تتواصل جهود البحث عن آلاف المفقودين من جراء الفيضانات والسيول العارمة التي ضربت مدينة درنة في شمال شرق ليبيا من جراء العاصفة دانيال. وتنتظر عائلات مصرية معرفة مصير أبنائها المقيمين في ليبيا ممن لم تدرج أسماؤهم في قوائم الموتى أو الجرحى أو الناجين.
وأطلق مدونون على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" صفحات عدة في محاولة لحصر أعداد المفقودين المصريين بالتزامن مع قرار السلطات الليبية منع المدنيين من دخول مدينة درنة حتى تتمكّن الفرق من البحث عن حوالي 10 آلاف شخص لا يزالون في عداد المفقودين.
وذكر المدونون أن الصفحات تهدف إلى البحث عن المفقودين الذين انقطعت أخبارهم، والمساعدة ولو بمعلومة صغيرة تطفئ لهيب النيران المشتعلة في القلوب وتعطي القليل من الأمل، فضلاً عن نشر قائمة تضم عدداً كبيراً من المصريين المفقودين في المناطق الليبية، خصوصاً درنة.
وتؤكّد وزيرة الدولة للهجرة وشؤون المصريين سها جندي، أن عمليات إجلاء المصريين من مناطق آثار الإعصار في ليبيا مستمرة، حرصاً على عودة جميع المصريين إلى وطنهم، مشيرة إلى أنه من الوارد أن يكون مصريون قد توفوا ودفنوا في ليبيا من دون التعرف إلى هوياتهم وجنسياتهم.
وتداول ناشطون استغاثات عشرات العائلات المطالبة بالكشف عن مصير ذويها وأحبائها. ونشرت صفحة "مفقودون في ليبيا" على فيسبوك بلاغات واستفسارات من بعض الأهالي عن مفقودين، تضمنت صوراً وبيانات لمصريين كانوا متواجدين في المناطق المنكوبة، بحثاً عن معلومة تدلهم عليهم. وتقول ياسمين جمال إن والدها مفقود في درنة، مشيرة إلى أنها وضعت اسمه الكامل ومحلّ سكنه حتى تُسهّل عملية البحث عنه.
ويطالب حازم محمد المساعدة في إيجاد صديق له ووضع صورته وصورة البطاقة وفيديو من مكان سكنه. كما طالب الحكومة المصرية بالتدخل العاجل واتخاذ إجراءات فورية لدعم أهالي المفقودين وتقديم المساعدة اللازمة لهم لمعرفة مصير ذويهم. فيما طالب مالك منتصر عبر صفحة "مفقودين وضحايا العاصفة/ ليبيا" مساعدته في العثور على ابن عمه ويدعى أشرف أبو اليزيد عباس فايد، والمقيم في درنة. يضيف: "أتمنى من الله تعالى أن يكون فى صحة جيدة... نحن لا حول لنا ولا قوة إلا بالله... لله الأمر من قبل ومن بعد".
من جهته، يقول سيد أمين وهو من قرية الشريف بمحافظة بني سويف: "حتى الآن لا أعرف مصير اثنين من أبنائي بعدما انقطع التواصل معهما منذ وقوع العاصفة". يضيف في حديثه لـ "العربي الجديد": "حاولت جاهداً التواصل مع السلطات المصرية لمعرفة مصيرهما حتى يرتاح قلبي. لكن للأسف، كل ما عرفته هو أنهما ليسا ضمن الضحايا مثل مصريين آخرين في ليبيا. وكل يوم يمر، يزداد قلقي وخوفي".
بدوره، يتمدد خالد سعداوي على أريكة في منزله المتواضع غير قادر على الحركة من هول الفاجعة التي ألمت به منذ إبلاغه أن ابنه محمد لا يزال في عداد المفقودين من جراء السيول التي ضربت ليبيا. ويقول: "لم يترك لنا الإعصار إلا الألم والوحدة والحسرة. كنت في اشتياق إلى اللحظة التي يطرق فيها الباب... ولدي الذي سافر إلى ليبيا منذ 7 سنوات بهدف جمع مبلغ مالي يمكنه من إنشاء مشروع صغير في مصر، على أن يعود ليلتم شملنا من جديد".
وكانت وزارة الخارجية المصرية قد أعلنت أنها تُتابع على مدار الساعة الآثار المترتبة على الإعصار دانيال. وقالت في بيان: "تم فتح خط ساخن للتواصل بين الخارجية المصرية والقنصلية المصرية في بنغازي، والتي نسقت مع الجانب الليبي للوقوف على آخر تطورات أوضاع المواطنين المصريين في المناطق المنكوبة وجهود البحث والإنقاذ، بالإضافة إلى الحصول على البيانات الخاصة بالضحايا وحصر أعدادهم، وذلك بالتنسيق مع كافة الجهات الوطنية المعنية".
وأشار البيان إلى أن القنصلية المصرية تعمل على التنسيق مع السلطات الليبية المعنية وفرق الدعم المصرية، لتقديم المساعدة للناجين المتواجد بعضهم في تلك المراكز والعمل على إعادتهم إلى البلاد، كما تعمل على إصدار وثائق سفر فورية للناجين لتسهيل عودتهم إلى البلاد. وأكدت وزارة الخارجية على استمرار عمل خلايا الأزمة في القاهرة وبنغازي لتلقي بلاغات وتساؤلات المواطنين والتنسيق مع الجهات في المناطق المنكوبة لسرعة حصر الضحايا وتقديم الدعم للناجين والمصابين، مطالبة المواطنين المصريين الابتعاد عن المناطق المنكوبة نظراً لاحتمال تفشي الأوبئة.
وتقول الوزيرة سها جندي إن عمليات إجلاء المصريين من مناطق الإعصار في ليبيا مستمرة، حتى التأكد من عودة جميع المصريين إلى وطنهم، مشيرة إلى أنه من الوارد وفاة مصريين ودفنهم في ليبيا من دون التعرف إلى هوياتهم وجنسياتهم. تضيف أنّ "هناك 1500 شخص دفنوا في ليبيا في أعقاب الإعصار من دون التعرف إلى هوياتهم وجنسياتهم ولا أي شيء"، مشيرة إلى أنّ "عدد الأجانب في ليبيا 750 ألف شخص، ولو افترضنا أن نصفهم مصريون، فيكون عدد المصريين ما بين 350 و400 ألف مصري". تضيف أنّ "القوات المسلحة أرسلت طائرات لإعادة أبنائنا المتوفين في ليبيا، ونقل المتوفين وبعض المصابين إلى مصر" لافتة إلى "وصول 87 جثماناً إلى مصر تم التعرف إلى بعضهم". وتوضح أنه لم يتم التعرف إلى جميع المتوفين الموجودين حالياً في ليبيا.