انطلقت، الخميس الماضي، العطلة المدرسية في تونس، التي تتزامن مع احتفالات السنة الجديدة، غير أنّ لـ"عطلة الشتاء" كما يسمّيها التونسيون، مذاقاً آخر هذه السنة، حيث يواصل كورونا محاصرة البلاد، في وقت تضاعف فيه إرهاق التلاميذ وتعبهم، نظراً لضغط الوقت وتكدّس الامتحانات.
وودّع التلاميذ في مختلف الأقسام مقاعد المدارس دون أن يتسلّموا بطاقات الأعداد والنتائج الفصلية الأولى لأول مرة. فبعد أسابيع من المراجعة المرهقة ولخبطة الجداول ونظام الأفواج، وتدافع الامتحانات وتكدّس الفروض، انطلقت العطلة التي تنتهي مطلع العام الجديد، يوم 3 يناير/ كانون الثاني 2021.
وتنطلق العطلة لهذا العام، لأول مرة، متأخرة بثلاثة أيام عن العادة. إذ جرت العادة أن تكون "عطلة الشتاء" أسبوعين متواصلين، غير أنّه بسبب نظام الأفواج الذي فرضته جائحة كورونا، اضطرت وزارة التعليم إلى اقتطاع ثلاثة أيام من العطلة، لإتمام ما أمكن من الواجبات المدرسية.
في السياق، انطلقت عطلة طلبة الجامعات، الاثنين الماضي، وهي تستمر أسبوعين كاملين، يعود الطلبة بعدها لإجراء امتحانات السداسية الأولى، نظراً لاختلاف مناهج وطرق التعليم بين المستويات التعليمية في تونس.
وقال فرجاني بن صالح، وهو وليّ تلميذ في المدرسة الابتدائية علي الدوعاجي، بنهج الساحل بالعاصمة تونس، إنه ينتظر العطلة بفارغ الصبر، إذ أنهكته فترة الامتحانات مع زوجته وأبنائه الثلاثة.
واضاف بن صالح لـ "العربي الجديد": "لا نريد سوى قسط من الراحة، وأن ننسى الواجبات المدرسية وطلبات المعلّمين والأناشيد والعلوم والدروس". وشدّد على أنّ "العائلة كلّها تعيش تحت وقع ضغط التوقيت المدرسي والامتحانات منذ أسابيع".
وأضاف بن صالح: "كنت في السابق أستغل هذا الوقت من السنة لأطلب عطلة من العمل حتى يتسنّى لي مرافقة عائلتي وأطفالي في برامج ترفيهية، كزيارة حديقة الحيوانات أو الذهاب للملاهي القريبة أو زيارة الأقارب والأهل في الجنوب، ولكن في هذه العطلة عدلت عن أي برنامج بسبب كورونا، فالتنقل ممنوع والفضاءات مغلقة والطقس بارد".
وقالت رئيسة جمعية الضفاف للتنمية بالسيجومي، حياة عياد، في تصريح لـ"العربي الجديد": لقد فاقمت جائحة كورونا من الضغوط النفسية والاجتماعية على التلاميذ والأولياء بعد فصل دراسي مرهق، مشحون بضغوط فرض التباعد الاجتماعي واحترام البروتوكولات وأخبار الموت وإحصاءات المرضى".
وأضافت عياد أنّ "التلاميذ كانوا يطمحون إلى عطلة مدرسية بلا كورونا، على أساس تحسّن المؤشرات وتخفيف القيود، غير أنّ الظروف سارت عكس التوقعات، ويجب الترفيه عن الأطفال والشباب بوسائل وطرق بديلة حتى يتمكن التلاميذ من التقاط أنفاسهم استعداداً لبقية المشوار الدراسي".
وأضافت المتحدثة أنّ "المجتمع المدني يجب أن يساهم في هذه المهمة". وأشارت إلى أنّ جمعية الضفاف تحاول القيام بدور اجتماعي ترفيهي وتثقيفي خلال عطلة الشتاء لاعتبار منطقة السيجومي، غرب العاصمة، منطقة ذات أولوية تفتقر إلى مقومات الترفيه وإلى الفضاءات العائلية".
وتفتقر مختلف محافظات البلاد، حتى العاصمة تونس، إلى مؤسسات ترفيهية ومركبات عائلية وحتى العدد القليل منها اندثر بسبب تبعات أزمة كورونا الاقتصادية، والبعض الباقي يحاول التأقلم بصعوبات مع ضغوط البروتوكولات الصحية.
واعتبرت أستاذة الشباب، بدار الشباب خزندار بباردو، المنشطة آسيا الميساوي، في تصريح لـ"العربي الجديد" أنّه رغم استئناف الأنشطة الشبابية بدور ومؤسسات الشباب منذ الأسبوع الأول من ديسمبر/ كانون الأول الجاري، إلا أنّ مختلف الأنشطة المبرمجة لم تحقق الأهداف المرجوة بالقدر المأمول، بسبب البروتوكول الصحي وفرض التباعد الاجتماعي بين الشباب، ما خلق قلقاً متزايداً في صفوف الشباب، ولوحظ النقص في توافدهم على مؤسسات الأنشطة، حيث أصبح فرض القيود داخل المتنفس الشبابي مبعثاً للضغط.
وأضافت أنه لوحظ نقص التفاعل والتجاوب مع الأنشطة الشبابية من قبل الشبان المقبلين على دور الشباب، كذلك إنّ برودة الطقس والأمطار تقف حاجزاً أمام تنظيم أنشطة مفتوحة في الهواء الطلق.
وتابعت الميساوي أنّ "العطل المدرسية كانت تمثّل طفرة في إقبال الشباب على هذه الدور، فيستغلون العطلة المدرسية وعطلة رأس السنة للترويح عن أنفسهم والقيام بعدد من الأنشطة في فضاءات الشباب. غير أنّه لهذه السنة خصوصيتها بسبب جائحة كورونا، ما يدفعنا إلى البحث عن وسائل بديلة للتواصل والترفيه".