قضى ثلاثة أطفال في حريق أدّى إلى اختناقهم وتفحّم جثثهم في مأوى للمهاجرين غير النظاميين، في غابة غوروغو القريبة من مدينة مليلية المحتلة، في حين تم نقل والدتهم في حالة حرجة إلى أحد مستشفيات مدينة الناظور شمال شرقي المغرب، وذلك في مأساة جديدة من مآسي الهجرة غير النظامية نحو أوروبا.
وكشفت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان (أكبر تنظيم حقوقي غير حكومي في المغرب)، أنّ مدينة الناظور استفاقت، صبيحة أول من أمس الإثنين، على فاجعة أخرى في صفوف المهاجرين جنوب الصحراء، بعد أن توفي ثلاثة أطفال تقل أعمارهم عن 7 سنوات احتراقاً داخل المأوى البلاستيكي الذي يعيشون داخله رفقة أمهم التي نقلت في حالة صعبة إلى المستشفى الحسني بالناظور لتلقي العلاجات اللازمة.
الأمر يتعلق بسيدة من جنسية نيجيرية كانت تعيش رفقة أطفالها الثلاثة بمخيم المهاجرين المتواجد على منحدر غابة غوروغو
وأفاد فرع الجمعية الحقوقية، في بيان، اطلع "العربي الجديد " على نسخة منه، أنّ الأمر يتعلق بسيدة من جنسية نيجيرية كانت تعيش رفقة أطفالها الثلاثة بمخيم المهاجرين المتواجد على منحدر غابة غوروغو شمال غرب مقبرة سيدي سالم بالناظور شمال شرقي المغرب.
وفي الوقت الذي يتواصل فيه البحث الذي فتحته النيابة العامة المغربية لمعرفة الأسباب التي كانت وراء احتراق المأوى والأطفال بداخله، قال فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بالناظور، إنّ "المهاجرين، الذين يعانون من ظروف العيش الصعبة وسط الغابة خاصة في فصل الشتاء، غالباً ما يعمدون لإشعال نيران للتدفئة بسبب البرد والانخفاض القياسي لدرجات الحرارة ليلاً".
وبحسب رئيس جمعية الريف لحقوق الإنسان (غير حكومية) شكيب الخياري، فإنّ المهاجرين المتواجدين في الغابات نواحي الناظور اعتادوا العيش في مآو يتم إعدادها بالبلاستيك لتقيهم من الأمطار على وجه الخصوص، لافتاً إلى أنّ تلك الوضعية ناجمة بالأساس عن منع السلطات تأجير المنازل للمهاجرين الذين لا يتوفرون على سند للإقامة في المغرب، حيث يتم نقلهم إلى مدن أخرى من أجل إبعادهم عن الحاجز السلكي المحيط بمليلية المحتلة.
وقال الخياري، في حديث مع "العربي الجديد "، إنّ هذه الفئة من المهاجرين تحاول الاختباء في الغابة وتحيّن الفرصة لتجاوز الحاجز المحيط بمليلية، مشيرا إلى أن الانتقال إلى مدن أخرى أو تسوية الوضعية الإدارية في المغرب لا تدخل في اهتماماتها، وهو ما ثبت أثناء عملية تسوية الوضعية الإدارية للأجانب التي بدأت سنة 2014 حيث شهدت المناطق المحاذية لمليلية أقل طلبات لتسوية الوضعية.
من جهة أخرى، أوضح الناشط الحقوقي أنّ المغرب يرفض منذ 2006 إحداث مراكز لإيواء المهاجرين غير النظاميين وقد عرضت عليهم تمويلات في هذا الصدد، على اعتبار أنّ هذه المراكز يمكن أن تشكل مأوى مؤقتاً للمهاجرين الذين يفكر جلّهم في الانتقال إلى أوروبا.
ويختبئ أغلب المهاجرين الراغبين في العبور إلى مدينة مليلية المحتلة، في غابة غوروغو في انتظار أول فرصة لاقتحام سياج ثلاثي يبلغ طوله حوالي 12 كيلومتراً.
وفي غابة غوروغو يعيش الأفارقة في قسمة حسب الأغلبية العددية والجنسية؛ فهناك معسكر الكاميرونيين ومعسكر الماليين، ومعسكر النيجيريين، ومعسكرات أخرى، لكن تعيش كلها ظروفاً مزرية دون توفر الشروط الصحية.
وكانت السلطات المغربية قد أقدمت، في فبراير/شباط 2015 على تفكيك مخيمات المهاجرين الأفارقة غير النظاميين بغابة غوروغو، والتي كانت محطة لتجميع الراغبين منهم في دخول مدينة مليلية بطرق غير قانونية.
كما أدت الحملات الأمنية في عام 2018 إلى اعتقال حوالي 9100 مهاجر وترحيل نحو 3000 آخرين إلى مدن وسط وجنوب المملكة، من بينهم 700 تم ترحيلهم إلى بلدانهم الأصلية، وحدوث خمس وفيات داخل المخيمات بسبب الظروف المعيشية الصعبة، بحسب تقرير للمعهد المغربي لتحليل السياسات صادر في 15 سبتمبر/أيلول 2020.