل دولة قطر بعد عامَين.
الصورة
شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية في وقفة في اليوم العالمي للعمل الإنساني - الضفة الغربية - 19 أغسطس 2024 (العربي الجديد)

مجتمع

وجّهت شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية، في يوم العمل الإنساني، نداء من أجل حماية العاملين الإنسانيين من استهدافات الاحتلال ووقف الحرب على قطاع غزة.
الصورة
توزيع أضاحي الهلال الأحمر القطري (العربي الجديد)

مجتمع

نفذ الهلال الأحمر القطري مشروع الأضاحي لمساعدة النازحين في شمال سورية وتخفيف الأعباء الكبيرة التي يواجهونها بعد سنوات من تركهم ديارهم.
المساهمون