أقرّت وزارة الداخلية العراقية في العاصمة بغداد، الأربعاء، بتفاقم مشكلة الحوادث المرورية المميتة والتي تسجل شهرياً معدلات قياسية في البلاد، نتيجة جملة من العوامل أبرزها تهالك الطرق وسوء التنظيم، مؤكدة أنّ ضحايا الحوادث المرورية في البلاد، فاق عدد الضحايا الذين يسقطون جراء العمليات الإرهابية.
وتأتي تصريحات الوزارة بعد يوم واحد من سلسلة حوادث مميتة في محافظات عديدة من البلاد، تسببت بمقتل وإصابة 19 عراقياً، أبرزها في ديالى وكركوك وبغداد.
وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الداخلية اللواء خالد المحنا في بيان له، إنه "أصبح محتما إعادة النظام إلى الشوارع بعد تزايد الاستخفاف بالقوانين والأنظمة، الأمر الذي انعكس في كثرة الحوادث المرورية وتزايد أرقام الضحايا بما فاق ضحايا الإرهاب، وأصبح ترتيب العراق في حوادث المرور في مستويات غير مقبولة ".
وأضاف أن "تزايد عدد المركبات وبطء حركة السير مع الازدحامات الخانقة وعجز الطرق عن استيعاب الأعداد الكبيرة من المركبات وانحدار أخلاقية الالتزام بحق المرور للجميع، كل ذلك يستوجب وقفة جادة منا جميعا لاستعادة الصورة التي تليق بكرامة البلاد وصورتها الحضارية بين الأمم". وتابع المتحدث العراقي، بأن "مديرية المرور العامة ستبدأ حملة مكثفة لضبط حركة المرور والوقوف والسرعات والمراقبة الصارمة لمتانة العربات وصلاحيتها للسير على الطرق الداخلية والخارجية، وربط حزام الأمان، وستطبق العقوبات الصارمة بحق المخالفين بلا استثناء "، داعياً المواطنين إلى "إنجاح الحملة الوطنية لسلامة المرور لتتحقق مصلحة المواطنين وسلامتهم ويكون القانون حاكما على الجميع".وفي شهر سبتمبر/أيلول الماضي، ذكرت تقارير محلية عراقية بأن عدد الحوادث المسجلة خلاله بلغت حصيلتها 30 قتيلاً وإصابة 241 آخرين بينهم أجانب، فيما أعلنت وزارة التخطيط العراقية، عن ارتفاع إجمالي عدد حوادث المرور وضحاياها المسجلة لعام 2021، بنسبة تجاوزت 30% عن العام الذي سبقه.
وذكر تقرير للوزارة أن "عدد حوادث المرور المسجلة لعام 2021 بلغ 10659 حادثا منها 2709 حوادث مميتة". وأضاف أن "عدد ضحايا حوادث المرور لسنة 2021 بلغ 2828 قتيلا، من الذكور، و523 من الإناث، مسجلا نسبة ارتفاع مقدارها 31.4% مقارنة بالنسبة الماضية".
ومنذ عام 2003 الذي شهد غزو الولايات المتحدة للعراق، لم تخضع شبكات الطرق لأي عمليات تحديث أو صيانة حقيقة، وهو ما أخرج الكثير منها من اشتراطات السلامة، من أبرزها الحفريات وانعدام العلامات الدالة وفقدان الإضاءة، إلى جانب ضعف التزام بقوانين المرور النافذة بالبلاد.
ويقول الخبير في الشأن العراقي أحمد الشيخلي، إن أكثر من 40 بالمائة من سائقي العراق لا يملكون رخص قيادة سيارة، ولا يلتزم أغلبهم بإرشادات السلامة، كما أن الشوارع التي يعود بعضها إلى أربعينيات القرن الماضي لم تعد صالحة للسير عليها بسرعة عالية".
ويتابع الشيخلي لـ "العربي الجديد" بأن عدد ضحايا حوادث المرور يفوق حوادث الحرائق والإرهاب والجرائم الجنائية أيضا، وبات القاتل الأول في العراق"، على حد تعبيره. معتبرا أن المشكلة تحتاج إلى "انتفاضة واسعة في إجراءات السلامة تبدأ من كاميرات مراقبة وأخرى للسرعة ومحاسبة مشددة، وصولا إلى ترميم الطرق وتوسعتها، وغير ذلك سيتواصل تسجيل الحوادث المميتة".