أعلنت منظمة اليونيسكو بالشراكة مع مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان وبحضور وزارتي التربية والتعليم العالي ورئيس اللجنة الوطنية لمكافحة الإرهاب، اليوم الأربعاء، في تونس، إطلاق مشروع مشترك لدعم النظام التعليمي في تونس من أجل حماية الأطفال والشباب من التطرّف وتعزيز حقوق الإنسان.
وأكّد وزير التربية، فتحي السلاوتي، خلال مداخلته، أنّ جائحة كورونا فرضت عدّة تحديات وأثّرت سلباً في نفسية التلاميذ. ورغم تخفيف البرنامج الدراسي، إلا أنّ غياب العديد من الأنشطة، ومنها الرياضية والمسرحية والنوادي، أثّرت سلباً في التلاميذ، وأضاف: "حان الوقت لفسح المجال أمام الأنشطة التي تنمّي مهارات جديدة وقيماً تقوم على احترام الآخر والمواطنة والاندماج في محيطهم، بعيداً عن التفرقة والتطرف".
وأوضح أنّ التلاميذ متعطّشون للأنشطة الرياضية والثقافية، وهذا البرنامج سيحفّز لديهم الرغبة في ممارسة العديد من الأنشطة التي هم في أمسّ الحاجة إليها.
وأوضح السلاوتي في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنّ "هذا المشروع الذي ينطلق بتمويل هولندي وبمشاركة منظمة الأمم المتحدة، مهم للغاية ويهدف إلى الوقاية من كلّ أشكال العنف والتطرّف. وهو في الحقيقة يهمّ التلاميذ وجميع الفئات في تونس، خاصة أنّ جائحة كورونا فرضت عدّة تحديات وأثّرت في نفسية العديد من التلاميذ، ولا بد من وعي هذه المخاطر التي قد تتطوّر إلى عنف وتطرّف".
وأكّد السلاوتي أنّ الاستفادة من هذا المشروع ستكون في استغلال الأنشطة الثقافية والرياضية والمدنية التي تُبعد التلاميذ عن العنف، مشيراً إلى أنّ العديد من المؤسسات التعليمية في تونس تنقصها مثل هذه الأنشطة والنوادي الضرورية، وسيجري الانطلاق بـ 7 مراكز ثقافية ورياضية كبرى، إلى جانب تدريب مختصّين في مثل هذه المجالات.
وقالت وزيرة التعليم العالي، ألفة بنعود، إنّ هذا المشروع هام في ظلّ التطرّف الذي يهدّد جلّ البلدان، ومنها تونس. وأضافت أنّ بلادها تضمّ نسبة هامة من الشباب الذين يشكّلون شريحة هامة من السكّان، وهم عماد المستقبل.
وقالت بنعود إنّ على تونس الاستثمار في الرصيد البشري وفي الشباب تحديداً، خاصة أنّ هذه الفئة هُمِّشَت لعدة أعوام، وأنّ الجامعة إطار لتبادل التجارب وللتعلم الاجتماعي، وأنهم يشجّعون على الأنشطة المختلفة، بعيداً عن الحواسيب وعالم الإنترنت، إذ يجب توجيه الشباب نحو أنشطة تعلّمه المسؤولية والاندماج.
وأضافت أنّ البرنامج الطلابي يجب أن يخرج من الإطار التقليدي، أي مجرد التدريس والتلقين، نحو المزيد من الأنشطة والمعارف لتنمية القيم وترسيخ الإبداع والتزام قيم السلام.
وقال رئيس اللجنة الوطنية لمكافحة الإرهاب، منير الكسيكسي، إنّ مشروع مقاومة التطرّف مشروع متكامل بين جميع مؤسسات الدولة، لتحسين تبادل المعلومات ولضمان الفاعلية ومن أجل التصدي للفكر المتطرّف نحو التعايش السلمي والتربية على حقوق الإنسان ومواجهة خطاب الكراهية.
وأضاف أنّ التطرّف العنيف يشكّل تحدياً أمام المجتمعات، ولا بد من التصدي للظاهرة بتعزيز التنوّع وتطوير الفكر النقدي والتعايش السلمي، وهو ما تضمنته خطة التنمية المستدامة بالتعلم مدى الحياة، لأنّ الإجراءات الأمنية تظلّ غير كافية ولا يمكن الاكتفاء بمعالجة النتائج، بل الوقاية وبمقاربة شاملة تشمل معالجة الأسباب.
وأوضح الكسيكسي في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنّ هذا المشروع هو لدعم النظام التعليمي المدرسي والجامعي في تونس، وسيركّز على تكوين فريق مشترك بين مختلف الفاعلين، وسيدوم 3 أعوام، وهو يهمّ الشباب والمعلمين والأستاذة، مؤكداً أنّه ستُنظَّم ورشات عمل في المدارس والجامعات لمحاربة الفكر المتطرّف والعنيف.
وتابع قائلاً إنّ هذا المشروع لن يكون الوحيد، بل ستكون هناك عدة برامج أخرى تهم التشغيل والتكوين المهني والعمل الوقائي، مؤكداً أنّ اللجنة الوطنية لمكافحة الإرهاب بصدد مراجعة الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الإرهاب، حيث سيجري العمل أكثر على الجانب الوقائي.
ولاحظ أنّ نتائج هذا المشروع المشترك لن تكون فورية، فتحصين المجتمع من الفكر المتطرف يتطلب وقتاً طويلاً، خاصةً في ظلّ العديد من التحديات المطروحة اليوم، منها غياب الاستقرار والضبابية وغموض الرؤية، وهو ما يتطلب عدة مراجعات.
ورأت نائبة سفير هولندا في تونس، أنجيل سامورا، أنّ مسألة ضجر الشباب وشعوره بالتهميش والظواهر التي تهدّده، منتشرة في أغلب المجتمعات. وأضافت أنّه لا بد من مساعدة الشباب ومنحهم حياة طبيعية، مؤكدة أنهم يركّزون في بلدهم على مسألة التربية ويعتبرونها مفتاح النجاح للنهوض بالشباب.
وأكّد المنسّق المقيم للأمم المتحدة في تونس، أرنو بيرال، أنّ هناك عملاً كبيراً مع الوزارات المعنية والمنظمات التونسية والإنسانية لحماية الشباب من التطرّف العنيف ومن التهديدات المحيطة به، وهي موجودة، ولكن هناك إيمان بالمهارات والإمكانات التي يملكها الشباب التونسي.
وأضاف أنّ هذا المشروع مهم وفريد من نوعه في المنطقة، وهناك مسؤولية لتقديم فرصة للشباب التونسي ليكون نموذجاً وقدوة لباقي شباب المنطقة، وهو ما يتطلّب منحه الفرصة للتكوين والاستفادة من العديد من التجارب.
من جهتها، أكّدت ممثلة المفوضية السامية لحقوق الإنسان، إيلودي كانتير أريستيد، أنّ التطرّف العنيف يمسّ مباشرة القيم الإنسانية ويجعل التحديات أكبر، فرغم جهود تونس في دعم حقوق الإنسان إلا أنّ التهديدات لا تزال تتربّص بالشباب.