معيلات إدلب يبحثن عن مصدر لقوت رمضان
لا يستطيع معظم نازحي مخيمات إدلب تأمين احتياجات في شهر رمضان في ظل عيشهم تحت خط الفقر، ومعظم العائلات في المخيمات تقتات على مساعدات غذائية توزعها عدد من المنظمات.
"تتشابه أيام الصوم والإفطار لدينا، فالجوع والعطش يلازماننا دائماً"، هذا ما تقوله حسنة الأصلان (34 سنة) لـ"العربي الجديد". تضيف: "نزحت من مدينة سراقب في بداية عام 2020، بعد أن قضى زوجي في القتال، وأصبحت أعيل أطفالي الثلاثة، ونعجز عن شراء احتياجاتنا بسبب الفقر وقلة المساعدات الإنسانية، لذا تقتصر مائدة الإفطار في معظم الأيام على ما نجمعه من الخبيزة والدردار والحميضة، ثم نطبخها مع قليل من الزيت والبصل، وأستخدم موقد الطين للطهو، فأسطوانة الغاز يصل سعرها إلى 13.50 دولاراً. نعتمد في معيشتنا على ما يجنيه ابني من عمله كبائع متجول للمناديل الورقية، وفي معظم الأيام لا يكفي الدخل اليومي إلا لتأمين الخبز".
تتشابه ظروف النازحة حسنة مع كثير من المعيلات في إدلب اللواتي يعانين الأمرين لتأمين وجبات الإفطار والسحور في شهر رمضان. تضطر سماح السعود (41 سنة)، النازحة من الريف الشرقي لمدينة معرة النعمان إلى مخيم بلدة كللي شمالي إدلب، إلى العمل لتأمين قوت أطفالها الخمسة، وتقول لـ"العربي الجديد": "أعمل مع اثنين من أولادي في جمع الخردوات من مكبات النفايات لتوفير المال لشراء الطعام".
توضح: "العمل في أثناء الصيام متعب، لكن إذا لم نعمل لن نجد ما يسد الرمق. الوجبات الرئيسية التي نعتمد عليها في رمضان هي العدس والبرغل والأرز، وما تقدمه المنظمات الإغاثية، أما اللحوم فهي مخصصة للأغنياء، والناس الذين يعيشون في الخيام غير قادرين على توفيرها. رمضان في هذه الخيام البائسة لا يشبه ما كان في قريتنا حين كنا نستعد قبل أسابيع، الآن ليس في وسعنا شراء شيء، ونعيش على مردود العمل القليل، والمساعدات الشحيحة المتقطعة، كما أنني فقدت أيضاً لمّة العائلة في رمضان. تشتت عائلات كثيرة في البلاد بعد نزوحها من منازلها وقراها".
تعمل سلمى الجمعة (19 سنة)، النازحة من قرية بسقلا إلى بلدة إسقاط بريف إدلب الشمالي، في ورشة زراعية لتأمين مصروفها ونفقات والدتها المصابة بالضغط والسكري خلال شهر رمضان، وتقول لـ"العربي الجديد": "فقدنا المعيل بعد وفاة والدي، وأصبحت مضطرة إلى العمل لتحصيل لقمة العيش. شقيقي أب لثلاثة أطفال، لكنه عاجز عن العمل بسبب إصابة تعرض لها في ظهره خلال الحرب. العمل يتضمن تعشيب المحاصيل، واقتلاع محصول البطاطا، وأعمال شاقة أخرى، وساعات العمل طويلة، تمتد من الساعة الثامنة صباحاً حتى الرابعة عصراً، ومقابل أجر زهيد لا يتجاوز 35 ليرة تركية (1.81 دولار) يومياً، لكنه يبقى أفضل من العوز أو سؤال الناس".
من جهتها، تقول المرشدة الاجتماعية في مدينة إدلب، سمر العلوان، لـ"العربي الجديد"، عن معاناة النساء المعيلات خلال شهر رمضان: "حلّ الشهر على كثير من النساء النازحات في الخيام المتهالكة التي ينقصها الكثير كي تصبح صالحة للعيش، واستبدت بهن الظروف الإنسانية، فتضاعفت همومهن بين فقدان الديار والأهل، وكيفية تأمين الاحتياجات الضرورية اليومية".
وتضيف العلوان: "النساء المعيلات يضطررن إلى تحمل ظروف العمل السيئة، والاستغلال نتيجة الحاجة المادية، والمطلوب هو التكفل بالأسر التي تعيلها نساء، وتوفير فرص عمل كريمة تضمن حقوقهن، وتحسّن الأوضاع المادية لأسرهن".
وفي بداية إبريل/ نيسان الجاري، أكد فريق "منسقو استجابة سورية" في بيان، تزايد الفقر في مناطق الشمال الغربي إلى مستويات جديدة، وارتفاع نسبة العائلات الواقعة تحت حدّ الفقر إلى 89.24 في المائة، وكذلك تزايد الجوع، لترتفع نسبة العائلات التي بلغت حدّ الجوع إلى 39.64 في المائة.
وأورد البيان أيضاً أن "مؤشرات البطالة ارتفعت بنسبة 2.3 في المائة عن مارس/ آذار الماضي، بعدما فقدت أكثر من 11,372 عائلة مصادر دخلها بسبب الزلزال الأخير الذي ضرب المنطقة في 6 فبراير/ شباط الماضي. ووصلت نسبة البطالة إلى 87.3 في المائة، مع تسجيل عجز واضح في القدرات الشرائية للسكان يبقي الناس في حال فشل وعجز عن مسايرة التغيّرات الدائمة في الأسعار التي تتجاوز قدراتهم على تأمين الاحتياجات اليومية".
وعموماً، يعيش أهالي إدلب ظروفاً معيشية قاسية تلازمهم منذ سنوات، خصوصاً النساء اللواتي فقدن المعيل واللواتي يكافحن وحدهن لتوفير أبسط متطلبات العيش، ويحاولن تحقيق اكتفاء أسرهن رغم الصعوبات الكبيرة.