لا يكفي المصريون، خصوصاً الفقراء منهم، ما يعيشونه في ظل الأزمة الاقتصادية وتفشي كورونا، لتعمد الجامعات إلى زيادة الرسوم
رغم نفي المركز الإعلامي لمجلس الوزراء المصري وجود أي زيادة على مصاريف رسوم الجامعات خلال العام الدراسي الجاري، إلّا أنّ بعض الجامعات الحكومية قررت زيادة الرسوم بالنسبة لطلاب الانتظام أو الانتساب أو ما يعرف باسم "رسوم الكارنيه"، بنسبة تتراوح ما بين 100 و200 في المائة، بعد انتظام الدراسة في الجامعات رسمياً، على غرار ما حصل في المدارس الحكومية. ويمكن لطالب الثانوية العامة الحاصل على مجموع كلّي أقلّ من الحد الأدني المحدّد للكلية، الالتحاق بها عن طريق الانتساب الموجه (إذا كانت تُطبّق هذا النظام)، أي أنّه يقبل من مجموع أقل من الانتظام، ويكون ذلك في مقابل دفع رسوم دراسية أعلى من الرسوم المقرّرة للانتظام.
أمر أثار حالة من الغضب بين الطلاب وأولياء الأمور، وسط أنباء مؤكّدة عن زيادة مماثلة لمصاريف المدينة الجامعية، وتقسيم نظامها إلى قسمين؛ مبيت من دون وجبات، ومبيت مع وجبات، لترتفع المصاريف الشهرية للمدينة الجامعية إلى 550 جنيهاً (نحو 31 دولاراً) شهرياً للوجبات والإقامة.
وكانت جامعات عين شمس وحلوان وبنها والزقازيق وطنطا وبني سويف وأسيوط قد سجلت ارتفاعاً كبيراً في رسوم الكارنيه لتصل إلى 1300 جنيه (نحو 87 دولاراً) بكلية الطب البيطري بدلاً من 500 جنيه، و1500 جنيه (نحو 95 دولاراً) في كليات الطب البشري والصيدلة والهندسة، بالإضافة إلى زيادة رسوم الساعات المعتمدة لتصل من 6000 جنيه (نحو 382 دولاراً) إلى 12000 جنيه (نحو 764 دولاراَ) لكليتي الطب البشري وطب الأسنان، ومن 5000 جنيه (نحو 318 دولاراً) إلى 10000 جنيه (نحو 636 دولاراً) لكليات الهندسة والمعلومات والذكاء الاصطناعي والصيدلة والعلاج الطبيعي، ومن 4000 جنيه (254 دولاراً) إلى 8000 جنيه (نحو 509 دولارات) لكليات الطب البيطري والزراعة والعلوم والتمريض. كذلك، ارتفعت مصاريف كلية العلوم لتصل إلى 1200 جنيه (نحو 76 دولاراً) علماً أنها كانت 400 جنيه (نحو 25 دولاراً).
وزادت رسوم الكليات النظرية في عدد من الجامعات بشكل كبير بحجة الاستغناء عن الكتب ووضع المقررات على أسطوانات مدمجة في ظل أزمة كورونا. وارتفعت رسوم كلية الحقوق إلى 1600 جنيه (نحو 101 دولار) بدلاً من 300 جنيه (نحو 19 دولاراً) العام الماضي، و2000 جنيه (نحو 127 دولاراً) في كلية الآداب في حال الانتظام في الحضور و2500 جنيه (نحو 159 دولاراً) في حال الانتساب، و1800 جنيه (نحو 114 دولاراً) في كلية الآداب في حال الانتظام و2200 جنيه (نحو 140 دولاراً) في حال الانتساب.
ويكشف مسؤول إداري في جامعة "عين شمس" أنّ زيادة الرسوم تعدّ أزمة حقيقية بالنسبة للطلاب، موضحاً أن أساتذة الكليات النظرية لن يلتزموا بتحميل الكتب الخاصة بهم على أسطوانات، بل سيضعونها في المكتبات التي يتعاونون معها كل عام، مضيفاً أن عمداء الكليات غير ملتزمين بقرارات المجلس الأعلى للجامعات، بعدم زيادة الرسوم هذا العام تماشياً مع الظروف الاستثنائية التي فرضتها جائحة كورونا. ويشير إلى أن جامعة عين شمس من الجامعات التي أصرّت على رفع الرسوم، على الرغم من الظروف والأزمات الاقتصادية التي يمر بها الجميع، وقد برّرت الأمر بالانتقال من الورقي إلى الرقمي، موضحاً أن عدداً من رؤساء الجامعات يعتبرون أن الزيادة طبيعية، بل هي بسيطة إذا ما قورنت بالخدمات المقدمة للطلاب. ويتوقع أن تتخذ الجامعات الأخرى خطوات مماثلة في حال سمحت الظروف بذلك.
في المقابل، يرفض الطلاب تلك الزيادات الكبيرة، معتبرين أنها كبيرة وغير مبررة. أيمن السيد، وهو طالب في كلية التجارة، لا يسعه إلا طلب العون من الله لسداد رسوم الكارنيه حتى يتمكن من دخول الجامعة وحضور المحاضرات. أما حمادة نصير، وهو في كلية الحقوق، فيقول: "كان الله في عون الأهل"، واصفاً الجامعات الحكومية بـ "اللصوص، إذ لم تعد تختلف كثيراً عن الجامعات الخاصة".
وتسأل شيماء وحيد، وهي في كليّة الآداب: "كيف لنا تأمين رسوم الكارنيه والكتب وبدل المواصلات؟ حرام اللي بيحصل (ما يحصل). هم عاوزين يبطلوا (يريدون إنهاء) التعليم الحكومي والاكتفاء بالخاص بتاع أصحاب الذوات (الأغنياء)".
كذلك، يقول رمضان محمود، وهو طالب في كلية الصيدلة إن "تلك الزيادات غير مبررة، ونظام التعليم غير واضح المعالم نتيجة لتفشي وباء كورونا. وفي ظل إعلان بعض الجامعات اللجوء إلى التعليم الإلكتروني استجابة لأزمة كورونا التي يبدو أنها لن تنتهي قريباً، كان الأجدر عدم رفع الرسوم هذا العام أو رفعها بنسبة بسيطة جداً". في السياق نفسه، يؤكد حازم محمد، وهو طالب في كلية التربية، أن "آلاف الطلاب يعملون خلال فترة الإجازة لمساعدة عائلاتهم في تأمين مصاريف الدراسة. الكثير من الطلاب يدخرون المال من أجل تأمين الـ 500 جنيه التي ارتفعت إلى أكثر من 2000 جنيه. ما حدث حرام، وهذه قرارات خاطئة تتخذ داخل الغرف المكيفة".