قبل أيام من جلسة الحكم على 10 نوبيين مصريين محتجزين بالسعودية، من المقرر انعقادها في 31 أغسطس/آب الجاري؛ طالبت منظمات حقوقية مصرية، اليوم الخميس، بالإفراج الفوري وغير المشروط عن المصريين النوبيين المحتجزين قبل أكثر من عامين، و"وقف هذه المحاكمة بحقهم والتي لم تراعِ القواعد الدنيا لضمانات المحاكمة العادلة أمام محكمة استثنائية (المحكمة الجزائية المتخصصة في قضايا الإرهاب)، لمجرد ممارستهم حقهم المشروع في الانضمام لجمعيات نوبية مستقلة، وإحياء احتفالية على الطريقة النوبية بذكرى حرب أكتوبر"، وفق ما ورد في بيان لها.
وتعود وقائع القضية إلى 25 أكتوبر/تشرين الأول 2019، حين نظمت مجموعة من الجمعيات النوبية في السعودية احتفالية تخليداً لأبطال النوبة في حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973. وألقت السلطات السعودية القبض على بعض المنظمين واحتجزتهم؛ بينما تم استجواب آخرين دون احتجاز.
خلال الاستجواب تم سؤالهم عن سبب عدم وضع صورة الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي ضمن الصور المرفوعة في الاحتفالية، علماً بأن الرئيس الحالي لم يشارك في الحرب، فكان من البديهي أن تقتصر الصور على أبطال الحرب من قرى النوبة كنوع من الاحتفاء بهم.
وبعد احتجاز شهرين أطلقت السلطات السعودية سراح المقبوض عليهم، ولكن قررت منعهم من السفر. إلا أن السلطات السعودية ألقت القبض عليهم مجدداً في 14 و15 يوليو/تموز 2020، وتم احتجازهم دون تحقيق، في سجن عسير بمدينة أبها، وحرمانهم من التواصل مع ذويهم أو تكليف محام بالدفاع عنهم. ولاحقاً سُمح لهم بمكالمة هاتفية أسبوعية لأسرهم.
اتهمت السلطات السعودية النوبيين العشرة باتهامات تتعلق بالإرهاب، وتنظيم تجمع دون ترخيص. وبعد أكثر من عام على احتجازهم؛ صدر القرار بإحالتهم للمحاكمة أمام المحكمة الجزائية المتخصصة في قضايا الإرهاب؛ وهي بحسب منظمة العفو الدولية محكمة استثنائية معروفة بإصدار أحكام بالغة الجور تصل إلى حد الإعدام وتعتمد غالباً على اعترافات منتزعة تحت التعذيب أو الإكراه.
جدير بالذكر أن المحتجزين هم مواطنون مصريون من مختلف القرى النوبية، بعضهم تجاوز عمره 65 عاماً، ويعاني معظمهم من أمراض مزمنة تستوجب رعاية طبية دورية، وهم جميعاً أعضاء في جمعيات نوبية مستقلة بالسعودية، تأسست منذ سنوات كوسيلة للتواصل والترابط بين أبناء النوبة بالمملكة، ولا تهدف لأي نشاط سياسي أو حزبي.
وجددت المنظمات في بيانها، "استنكارها لموقف القنصلية المصرية في الرياض، والحكومة المصرية وتقاعسهما عن التدخل بشكل مباشر وواضح للإفراج عن المصريين المحتجزين أو حتى تقديم الدعم القانوني لهم".
وكانت المحكمة الجزائية المتخصصة حجزت القضية -التي ترجع لنوفمبر/تشرين الثاني 2021- في جلسة 14 يونيو/حزيران الماضي للنطق بالحكم في 31 أغسطس/آب.
وخلال جلسات المحاكمة تم حرمان المتهمين من الحق في توكيل محام، واكتفت المحكمة بانتداب محام للدفاع عنهم. ورغم أن المحامي المنتدب أقر انتزاع الاعترافات من موكليه بالإكراه؛ تجاهلت المحكمة ذلك، وباشرت نظر القضية.
وخلال عامين من الاحتجاز، تعرض المصريون العشرة المحتجزون "لشتى أنواع سوء المعاملة، وتم حرمانهم من الحق في الزيارات والمراسلات. ولما حاول ذووهم التواصل مع مسؤولين حكوميين مصريين، من بينهم وزيرة الهجرة السابقة ومساعد وزير الخارجية، والمجلس القومي لحقوق الإنسان ومجلس الوزراء؛ أكدوا جميعاً معرفتهم بالأمر ومتابعته، لكن دون تدخل ملموس، بل وإمعاناً في التنكيل تنصلت القنصلية المصرية العامة في الرياض من مسؤوليتها عن المصريين المحتجزين"، بحسب بيان المنظمات.
المنظمات الحقوقية جددت مطلبها للسلطات السعودية بالإفراج الفوري عنهم، وأكدت "استنكارها البالغ لحرمان هؤلاء المواطنين المصريين من حقهم في محاكمة عادلة، ومحاكمتهم أمام محكمة استثنائية لا تراعي الحد الأدنى من ضمانات العدالة".
كما دانت استمرار حبسهم تعسفياً لأكثر من عامين دون تحقيق، وحمّلت السلطات السعودية "المسؤولية الكاملة عن سلامتهم وحياتهم". كما دانت المنظمات "الموقف المتخاذل للسلطات المصرية حيال القضية، والذي يعد امتدادًا للممارسات القمعية بحق الأقليات النوبية في الداخل".
والمنظمات الموقّعة على البيان هي "مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، ومؤسسة حرية الفكر والتعبير، ومركز النديم، والجبهة المصرية لحقوق الإنسان، والمفوضية المصرية للحقوق والحريات، والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، ومبادرة الحرية، وكوميتي فور جستس".