مصاعب الحياة تشغل السوريين عن رمضان
يحل شهر رمضان على السوريين وسط ظروف معيشية خانقة. ويقول جاسم العبد الله المقيم في ريف دير الزور شرق سورية، في منطقة خاضعة لسيطرة "قوات سورية الديمقراطية" (قسد)، لـ "العربي الجديد"، إن "شهر رمضان الحالي مختلف تماماً بسبب كثرة مصاعب الحياة، إذ يجد المواطن نفسه محاصراً بغلاء الأسعار والأجور المتدنية، التي لا تكفي لتأمين مصاريف الحياة اليومية، خصوصاً أصحاب الدخل المحدود والعاطلين عن العمل. يضيف: "اعتدنا تحضير بعض الأمور لشهر رمضان، وهناك أطباق لا تطيب إلا في هذا الشهر، لكننا تخلينا عنها هذا العام. لن يكون بمقدورنا الحصول عليها إذ سنضطر إلى التقشف".
ويوضح العبد لله أن "شهر رمضان هو فرصة لنا لمساعدة العائلات المتعففة؛ فقبل حلوله، نحاول مساعدة بعض العائلات كل بحسب قدرته، وهو ما يميز هذا الشهر. لكن بالنسبة إلي، لم أفعل أي شيء بسبب ضيق الحال".
وفي مدينة القامشلي، يبدو التحضير لشهر رمضان خجولا في ظل الظروف المعيشية الصعبة، كما يوضح أحمد خليل لـ "العربي الجديد". ويقول: "ظروف الناس صعبة جداً، وما من طقوس رمضانية في ظل فقدان ما يحتاجه المرء لعيش حياته الطبيعية وخصوصاً خلال شهر رمضان في ظل المصاريف المضاعفة". ويلفت خليل إلى أن أسعار المواد الغذائية وزيت الزيتون والزيت النباتي خيالية، والتيار الكهربائي غير متوفر، وليس هناك محروقات، مضيفاً أنه "في ظل هذه المشاكل والأزمات، لا تسعى قسد إلى إيجاد حلول في وقت يواجه المواطنون المزيد من الضغوط الحياتية".
بدوره، يقول سيّد المحمود لـ "العربي الجديد" إن "رمضان هو شهر التسامح والتآخي والخير والعطاء. كنا نشعر بحلول رمضان قبل نحو عشرة أيام من موعده، وكنا نستعد بكل رحابة صدر لهذا الشهر. لكن هذا العام، بالإضافة إلى تداعيات الحرب، معاناتنا أكبر في ظل ارتفاع الأسعار الأمر الذي يؤثر على الجميع". يضيف: "يفترض أن يشعر الناس بالراحة مع حلول شهر رمضان. لكن للأسف، هناك خوف كبير في الوقت الحالي، ونخشى عدم القدرة على تلبية احتياجات أولادنا. فكيف سنشعر بأنه شهر المغفرة؟".
ويسأل المحمود: "كيف يمكن للفقراء والمعدمين تجاوز ظروفهم المعيشية الصعبة؟ وكيف يمكن لأصحاب الخير دعمهم في رمضان؟". ويشير إلى أن وضع سكان المخيمات مأساوي للغاية. يجب أن يكون هناك تعاون وتآخٍ لتخفيف العبء عن الفقراء والمحتاجين، ونرجو أن يكون الشهر وأيامه مليئة بالخير. يضيف: "هناك من يستغل هذا الشهر ويرفع الأسعار في ظل غياب المحاسبة"، آملاً أن يساعد أهل الخير العائلات التي تواجه ظروفاً صعبة.
وليست أحوال سكان مناطق شمال غربي سورية أفضل من حال سكان مناطق شرقها. لكنّ أمراً واحداً اختلف في مدينة إدلب هذا العام وهو توفر التيار الكهربائي، كما يقول علي اليونس لـ "العربي الجديد". ويلفت إلى أنه في الأعوام السابقة، اعتاد تحضير بعض الأمور قبل حلول شهر رمضان. لكن لا طاقة له على ذلك هذا العام بسبب الظروف المعيشية الصعبة. ويقول إن "البهجة التي تتزامن مع حلول رمضان زالت عن وجوه الناس. الشوارع والأسواق التي تعج بالناس قبيل حلول الشهر لم تعد كما كانت. هنا، استنزف الناس وأنهكوا، وأنا أحدهم على الرغم من أنني لا أواجه الكثير من المشاكل المادية". يضيف: "اختفت المشاعر التي كانت ترافقني قبيل حلول رمضان. ومعظم من حولي يشاركونني الأمر نفسه، وأرجو أن يزول الوقت وتعود البهجة المفقودة خلاله".
وفي المخيمات التي تضم قرابة مليون نازح، تتكرر المعاناة، كما أن التحضير لشهر رمضان شبه غائب. على الرغم من ذلك، لا يغيب الفرح عن الأطفال، كما تقول غفران الخالد التي تقيم في أحد المنازل المشيدة ضمن مخيم قرب مدينة الدانا لـ"العربي الجديد". وتوضح: "أحضر أطفالي بعض الأوراق ومقصاً وألواناً، وراحوا يقصّوها ويلونوها ليصنعوا فوانيس رمضان وهلالاً لتعليقها في المنزل. حاولت منعهم بداية لشعوري بالضيق من الوضع الذي نعيشه من جراء النزوح والتشرد، لكنني تغلبت على مشاعري لأنه من حقهم أن يفرحوا بحلول هذا الشهر".
أما أسعد أبو جابر الذي يقيم في دمشق، فيقول إن الظروف الحالية تشغله عن التحضير لرمضان. ويوضح في حديثه لـ "العربي الجديد": "بالنسبة لي، ما من تحضيرات لشهر رمضان مطلقاً. أترقب حلوله مع عائلتي فقط وفي قلبي الكثير من الرجاء بأن أجتمع مع أشقائي وعائلتي. عاماً بعد عام، يزداد شوقي للعائلة والأقارب والأصدقاء الذين كنت أشاركهم التحضير للشهر".