مشروع قانون اللاجئين في مصر: رفض حقوقي ومخاوف من انتهاكات جديدة

15 نوفمبر 2024
مهاجرون غير نظاميين في مصر ينتظرون ترحيلهم/31 يناير 2024 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- أعربت 23 منظمة حقوقية عن رفضها لمشروع قانون تنظيم لجوء الأجانب في مصر، محذرة من سياسات إقصائية تتجاهل اللاجئين والمنظمات الحقوقية، وغياب استشارة الشركاء الدوليين.
- أبدت المنظمات قلقها من غياب معايير واضحة لاختيار وتدريب الأعضاء المكلفين باللجنة المشرفة على اللجوء، وعدم توافق الآلية مع الاتفاقيات الدولية، مما قد يقلص حماية اللاجئين.
- انتقدت المنظمات غياب فترة انتقالية وآليات انتقال سلس، وقلقها من استقلالية اللجنة وتوسيع صلاحياتها، مطالبة بإعادة النظر في القانون بمشاركة الخبراء.

أعربت 23 منظمة حقوقية، اليوم الجمعة، عن رفضها لمشروع قانون تنظيم لجوء الأجانب في مصر، الذي وافقت عليه أخيرًا لجنة الدفاع والأمن القومي في البرلمان، ومن المقرر طرحه للتصويت في الجلسة العامة المقبلة.

وفي بيان مشترك، حذرت المنظمات من أن "هذا القانون يأتي في إطار سلسلة من التشريعات الحساسة التي تُعدّ بسرعة وبدون مشاركة مجتمعية حقيقية"، واصفة إياه "بامتداد لسياسات الإقصاء التي تتجاهل اللاجئين وممثليهم والمنظمات الحقوقية الأممية"، وأشارت إلى أن "القانون قدم دون استشارة أو إشراك للشركاء الدوليين أو منظمات المجتمع المدني التي تعمل في مجال حماية اللاجئين، والتي كانت تدير هذه القضايا بالتعاون مع الدولة لعقود".

وحسب المنظمات، فإن مشروع القانون "يعكس غياب معايير واضحة لاختيار وتدريب الأعضاء المكلفين بالعمل في اللجنة المزمع تشكيلها للإشراف على عملية اللجوء، فضلاً عن غياب معايير دقيقة تستند إليها اللجنة في إصدار قراراتها".

وأعربت المنظمات عن قلقها من مدى توافق هذه الآلية مع الاتفاقيات الدولية لحماية اللاجئين، التي تُعتبر أساس عمل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في تحديد وضع اللجوء وتقديم المساعدات، والتي تستند إلى اتفاقية عام 1951 وبروتوكول عام 1967، بالإضافة إلى اتفاقية منظمة الوحدة الأفريقية لعام 1969.

كما أكدت المنظمات أن غياب هذه المعايير من مشروع القانون المطروح يثير مخاوف جدية بشأن تقليص مستوى الحماية الممنوحة للاجئين في مصر، في حال تم إقرار القانون بمعزل عن الالتزامات والمعايير الدولية التي سبق أن وقعت عليها مصر.

وقالت المنظمات إن "التجارب السابقة للدول التي نجحت في الانتقال من تفويض الأمم المتحدة إلى منظومة لجوء وطنية تشير إلى أن هذا التحول يتطلب فترة انتقالية يتم خلالها العمل بالتوازي مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، حتى تتمكن المنظومة الوطنية من مباشرة مهامها بما يتماشى مع الالتزامات القانونية والإنسانية".

وأوضحت أن مشروع القانون تجاهل النص على فترة انتقالية تتناسب مع حجم المهمة وتعقيداتها، كما أغفل وجود منظومة قانونية قائمة، ولم يتضمن أي إشارة إلى آليات تضمن الانتقال السلس إلى النظام الجديد. ويبدو أن المشروع يفترض أن العملية يمكن أن تتم بشكل فوري بمجرد صدور القانون.

وأكدت المنظمات أن "الواقع العملي يشير إلى أن إنشاء بنية قانونية متكاملة لتسجيل ملتمسي اللجوء، وتحديد صفة اللجوء، وإدارة البيانات وحمايتها، هي عملية معقدة على الصعيدين القانوني واللوجستي، تتطلب فترة طويلة من الإعداد والتأهيل، إضافة إلى تعاون وثيق مع الجهات التي اضطلعت بهذه المهام على مدار ما يقرب من خمسة عقود".

