ينخرط ذوو الطلاب الفلسطينيين الذين يدرسون في أوكرانيا، في ما يشبه خلية أزمة لمحاولة الاطمئنان على أبنائهم في شكل دائم، ومتابعة تطورات الحرب الروسية على هذا البلد التي بدأت في 24 فبراير/ شباط الماضي.
يمضي الأهالي ساعات في التحدث مع أبنائهم الذين يدرسون في أوكرانيا ومع بعضهم البعض لتنسيق المواقف الخاصة ببقاء أبنائهم الطلاب في أماكنهم الحالية أو الانتقال إلى أخرى أكثر أمناً. وينقل بعضهم عن أبنائهم عدم حصول أي تواصل مع العاملين في السفارة الفلسطينية بكييف.
في بلدة عتيل بمدينة طولكرم شمال الضفة الغربية المحتلة، يتابع خالد نداف، والد الطالب طارق نداف الذي يدرس الطب في أوكرانيا، الأخبار أولاً بأول عبر محطات الأخبار وشبكات التواصل الاجتماعي. ولا يكاد هاتفه يتوقف عن الرنين لتلقي اتصال من نجله طارق أو لاستقبال رسائل مكتوبة وصوتية تصل إلى جهازه الخليوي عبر تطبيق "واتساب"، علماً أن نجله يعيش في مدينة فينيتسا وسط أوكرانيا التي لا تزال الأوضاع فيها هادئة حتى الآن.
يقول خالد لـ"العربي الجديد": "حتى لو كان ابني يقطن في منطقة لا تشهد حرباً، لكنني خائف عليه. أتواصل دائماً بالصوت والصورة معه لمعرفة وضعه إلى جانب خمسين شاباً فلسطينياً، إذ أحاول الاطمئنان على الجميع، فكلهم أبنائي".
يضيف: "لم أنصح ابني بمغادرة أوكرانيا إلى دولة أخرى لأنني أعتقد بأنّ الأحوال خطرة على الحدود التي تزدحم بعشرات آلاف المغادرين. وقد أبلغتهم إدارة الجامعة التي يدرسون فيها بإمكان تأمين حافلات لنقلهم إلى منطقة حدودية، لكنني قلت له إن بقاءه في مكانه أسلم له ولزملائه، خصوصاً أن بولندا، كما أوردت الأخبار، تسمح فقط بمرور الأوكرانيين ومن يحملون جنسيتها".
ويشير خالد إلى أن الاتصال قد ينقطع بابنه إذا خرج من أوكرانيا ويسأل: "ماذا سيحصل إذا قطع الحدود ولم تنسق السفارة أو أي جهة رسمية فلسطينية استقباله على الطرف الآخر؟".
من جهته، يؤيد محمد محفوظة، والد الطالب عماد، رأي خالد، موضحاً في حديثه لـ"العربي الجديد" أن نجله وخمسين طالباً فلسطينياً يدرسون الطب في جامعة أوديسا ولم يتلقوا أي اتصال من السفارة الفلسطينية. وبدلاً من ذلك نظم الطلاب أنفسهم في شكل ذاتي عبر إنشاء مجموعات على منصات التواصل الاجتماعي لنشر كل ما يتعلق بهم، ومساعدة بعضهم بما يتوفر لديهم. ويقول: "علمت من خلال متابعتي للتطورات أن وزارة الخارجية الفلسطينية نشرت أرقاماً، وطالبت من يود الاستفسار عن شيء الاتصال بها بحجة أنها لا تستطيع أن تتصل بكلّ الطلاب".
وكانت وزارة الخارجية الفلسطينية ردت على الاتهامات التي توجه إليها في شأن ضعف متابعتها أوضاع الطلاب من أبناء الجالية في أوكرانيا والتقصير بتأكيد أنها وضعت خطة للتدخل من أجل إجلاء الطلاب الفلسطينيين من أوكرانيا وتأمين الجالية الفلسطينية هناك، عبر أربع خلايا أساسية للأزمة شكلتها قبل بدء الحرب، وتضم مسؤولين في مقرها برام الله وديبلوماسيين في سفارتها بأوكرانيا إلى جانب رؤساء الجالية والاتحاد العام لطلاب فلسطين، والمخابرات الفلسطينية". وأوضحت أن "الخلية الثالثة تتواصل ميدانياً مع الجالية الفلسطينية في أوكرانيا، أما الخلية الرابعة فتضم سفراء فلسطينيين في دول مجاورة".
ونشرت وزارة الخارجية الفلسطينية على صفحتها على موقع "فيسبوك" صورة لاستقبال مندوب سفارتها في بولندا منذر سليم طلاباً ومواطنين على أحد المعابر الحدودية، وإشرافه على تسجيل عبورهم.
وقال المستشار السياسي لوزير الخارجية أحمد الديك للصحافيين إنّ "اتصال السفارة بالطلاب أمر غير مطلوب بعدما نشرت 25 رقماً هاتفياً للتواصل. وإذا واجه أي طالب مشكلة في الاتصال فهذه ليست مهمة السفير".
وأيد الديك دعوة الطلاب المتواجدين في المناطق المختلفة في أوكرانيا إلى البقاء في أماكنهم وعدم التنقل، والتواصل مع خلية الأزمة هناك إذا احتاجوا إلى مساعدة.
ويقدر عدد الفلسطينيين المقيمين في أوكرانيا بألفي شخص إضافة إلى 600 طالب وطالبة منهم 400 يحملون جوازات سفر فلسطينية، و200 لديهم وثائق سفر من دول عربية.
وكان السفير الفلسطيني لدى المجر فادي الحسيني أعلن أنّ السلطات سمحت بمرور الفلسطينيين المتواجدين في أوكرانيا بطريقة قانونية، تمهيداً للتوجه إلى فلسطين أو أيّ وجهة أخرى.