على الرغم من التزايد الملحوظ في عدد عاملات المنازل في مصر، إلا أنه لا يوجد قانون منظم، ولا لائحة عمل موحدة، كما أنهن لا يخضعن لقانون العمل، كما برزت منذ عام 2006 نداءات حقوقية وشعبية بمنع عاملات المنازل المصريات من العمل في الخارج، وخصوصاً في دول الخليج، بعد حوادث عدة أغضبت الرأي العام.
في ذلك الحين، أدت الضغوط الحقوقية إلى إجبار الحكومة على وقف تصاريح عمل العاملات المنزليات في الخارج بعد الانتهاكات الكثيرة المتداولة لحقوق العاملات من دول آسيا وشمال أفريقيا في دول الخليج، وشمل القرار أيضاً العاملات في عدد من خدمات النظافة العامة والشخصية مثل مصففات الشعر.
كانت الانتقادات حينها تنصب على أصحاب شركات العمالة الذين يسعون إلى التربح على حساب سمعة العمالة المصرية، وظلت النقاشات ممتدة بشأن عاملات المنازل في خارج مصر، دون أي حديث عن العاملات في الداخل.
بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير، تفتحت في 2011 العديد من النقاشات المجتمعية والحقوقية لتشمل حقوق عاملات المنازل، وأهمية إصدار تشريعات تنظم عملهن، وتضمن حقوقهن، ثم أطلقت مجموعة من منظمات حقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدني المحلية مبادرة بعنوان "من أجل بيئة عمل آمنة للنساء"، في أكتوبر/ تشرين الأول 2018.
وشملت المطالبات الضغط على السلطات المصرية للتصديق على الاتفاقية الدولية رقم 189 لعام 2011، والخاصة بالعمال المنزليين، والتي تقدم حماية لجميع العمال والعاملات المنزليين، بمن فيهم الأجانب، وتتضمن المادة 15 من الاتفاقية الشروط التي يجب أن تخضع لها الوكالات التي توظف هؤلاء العمال، وتنص على: "توخياً لضمان حماية فعالة للعمال المنزليين، بمن فيهم العمال المنزليون المهاجرون، المعيّنين أو الموظفين بواسطة وكالات الاستخدام الخاصة، من الممارسات التعسفية".
تجبر الاتفاقية الدول المصدقة عليها أن "تتخذ الإجراءات، وتحدد الشروط التي يخضع لها تشغيل وكالات الاستخدام الخاصة التي تعين أو توظف العمال المنزليين وفقاً للقوانين واللوائح والممارسات الوطنية؛ وتضمن وجود آليات وإجراءات مناسبة للتحقيق في الشكاوى، وفحص ادعاءات الإساءات، والممارسات الاحتيالية المتعلقة بآليات الاستخدام الخاصة فيما يخص العمال المنزليين".
كما تنص الاتفاقية الدولية على أن "تعتمد الدول الأعضاء جميع التدابير الضرورية والمناسبة ضمن ولايتها القضائية، وحيثما يقتضي الحال، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، بهدف توفير الحماية المناسبة للعمال المنزليين المعيّنين أو الموظفين على أراضيها بواسطة وكالات استخدام خاصة، ومنع الإساءة إليهم، وتشمل هذه التدابير قوانين أو لوائح تحدد الالتزامات الواقعة على وكالات الاستخدام الخاصة، والأسرة إزاء العامل المنزلي، وتنص على عقوبات تشمل حظر وكالات الاستخدام الخاصة التي تكون ضالعة في الإساءات والممارسات الاحتيالية".
وفيما يخص العمال المهاجرين، تورد الاتفاقية: "حيثما يكون العمال المنزليون معيّنين في بلد للعمل في بلد آخر، تنظر في إبرام اتفاقات ثنائية أو إقليمية أو متعددة الأطراف لمنع الإساءات والممارسات الاحتيالية في عمليات التعيين والتوظيف والاستخدام؛ وتتخذ تدابير لضمان ألّا تكون الرسوم التي تستوفيها وكالات الاستخدام الخاصة مستقطعة من أجر العمال المنزليين"، ولحماية عمال المنازل تؤكد أنه "عند إنفاذ أي حكم من أحكام هذه المادة، تتشاور الدولة العضو مع أكثر المنظمات تمثيلاً لأصحاب العمل وللعمال، وحيثما وجدت، مع المنظمات الممثلة للعمال المنزليين، والمنظمات الممثلة لأصحاب عمل العمال المنزليين".
وقبل بضعة أشهر، قدّم 60 عضواً في البرلمان المصري مشروع قانون بشأن تنظيم العمالة المنزلية، والذي يعرف محلياً باسم قانون "الخادمات"، إلى لجنتي القوى العاملة والشؤون التشريعية والدستورية، وحسب ما جاء في المذكرة الإيضاحية لمشروع القانون، فإن السبب في إعداده هو عدم إدراج العمالة المنزلية بقانون العمل، ما يجعلهم محرومين من التأمين الصحي، والحصول على معاشات تقاعد.
ويتضمن مشروع القانون 55 مادة موزعة على 6 أبواب، ويشمل شروط منح الترخيص لمكاتب التشغيل، وشروط العقد بين أصحاب العمل والعمالة المنزلية والمكاتب، والأجور، وساعات العمل، والإجازات، وسن التشغيل، والجزاءات، وفض المنازعات، والتفتيش، والعقوبات.
ويحظر مشروع القانون تشغيل العمال المنزليين من الجنسين ممن تقل أعمارهم عن 18 سنة، ويجوز للوزير المختص الاستثناء من شرط السن على ألا تزيد ساعات العمل في هذه الحالة عن 6 ساعات يومياً، وتحدد الأعمال التي يمكن القيام بها دون تعريض العامل للخطر، أو المساس بكرامته الإنسانية، وفي جميع الأحوال ينبغي ألا يقل سن العامل عن 16 سنة.
ويحظر على صاحب العمل معاملة العامل المنزلي معاملة مهينة لآدميته، ويحظر التحرش به لفظياً، أو بدنياً، أو جنسياً، ولا يجوز تشغيل العامل المنزلي في أعمال خطرة أو مضرة صحياً، وفي حالة التعدي على العامل المنزلي أو إهدار حقوقه المنصوص عليها في هذا القانون، يتاح له التقدم بشكوى إلى الجهة الإدارية المختصة خلال 10 أيام من تاريخ وقوع التعدي.
ووفقاً لمشروع القانون، يلتزم العامل المنزلي بأداء العمل المكلف به وفق ما تفرضه نصوص العقد أو الاتفاق المبرم مع صاحب العمل، وعليه الالتزام بالتعليمات وتوجيهات صاحب العمل، والمحافظة على أموال صاحب العمل، وممتلكاته، وعدم إفشاء أسراره.
كما ينص على حق العامل المنزلي في الحصول على إجازة سنوية، وإجازة شهرية، مع إلزام صاحب المنزل بتوفير وجبات، وملابس، وعلاج العامل، مع حقه في الحصول على إجازة مرضية.