معاملة باكستان للاجئين الأفغان حسب المزاج

26 مارس 2023
مليونا لاجئ أفغاني في باكستان نصفهم فقط مسجلون (محمد سميح إيغورلو/الأناضول)
+ الخط -

عاد ملف اللاجئين الأفغان في باكستان إلى الواجهة، بعدما توفي اللاجئ فيض محمد في سجن بمدينة كراتشي (جنوب). 
وتمسكت السلطات الباكستانية برواية أن الرجل توفي في أحد مستشفيات المدينة، وقالت شرطة كراتشي في بيان، إن "الرجل المتوفى دخل باكستان بطريقة غير شرعية، وبلا أوراق، فاعتقل نتيجة ذلك، ثم توفي بعد نقله إلى مستشفى".
 لكن القنصلية الأفغانية كذّبت هذه الرواية، وطالبت بإجراء تحقيقات نزيهة في قضايا اعتقال وموت اللاجئين الأفغان في السجون الباكستانية، وقالت القنصلية في بيان، إن "الرجل توفي بسبب سوء معاملة الشرطة الباكستانية له داخل زنزانة، ثم نقل جثمانه إلى المستشفى. يمضى مئات من اللاجئين الأفغان أياماً مريرة في السجون الباكستانية، تحديداً في كراتشي، من دون أن يرتكبوا إلا ذنب القدوم إلى باكستان لتلقي العلاج أو العمل، علماً أن سلطات الحدود تسمح بدخولهم، ثم تتصدى لهم الشرطة، وتتعمد زجهم في السجون، ومن بينهم عشرات من النساء والأطفال".
وأكدت القنصلية الأفغانية أن ثلاثة لاجئين آخرين توفوا في سجون مدينة كراتشي خلال الأسابيع الماضية، موضحة أن "فيض محمد جاء إلى باكستان في يناير/ كانون الثاني الماضي، حين نقل زوجة أخيه لتلقي العلاج، وقد مرض في السجن، فأخبرنا السلطات الباكستانية بهذا، لكنها لم تحرك ساكناً، علماً أن أسباب وفاة لاجئين أفغان كثيرين في سجون باكستان تظل غير معلومة، كما تعرقل السلطات الباكستانية تسليم جثامين اللاجئين الأفغان إلى ذويهم، أو إلى القنصلية من أجل نقلها إلى أفغانستان، وهذه تصرفات مؤسفة" على حد قول البيان.
وتكشف تقارير توقيف الحكومة الباكستانية 1400 لاجئ أفغاني في مدينة كراتشي وحدها، خلال الأسابيع الأخيرة، بينهم نساء وأطفال، إلى جانب آخرين في مدن مختلفة بينها في الشمال الغربي حيث يعيش معظمهم.
يخبر اللاجئ الأفغاني الذي ينشط من أجل قضايا اللاجئين في كراتشي، محمد قاسم، "العربي الجديد"، أن "ظروف عيش اللاجئين الأفغان، خاصة في كراتشي، صعبة للغاية، والشرطة الباكستانية تبحث عن ذرائع لاعتقالهم، وتأخذ مبالغ مالية منهم، علماً أن السلطات تسمح لهم بالدخول عبر معبر (سبين بولدك) الحدودي في إقليم بلوشستان بعد أخذ رشاوى منهم، ثم يعبرون هذا الإقليم للوصول إلى كراتشي. ومعظمهم ينفذون هذه الرحلة الطويلة لتلقي العلاج، وبعضهم من أجل العمل، وهم يتعرضون لكل أنواع المضايقات داخل باكستان".

يعيش مئات من اللاجئين الأفغان في ظروف صعبة بباكستان (حسين علي/ الأناضول)
يعيش آلاف من اللاجئين الأفغان في ظروف صعبة بباكستان (حسين علي/الأناضول)

وأعلنت حكومة كراتشي المحلية، في 7 يناير/ كانون الثاني الماضي، أنها أفرجت عن 524 لاجئاً أفغانياً كانوا دخلوا إلى باكستان بطريقة غير شرعية، وأوضحت أن عدداً من اللاجئين وُضعوا في السجون، وسيُفرج عنهم لاحقاً. 
ويشير قاسم إلى أن "القضية ليست دخول الأفغان بطريقة غير شرعية، لأن أكثر من مليون أفغاني يعيشون منذ سنوات في باكستان بلا أوراق، فالحقيقة أنه كلما توترت العلاقات بين الحكومتين، تبدأ السلطات في تضييق الخناق على اللاجئين".

ويؤكد ذلك اللاجئ الأفغاني برويز عادل، ويقول لـ"العربي الجديد": "تتعامل الشرطة الباكستانية بشكل جيد مع اللاجئين الأفغان، ثم تتغير فجأة كأنها تتلقى أوامر عليا بفعل ذلك. على سبيل المثال، بعد التوتر الذي شهدته الحدود مع أفغانستان في الأيام الماضية، داهمت الشرطة الباكستانية للمرة الأولى ضواحي في إسلام آباد ومدينة راولبندي المجاورة، ولاحقت لاجئين مقيمين في فنادق، واعتقلت عشرات منهم. الآن تغيّرت نسبياً المعاملة".
وفي نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، قررت الحكومة الباكستانية تسجيل جميع الأفغان الذين يعيشون في باكستان بطريقة غير شرعية، لكن العملية لم تنفذ حتى الآن لأسباب غير معروفة، في حين يتواصل دخول اللاجئين الأفغان غير الشرعيين.

وفي الشهر التالي، أعلنت وزارة الداخلية الباكستانية دخول 250 ألف لاجئ أفغاني إلى البلاد منذ أن سيطرت "طالبان" على كابول في أغسطس/ آب 2021، وبعضهم من دون امتلاك أوراق رسمية وبطريقة غير شرعية. وأكدت أن حوالى مليون لاجئ، مسجلين لدى الحكومة ومفوضية اللاجئين، يعيشون في باكستان، بينما كان يعيش مليون لاجئ آخر بشكل غير شرعي قبل وصول "طالبان" إلى الحكم.
كانت قضية تعامل السلطات الباكستانية مع اللاجئين الأفغان من بين أهم الملفات التي طرحها المسؤولون الأفغان خلال زيارة وزير الدفاع الباكستاني، خواجه آصف، إلى العاصمة كابول في 22 فبراير/ شباط الماضي، وطالب مسؤولو حكومة طالبان الحكومة الباكستانية باعتماد أسلوب معاملة جيد مع جميع اللاجئين.

المساهمون