أمام حالة الغضب التي شهدتها محافظة شمال سيناء شرقي مصر، نتيجة لتردّي خدمات القطاع الصحي ما أدّى إلى وفاة عدد من مرضى كورونا وتفاقم الأوضاع الصحية لآخرين، اضطرت وزيرة الصحة هالة زايد إلى التوجه إلى المراكز الصحية في المحافظة في زيارة مستعجلة هي الأولى من نوعها، مؤكدة تقديم كل الدعم اللازم لإنقاذ الوضع وتدارك الموقف في مواجهة جائحة كورونا، وذلك من خلال توفير المستلزمات الطبية العاجلة.
ويكشف مصدر حكومي مسؤول في شمال سيناء، لـ "العربي الجديد"، أنّ حالة الغضب والسخط التي شهدتها مدن المحافظة، نتيجة تسجيل وفيات بشكل متكرر في قسم العزل في مستشفى العريش العام، وقد عزا البعض السبب إلى نقص الأوكسجين والإمكانيات الأساسية في القسم، وصلت إلى مكتب زايد من خلال نواب المحافظة في مجلسي النواب والشيوخ. كذلك، تداول ناشطون واقع الحال في المحافظة على مواقع التواصل الاجتماعي وعدد من وسائل الإعلام. وكانت هناك توصية عاجلة من بعض المطلعين على الأوضاع في سيناء بالتحرك خشية تصاعد الغضب ما قد يؤدي إلى سلوك مسارات أخرى، ليعقد لقاء عاجل بين زايد والنواب. وتبعت ذلك زيارة عاجلة لزايد وبتنسيق عالي المستوى مع قوات الجيش، إلى المحافظة، مستقلة عربات عسكرية بدلاً من سيارات الوزارة.
ويوضح المصدر أنّه نظراً لحساسية الزيارة وتوقيتها وضرورتها، لم تنسق زايد مع النواب، بدليل أنهم لم يرافقوها أثناء جولتها في المحافظة. ورافق زايد كلّ من محافظ شمال سيناء اللواء محمد عبد الفضيل شوشة، ومدير مديرية الصحة في شمال سيناء طارق شوكة، وبعض المسؤولين المحليين. وشملت الزيارة مستشفى بئر العبد ومستشفى العريش العام، وبعض المستودعات والمراكز الصحية المتخصصة التابعة للوزارة.
وفي ظل ضعف الإمكانات على أرض الواقع، أصدرت زايد مجموعة من القرارات الفورية الهادفة إلى دعم المنظومة الصحية في المحافظة بشكل عاجل، مؤكدة أنها ستدرس المزيد من القرارات فور عودتها إلى القاهرة، نظراً إلى سوء الأوضاع الصحية في المحافظة مع تفشي الوباء خلال الفترة الأخيرة، والضغط الحاصل على مستشفى العريش العام الذي خُصّص لعلاج المصابين بالفيروس.
يشار إلى ورود معلومات عن تسجيل عدد من الوفيات من سكان مدينة الشيخ زويد في مستشفى العريش العام قبل أكثر من أسبوع، نتيجة النقص في الأكسجين داخل قسم العزل. وأكد ناشطون ونواب وأطباء عبر صفحات التواصل الاجتماعي وجود تقصير واضح من إدارة الشؤون الصحية في المحافظة في ما يتعلق بقسم العزل المخصص لعلاج كورونا في مستشفى العريش العام. بناءً عليه، عقدت لقاءات مستعجلة ختمت بزيارة للوزيرة هي الأولى من نوعها لوزير صحة في الحكومات المصرية المتعاقبة خلال السنوات الماضية، في ظل التجاهل الواضح للمحافظة وسكانها على كافة الأصعدة، في مقدمتها الوضع الصحي.
تعقيباً على ما سبق، يقول أحد وجهاء مدينة بئر الشيخ زويد ياسر السواركة، لـ "العربي الجديد"، إن "المدينة كانت تغلي بسبب رحيل أربعة من وجهائها وأعلامها نتيجة الإصابة بفيروس كورونا، وعدم تلقيهم الرعاية الكافية في قسم العزل في مستشفى العريش العام، ما وضعنا أمام شكوك في السبب الحقيقي للوفاة. أمر استدعى تحركاً على الأصعدة والاتجاهات كافة من قبل صحافيين وناشطين ونواب ونافذين في المدينة، وقاد إلى تدخل حكومي في محاولة لإنقاذ الوضع الصحي في المحافظة، باستثناء مدينة الشيخ زويد التي يفتقر المستشفى الوحيد فيها لأدنى مقومات مواجهة الجائحة. لكن نأمل أن تطالها القرارات خلال المرحلة المقبلة، في ظل المتابعة القائمة بين الجهات الحكومية والمسؤولين في المحافظة".
يضيف السواركة أنّ التدخل الحكومي جاء متأخراً ونتيجة للضغط الشعبي، بعدما تفشى الفيروس بشكل غير مسبوق في المحافظة، وطاول المؤسسات الصحية والتعليمية والاجتماعية، ما يتطلب خطة حكومية طارئة بالتعاون مع كل المؤسسات المحلية لتتجاوز المحافظة هذه الأزمة بأقل خسائر ممكنة، خصوصاً في ظل عدم توفر أقسام عزل كافية للمصابين. إلا أنه يلفت إلى الحديث عن قيام إدارة مستشفى العريش بفتح المزيد من الأقسام للعزل، في ظل تزايد أعداد المصابين، وعدم قدرة المستشفى الرئيسي على استيعاب المزيد من الاصابات. ويشير إلى أن الأهالي قلقون على المستقبل، في ظل ارتفاع أعداد الإصابات بالفيروس، بالإضافة إلى تسجيل وفيات.
يذكر أن أحدث إحصائية صادرة عن مديرية الصحة في المحافظة تشير إلى أن إجمالي الحالات التي تم إجراء فحص مخبري لها وأثبتت إصابتها بالفيروس بلغت 199 حالة، وقد عزلت مئات الحالات احترازياً، في وقت شفيت 960 حالة. وبلغت أعداد الوفيات 60، وأعداد الحالات المحتجزة للعلاج حالياً 11، وعدد حالات العزل المنزلي 160 حالة.