وأشارت المنظمات إلى أن مشروع القانون يثير القلق بشأن استقلالية اللجنة، التي تُشكَّل من رئيس مجلس الوزراء وممثلين عن وزارات حكومية، فضلاً عن تمويلها من الميزانية العامة للدولة، وهو ما يجعل أعضاءها موظفين عموميين غير مستقلين، بعكس الوضع القائم الذي تتولى فيه المنظومة الأممية المستقلة إلى حد ما تنفيذ القوانين واللوائح المعنية بتحديد وضع اللاجئ، بغض النظر عن التوجه السياسي للحكومات المتعاقبة.

وقالت "إن انعدام الاستقلالية، المتزامن مع منح صلاحيات كاملة لهذه اللجنة وبضمانات محدودة في إدارة عملية اللجوء، يهدد اللاجئين الحاليين وملتمسي اللجوء بمجرد بدء عمل اللجنة. كما يمنح المشروع للجنة الحق في طلب (اتخاذ ما تراه من تدابير) إزاء اللاجئين الذين منحتهم اللجنة ذاتها الحماية بعد تحديد صفة اللجوء الخاصة بهم في حالات طارئة لم يعرفها النص بدقة، ما يثير مخاوف مجتمع اللاجئين الذي يعاني من ممارسات السلطات المصرية المتكررة، سواء الترحيل القسري، أو الحملات على مجتمعات تحمل جنسية محددة، أو غير ذلك من التجاوزات القانونية المتكررة من قبل الشرطة المصرية".

كما يتضمن المشروع توسيعاً غير مبرر للصلاحيات الممنوحة للجنة في إسقاط صفة "لاجئ" لأسباب تتعلق بمصطلحات فضفاضة كـ"الأمن القومي". وبسبب الطبيعة شديدة العمومية وغموض مصطلح "الأمن القومي"، حسب المنظمات، فإن "هذا التوسع قد يُستغل لتقييد حقوق اللاجئين بشكل مفرط ومن دون أي رقابة حقيقية. كما يمكن توظيف هذه المصطلحات بشكل استثنائي وغير مبرر لتضييق نطاق الحماية المقدمة للاجئين، وهو ما يعرّض هؤلاء الأفراد لخطر الإعادة القسرية أو غيرها من الانتهاكات، ويفرغ الحماية التي منحتها النصوص المعرفة لحقوق اللاجئ من معناها عملياً".

كما لاحظت المنظمات من نصوص مشروع القانون أنه "يَقصُر حقوقًا أساسية، مثل التعليم والرعاية الصحية والسكن، على من يحملون صفة اللاجئ، وهذا يستثني طالبي اللجوء الحاصلين على حماية مؤقتة من هذه الحقوق إلى حين البت في مواقفهم، وبالتالي ترتفع عنهم مظلة الحماية الاجتماعية، ما يجعلهم عرضة للاستغلال أو الابتزاز من مقدمي هذه الخدمات، فضلاً عن انعدام الأمان".

كما يغفل مشروع القانون، بحسب البيان، "حماية بيانات اللاجئين، ما يُعرّض معلوماتهم الشخصية لخطر الكشف وسوء الاستخدام. ويعد الحفاظ على سرية البيانات من الحقوق الأساسية التي يجب حمايتها، خاصةً بالنسبة للأفراد الذين قد يكونون في وضع هش بسبب تعرضهم لانتهاكات أو تهديدات أمنية في بلدانهم الأصلية. وإفشاء هذه المعلومات الحساسة قد يعرض اللاجئين لمخاطر متعددة".

وطالبت المنظمات الموقعة بإعادة مشروع القانون إلى اللجنة المختصة، وفتح نقاش حقيقي ومتأن حول نصوص المشروع بمشاركة الخبراء والمختصين، وتعديل مواده بما يضمن حماية حقوق اللاجئين وفقًا للمعايير الدولية، كما طالبت بضرورة توفير ضمانات شفافة لآليات عمل اللجنة المقترحة في مشروع القانون، ووضع خطة انتقالية شاملة من شأنها ضمان حقوق اللاجئين وعدم انقطاع الخدمات المقدمة لهم. 

من ضمن المنظمات الموقعة "منصة اللاجئين في مصر"، و"المبادرة المصرية للحقوق الشخصية"، و"مركز النديم"، و"مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان"، و"الجبهة المصرية لحقوق الإنسان".