ناشدت أسرة ومحامو المخرج المسرحي المصري محمد حسين محمود إبراهيم الجنايني، المقبوض عليه منذ عام 2019 من محافظة السويس، إخلاء سبيله بسبب معاناته من اضطرابات نفسية، حيث ظهرت لأسرته آثارها بوضوح في آخر زيارة.
وكان الجنايني حصل على إخلاء سبيل في نوفمبر/تشرين الثاني 2020، ثم تم تدويره من جديد على القضية 1056 لسنة 2020 وما زال محبوساً احتياطياً حتى اليوم.
وقالت أسرة الجنايني، إنها فوجئت أثناء زيارته الأخيرة بمحبسه بأن أسنانه وضروسه كلها سقطت، وأنه يعاني من اضطرابات نفسية شديدة وتجاعيد على الوجه، ولم يستطع الأكل أو المضغ، كما يعاني من أمراض الكبد والكلى، وطالبت أسرته بنقله إلى المستشفى وتلقي العلاج اللازم.
وأكدت أسرته أنه مصاب بأمراض نفسية منذ عشرين عاماً، وقدمت تقارير طبية تثبت ذلك لنيابة أمن الدولة العليا وغرفة المشورة، لإثبات أن السجن يشكل خطراً على حياته.
محمد الجنايني هو مخرج مسرحي حاصل على الميدالية الذهبية عن عرض "أم الدنيا" أثناء تمثيله لمصر في مهرجان بغداد الدولي، وحصل على المركز الأول على مستوى الوطن العربي مرتين متتاليتين، في مهرجان بغداد الدولي ومهرجان كردستان الدولي، وهو مؤسس فرقة السويس لمسرح الشارع وفرقة أحفاد ولاد الأرض التراثية، وأستاذ بجامعة السويس ومخرج منتخب الجامعة، وكان المسؤول عن إخراج الاحتفالات الوطنية الخاصة بنصر أكتوبر وعيد السويس القومي تطوعاً منه كل عام.
نظرياً؛ حدد قانون تنظيم السجون المصري الحالات والقواعد الواجبة للإفراج الصحي عن المسجونين؛ حيث نصت المادة (36) من قانون تنظيم السجون على أنه "لكل محكوم عليه يتبيّن لطبيب السجن أنه مصاب بمرض يهدد حياته بالخطر أو يعجزه عجزاً كلياً يُعرض أمره على مدير إدارة الخدمات الطبية للسجون لفحصه بالاشتراك مع الطبيب الشرعي للنظر في الإفراج عنه. وينفذ قرار الإفراج بعد اعتماده من مساعد الوزير لقطاع مصلحة السجون وموافقة النائب العام، وتخطر بذلك جهة الإدارة والنيابة المختصة".
كما نظم القانون كذلك طريقة تعامل إدارة السجن مع أهل المسجون في حالة مرضه بمرض خطير، فقرر نص المادة (37) إذا "بلغت حالة المسجون المريض درجة الخطورة وجب على إدارة السجن أن تبادر إلى إبلاغ جهة الإدارة التي يقيم في دائرتها أهله لإخطارهم بذلك فوراً، ويؤذن لهم بزيارته".
لكن واقعياً إن السجون ومقار الاحتجاز في مصر لا تعترف بالمرض النفسي، بالإضافة إلى الإهمال الطبي المتعمّد من إدارات السجون تجاه المرضى المعتقلين عموماً، ولا تتوفّر بيانات خاصة بعدد المرضى عموماً والنفسيين خصوصاً في السجون المصرية.
وأظهر بحث لمنظمة العفو الدولية، شمل 16 سجناً، أن عيادات السجون تفتقر إلى الإمكانات اللازمة لتقديم رعاية صحية كافية، ومع ذلك كثيراً ما يرفض مسؤولو السجون نقل المحتجزين في وقت مناسب إلى مستشفيات خارج السجون لديها الإمكانات المتخصصة المطلوبة، ويحتمل أن يكون تقاعس السلطات عن تقديم الرعاية الصحية اللازمة، بما في ذلك حالات الطوارئ، قد أسهم أو تسبب في وقوع وفيات قيد الاحتجاز كان يمكن تجنبها.
وأكدت منظمة العفو الدولية أن أمر تقديم الرعاية الصحية الفورية، بما في ذلك الحالات الطبية الطارئة، يترك إلى تقدير الحراس وغيرهم من مسؤولي السجون، الذين يميلون عادة إلى تجاهل شدة المشاكل الصحية للمحتجزين أو التقليل من شدتها، ويؤخرون في المعتاد نقلهم لتلقي العلاج داخل السجون أو خارجها.
"ولا تقدم في السجون المصرية أي خدمات تقريباً للصحة العقلية، وقال سجناء سابقون إن خدمات الصحة العقلية خارج السجون لم تكن توفر إلا لبعض السجناء الذين حاولوا الانتحار"، حسب منظمة العفو الدولية.
وحول طبيعة الحرمان المتعمد من الرعاية الصحية، أكدت المنظمة تعمد سلطات السجون حرمان المحتجزين من الحصول على الرعاية الصحية - متاحة لسجناء آخرين - عن سجناء بعينهم ذوي حيثية سياسية، مثل المدافعين عن حقوق الإنسان والنشطاء والسياسيين وغيرهم من معارضي الحكومة المفترضين، الذين يحتجزون دونما سبب سوى ممارستهم المشروعة لحقوقهم.