يشكو مرضى الأبطن في تونس من شحّ الغذاء الخاص بحميتهم الطبيعية، بعد تراجع التزويد بمادة الأرز التي تعدّ الطبق الأساسي لموائدهم، ما يدفعهم إلى البحث عن بدائل عالية الثمن.
والأبطن (السيلياك) هو حالة مرضية تصيب غشاء الأمعاء، وهو نوع من التحسس المعوي إزاء مادة الغلوتين، وهو البروتين الموجود في القمح والشعير وغيرهما. ومن علامات المرض الإسهال المزمن وسوء التغذية، وهو ما يحتم على المرضى اتباع حمية خالية من الغلوتين.
وتشهد السوق التونسية منذ ما يزيد عن سنة نقصاً كبيراً في التزويد بمادة الأرز التي تدخل ضمن سلة الغذاء المدعمة من قبل الدولة، ما يضطر مرضى الأبطن إلى اللجوء إلى شراء أصناف من الأرز عالية الثمن، أو المعجنات المصنعة من مادة الذرة.
ومؤخراً، وجّهت الجمعية التونسية لمرضى داء الأبطن نداءً إلى وزارتي التجارة وتنمية الصادرات والشؤون الاجتماعية، من أجل توفير مادة الأرز لمرضى داء الأبطن بصفة خاصة، باعتبارها مادة ضرورية في حميتهم الغذائية، ولا يمكن الاستغناء عنها.
وقالت الجمعية، في بيان سابق، إنّ "السوق التونسية شهدت نقصاً في مادة الأرز لأكثر من سنة، وغياباً تاماً لهذه المادة لأكثر من شهرين، وهذه المادة تكتسي أهمية كبرى بالنسبة للمرضى الذين يتحسسون من مادة الغلوتين".
ويؤكد كريم بن خليفة (52 عاماً) الذي يشكو من داء الأبطن، أنّ كلفة غذاء المرضى الذين يعانون من التحسس من مادة الغلوتين أصبحت عالية في غياب الأرز، وتضاعفت أسعار الذرة التي تخصص لصناعة الخبز للمصابين بالأبطن.
ويقول المتحدث، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الأزر مادة غذائية لمرضى الأبطن، إذ تعوض أصناف الخبز والمعجنات، غير أنها أصبحت غير متاحة منذ ما يزيد عن السنة، ما يجبرنا على استعمال أصناف من المعجنات (المعكرونة) يصل سعرها إلى 7 دنانير، أي ما يعادل 2,3 دولار بالنسبة للكيس سعة 200 غرام".
ويضيف بن خليفة: "يتكون غذاء مرضى الأبطن أساسا من الأرز أو الخبز المصنوع من أصناف من الذرة الموردة التي ارتفع سعرها من 35 دينارا (ما يعادل 11.6 دولارا) إلى 70 دينارا/ أي نحو 23,3 دولارا بالنسبة للكيس سعة 50 كلغ".
ويتابع أن "الذرة بدورها غير متوفرة بالقدر الكافي، في حين توفر بعض المحلات دقيقا من الذرة مخلوطا بدقيق القمح، ما يشكل خطرا على حياة المرضى"، مطالبا بـ"تكثيف المراقبة على هذه المحلات والمخابز التي تصنع خبز الذرة".
وتونس ليست بلدا منتجا للذرة، إذ يجري توريدها من الخارج، وتوجه خاصة لصناعة الأعلاف الحيوانية، كما تخضع أسعارها لكلفة التوريد، وانخفاض سعر صرف الدينار مقابل اليورو والدولار.
وتحدث كريم بن خليفة، في سياق متصل، عن "غياب الحماية الكافية لمرضى الأبطن من الغش الذي تمارسه بعض المحلات التي تبيع دقيق الذرة، كما لا تأخذ صناديق التأمين على المرض بعين الاعتبار الكلفة العالية لحميّتهم الغذائية رغم الاعتراف الرسمي به".
وأكد المتحدث أن "اختفاء الأرز من الأسواق يؤثر في غذاء الفقراء من مرضى الأبطن الذين قد يواجهون نقص الغذاء في غياب هذه المادة الأساسية بالنسبة إليهم، وعدم قدرتهم على توفير البدائل مرتفعة الثمن".
وبحسب إحصائيات رسمية لجمعية مرضى الأبطن، يوجد في تونس نحو 100 ألف مصاب بهذا الداء، منهم 40 ألفا لا يعرفون أنهم مصابون بهذا المرض.
وأفاد رئيس الجمعية التونسية لداء الأبطن، منجي بن حريز، أنّ السوق التونسية شهدت نقصا في مادة الأرز لأكثر من سنة، وشبه انقطاع شامل عن التزويد منذ ما يزيد عن شهرين.
وتابع بن حريز، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن الجمعية وجهت نداء لوزارة التجارة لتزويد مرضى الأبطن بالأرز، نظرا لما تكتسيه هذه المادة من أهمية كبرى بالنسبة للذين يتحسسون من مادة الغلوتين. وأشار إلى أن الجمعية اقترحت حلولا بإعطاء الأولوية لهؤلاء المصابين بالتزود بمادة الأرز، نظرا لمساهمته في حمايه صحتهم، ودرء لمخاطر الوقوع في استهلاك مواد تحتوي على مادة الغلوتين التي تسبب لهم تدهورا في حالتهم.
وأفاد رئيس الجمعية التونسية لداء الأبطن بأن جل المرضى تلقوا تدريبا في طهي مأكولاتهم باعتماد مادة الأرز، غير أنهم باتوا عرضة لتدهور وضعهم الصحي، بسبب غياب المواد الأساسية المستخدمة في حميتهم.