منذ ثلاثة أشهر لم يستلم المعلّمون وأساتذة المدارس الأفغانية رواتبهم الشهرية، وذلك وسط غلاء وقفزة كبيرة في أسعار الاحتياجات الأولية، بسبب التغيّرات التي شهدتها الساحة السياسية والأمنية في أفغانستان، في الوقت الذي تعد فيه حركة طالبان التي تسيطر على البلاد بدفع الرواتب ولكن بعد ترتيب الأمور وتحديد الإحصائيات والقوائم.
لم تُدفع رواتب المعلمين لمدة شهرين في حكومة الرئيس الأفغاني السابق أشرف غني، وبعد سيطرة طالبان على كابول، منتصف شهر أغسطس/آب الماضي، تعطّلت الدراسة كلياً من دون معرفة متى ستُستأنف من جديد، لتعود الآن جزئياً، ولكن المعلمين ما زالوا لا يعرفون شيئاً عن رواتبهم. ذلك في ظلّ ارتفاع الأسعار بشكل يومي، وبعض الإحصائيات تشير إلى ارتفاع أسعار الاحتياجات الأولية بنسبة 70 في المائة منذ تولي طالبان سدّة الحكم، وكل ذلك وضع المعلمين في حالة معيشية صعبة.
يقول المعلم رحمت الله، وهو يدرّس في المدرسة الحكومية في منطقة وزير بمدينة خوجياني، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الحياة أصبحت صعبة للغاية، ولا يمكننا أن ننتظر أكثر. طالبان تقول إنّ لديها أموالا وهي قادرة على دفع الرواتب، ولكنها لا تتخذ خطوات عملية، في حين أنّ المعلم يعيش في حالة صعبة جدا".
يضيف المعلم أنّ المشكلة الأساسية هي في أنّ "معظم المعلمين ليس لديهم مصدر دخل آخر غير هذه الرواتب البسيطة، وحين تتوقف تلك الرواتب لاشكّ أنّ الأوضاع ستتفاقم، والمعلم سيضرب عن العمل".
هكذا يقول المعلم محمد نويد، الذي يدرّس في مدرسة روشان بمدينة جلال أباد لـ"العربي الجديد" إنّ "مشاكل المعلمين في المدن أكبر من مشاكلهم في الأرياف، حيث إننا في المدينة ندفع إيجار المنازل أيضاً، بينما في الأرياف هم في الغالب يسكنون في منازلهم الشخصية ولا يحتاجون إلى دفع إيجار، علاوة على أنهم يمتلكون أراضي زراعية. بالتالي، على طالبان أن تقسّم المعلمين حسب أوضاعهم المعيشية"، مشيراً إلى أنه "لا شك أنّ شريحة المعلمين ضحية ما جرى في البلاد، كما هو شأن جميع شرائح المجتمع".
ويهدّد المعلم نويد "إذا لم تدفع طالبان رواتب المعلمين، فلن يكون هناك طريق أمامهم سوى الإضراب العام وإيقاف عملية التعليم وهذا يضرّ بالشعب والحكومة أيضاً، لأنّ حكومة طالبان في الوقت الراهن بحاجة ماسة إلى الاستمرار في عملية التعليم من أجل الحصول على رضا المجتمع الدولي".
من جانبه، يتحدث عبد الوارث أفكار، المعلّم في مدرسة حكومية بمديرية سمكني في ولاية بكتيا الجنوبية، عن ظاهرة خطيرة وهي هروب الأساتذة والمعلمين من أفغانستان بسبب الوضع المعيشي المتفاقم والصعب، موضحاً في حديث لـ"العربي الجديد" أنّه "من الصعب جداً أن يتحمل المعلّمون، وهم الشريحة الضعيفة اقتصادياً، هذا الوضع أكثر". مؤكداً أنّ بعض الأساتذة والمعلمين الذي يعرفهم هربوا إلى إيران وباكستان بطرق غير شرعية، من أجل الحصول على عمل وكسب لقمة العيش لأطفالهم.
وأضاف أفكاري أنّ "هذه ظاهرة خطيرة، لأنّ المدارس الأفغانية كانت تواجه أصلاً نقصاً في عدد المعلمين، بالتالي على طالبان أن تتخذ خطوات جادة وعاجلة بهذا الخصوص".
وكان الناطق باسم طالبان وهو وكيل وزارة الخارجية في حكومة تصريف الأعمال، ذبيح الله مجاهد، قد أكّد، في وقت سابق هذا الأسبوع، أنّ لدى طالبان أموالا كافية لدفع رواتب جميع الموظفين، ولكنها تعيد الحسابات وتعدّ قوائم الحاضرين من الموظفين.