جددت المنظمات النسوية في تونس مطالبتها بطرح ملف تمديد إجازة الأمومة على طاولة النقاش، بالتزامن مع اقتراب الحكومة من عرض مشروع قانون جديد على البرلمان للمصادقة عليه، ودعت إلى توسيع دائرة المشاركة في النقاش، ووضع أطر قانونية لتقاسم أعباء رعاية الأطفال بين الزوجين.
وكشفت نسخة أولية لمشروع القانون الذي تعده الحكومة، حصل عليها "العربي الجديد"، أنه سيتضمن تمديد فترة إجازة الأمومة شهراً إضافياً لتصل إلى 12 أسبوعاً، مع إمكان منح راحة لمدة 16 أسبوعاً عند ولادة توأم أو طفل من ذوي الاحتياجات الخاصة.
وحدد المشروع الجديد المدة القصوى لإجازة الأمومة بـ20 أسبوعاً بدءاً من عطلة ما قبل الولادة، مع استحقاق كامل المرتب (المعاش) للعاملات في القطاع العام، وثلثي الأجر اليومي للعاملات في القطاع الخاص.
وقالت وزيرة شؤون المرأة والأسرة والطفولة آمال بلحاج موسى إن "مشروع قانون إجازة الأمومة الجديد يهدف إلى دعم المساواة في الحقوق، وعدم التمييز في القطاعين العام والخاص، مع الاهتمام أيضاً بدعم دور الوالدين في رعاية الأبناء وحمايتهم".
وأكدت بلحاج موسى أن "مشروع القانون الجديد سيوحد الحقوق في إجازة الولادة بالقطاعين العام والخاص عبر زيادة مدتها تمهيداً لمنح الأم عطلة لا تقل عن ثلاثة أشهر، إضافة إلى عطلة ما قبل الولادة مدفوعة الأجر لمراعاة مصلحتها وصحتها مع الجنين، كما سيقرر إجازة اختيارية بنصف الأجر لا تتجاوز أربعة أشهر للوالدين بحسب رغبتهما، إلى جانب إجازة للأب لمدة سبعة أيام مدفوعة الأجر لتفعيل دوره الأب في الاعتناء بمولوده".
لكن المنظمات النسوية عارضت مشروع القانون الجديد، واعتبرت أنه "يكرّس التعامل مع إجازة الولادة على أنها إجازة مرضية قد تؤثر في المسار المهني للنساء".
كذلك انتقدت المنظمات انفراد الحكومة بصياغة المشروع الجديد لإجازة الأمومة، في حين أن القضية تعني المواطن والمجتمع، وتتطلب توسيع مناقشاتها للتوصل إلى نص جديد يضمن حقوق النساء والأسرة، ويحدّ من التأثيرات السلبية للتناقضات المسجلة في القوانين المطبقة حالياً، والتي تنعكس سلباً على النسيج العائلي ووضعية الأطفال والمسار المهني للنساء".
وقالت الباحثة في الدراسات الجندرية فريال جرادي، لـ"العربي الجديد": "يكرّس مشروع القانون الجديد واجب رعاية الأطفال لدى الأم فقط، ويغفل إشراك الأب، ما لا يتوافق مع حقيقة كون رعاية الأطفال مسؤولية مشتركة بين الأبوين، وليست حكراً على النساء اللواتي يتحملن كل أوزار قرار الإنجاب".
أضافت جرادي: "صاغت وزارة المرأة المشروع أحادياً من دون إشراك منظمات المجتمع المدني، وقرار تمديد الإجازة شهراً إضافياً لا يكفي ولا يتطابق مع الاتفاقات الدولية التي توصي بمنح النساء راحة مدفوعة الأجر ما بعد الإنجاب لمدة لا تقل عن 6 أشهر".
واعتبرت جرادي أن "رعاية الأطفال مسؤولية مشتركة بين الزوجين، تتطلّب تقنينها في النص الجديد لتجنّب تعثر تطبيق القانون لاحقاً، كما تحتاج المرحلة الانتقالية بين القانونين الجديد والقديم إلى تأهيل مجتمعي كي يتقبل أفراد الأسر والمشغلون المسؤولية الممنوحة للأبوين" .
وفي وقت سابق، قالت الحكومة التونسية إنّ صعوبات مالية تواجهها صناديق المعاشات تمنع تمديد فترة الراحة القانونية الممنوحة للنساء ما بعد الولادة، وقدّرت تكلفة مشروع قانون إجازة الأمومة والأبوة بنحو 250 مليون دينار سنوياً (مليون دولار).