تزداد معاناة النازحين العراقيين الذين اضطروا إلى مغادرة منازلهم منذ أكثر من خمس سنوات، مع حلول فصل الشتاء، وقلّة مستلزمات الوقاية من الأمطار والبرد في مخيمات النزوح التي أغلقت السلطات العراقية الجزء الأكبر منها، وتتوجّه لإغلاق جزء آخر، على الرغم من وجود تأكيدات لعدم توافر البيئة الملائمة لعودة جميع النازحين إلى مناطقهم.
وانتقد عضو لجنة الهجرة والمهجّرين في البرلمان العراقي السابق، ماجد شنكالي، إغلاق السلطات العراقية مخيّمات النازحين، دون توفير مساكن للذين تضرّرت منازلهم أو إيجاد بدائل لهم.
وأشار، في حديث لـ "العربي الجديد"، اليوم الأربعاء، إلى وجود ضرر كبير لا يزال قائماً في المناطق التي عاد إليها نازحون ولم يجدوا مساكنهم قائمة.
وشدّد على ضرورة عدم إغلاق أيّ مخيم، قبل أن يسبق ذلك توفير البدائل للأسر النازحة. وأضاف أنّ "الواقع يشير إلى عدم وجود هذه البدائل، وعدم المضي بإعمار المساكن المتضرّرة".
ولفت إلى وجود بعض المناطق التي لم يسمح لنازحيها بالعودة إليها حتى اليوم، مثل بلدة جرف الصخر في محافظة بابل. كذلك إنّ ما بين 75 إلى 80% من سكّان مدينة سنجار في محافظة نينوى لم يعودوا إلى مناطقهم أيضاً، بسبب عدم الاستقرار الأمني، وأضاف: "لذلك، إغلاق المخيمات يجب أن يكون مسبوقاً بتوفير بدائل أمنية".
وأشار إلى أنّ عدم توفير الخدمات، وغياب الاستقرار الأمني، وانعدام فرص العمل، أمور دفعت بعض الأسر إلى النزوح مجدداً باتجاه المخيمات التي يجدون فيها الكثير من مستلزمات العيش، بشكل مجاني.
وحذّر عضو التيار المدني العراقي، أحمد حقي، من عمليات إعادة قسرية للنازحين، مؤكداً أنّ قسماً كبيراً منهم أُخرِجوا من المخيمات ومنازلهم مدمّرة، بينما هناك عوائل تمنع مليشيات وجهات مسلحة عودتهم إلى مناطقهم الأصلية، ما جعلهم تائهين.
وأضاف حقي، لـ"العربي الجديد"، أنّ "ما يجري هو عملية خداع للعالم، فالظاهر هو إغلاق مخيمات، لكن الواقع أنّها عملية طرد نازحين من مخيّمات كانت هي آخر مأوى متاح لهم".
وأمس الثلاثاء، حذّرت منظمة "العفو" الدولية، في بيان لها، من ممارسات يتعرّض لها النازحون الذين أُخرِجوا من المخيمات، ولا سيما الذين يوصمون بأنهم من عوائل عناصر تنظيم "داعش".
وقالت لين معلوف، نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة "العفو" الدولية، إنّه "يجب على السلطات العراقية وحكومة إقليم كردستان معالجة مسألة العقاب الجماعي المستمرّ للنازحين، باعتبار ذلك جزءاً لا يتجزأ من أيّ خطة وطنية لإغلاق المخيمات، التي تعتبر حالياً الملاذ الوحيد لآلاف الأشخاص".
#العراق: يجب عدم تجاهل العقبات المفصلة في تقريرنا الجديد التي تحول دون عودة النازحين الآمنة والطوعية والكريمة إلى المناطق التي كانت تحت سيطرة تنظيم "الدولة الإسلامية". يجب على الحكومة العراقية @iraqigovt توفير مستقبل آمن لكل النازحين!
— منظمة العفو الدولية (@AmnestyAR) November 24, 2020
للمزيد https://t.co/l0LQe7uvJU pic.twitter.com/2oGCdPFLeW
وأضافت أنّ "معالجة هذه المظالم هي السبيل الوحيد لضمان عودة النازحين بشكل آمن وكريم، وبخلاف ذلك سيستمر خطر ترسيخ أنماط الأفعال التي تُعد بمثابة بذور لمزيد من حلقات العنف في المستقبل".
وقالت المنظمة إنّ الأشخاص الذين يُشتبه في صلاتهم بـ"داعش"، وكذلك أقاربهم الذين يتعرّضون للوصم والعقاب على حد سواء، "لطالما واجهوا عقبات شتى في استخراج أو تجديد أو استبدال الوثائق المدنية".
وزار مستشار الأمن القومي العراقي، قاسم الأعرجي، أمس الثلاثاء، وزارة الهجرة، والتقى الوزيرة إيفان فائق، وناقش معها موقف المخيمات التي أُغلقت، والمخيمات الباقية.
وبحسب بيان لمكتب الأعرجي، فإنّ توجيهات رئيس الوزراء، مصطفى الكاظمي، بتقديم الجهد الإنساني في عودة النازحين الطوعية، أدت إلى إغلاق 15 مخيماً وعودة 25 ألف نازح إلى مناطقهم.
وأكّد وجود بعض المشاكل العشائرية في عدد من المناطق، مضيفاً: "لكن مستشارية الأمن القومي نسّقت بالتعاون مع جميع الجهات وشيوخ العشائر، للعمل على تذليل العقبات وحلّ المشاكل من خلال الصلح العشائري".
وعلى الرغم من جهود السلطات العراقية لحسم ملف النازحين إلّا أنّ الآلاف منهم ما زالوا ممنوعين من العودة إلى منازلهم في بلدة جرف الصخر، الخاضعة لسيطرة مليشيات مسلحة حوّلت أرجاءً كبيرة منها إلى معسكرات ومعتقلات سرية، بحسب تصريحات سابقة لسياسيين عراقيين.