أعربت خمس منظمات حقوقية مصرية، عن رفضها القاطع لاستمرار سياسة الإذلال التي تمارسها السلطات المصرية ضد المحتجزين، خاصة السياسيين في سجونها، والتي لن تؤدي إلا إلى مزيد من النتائج السلبية، وذلك بالتزامن مع بدء المحتجزين في سجن "استقبال طرة" جنوب القاهرة، إضراباً عن الطعام، اعتراضًا على سوء معاملة إدارة السجن لاثنين من زملائهم.
وأكدت المنظمات، في بيان مشترك نقلاً عن مصادر، أنّ المحتجزين بدأوا بالفعل إضرابهم، الأحد الماضي، وامتنعوا عن استلام "التعيين"، وهو الطعام الذي تصرفه إدارة السجن للمحتجزين يوميًا، وذلك رغم اعتمادهم عليه بشكل شبه كلي، بسبب الإجراءات الاحترازية المفروضة على زيارات السجون بسبب وباء "كوفيد- 19"، فضلاً عن أن كميات الطعام المسموح بدخولها أثناء تلك الزيارات قليلة نسبيًا، ما يهدد حياة المحتجزين بسبب نقص الطعام، خصوصًا كبار السن منهم، ومرضى الأمراض المزمنة أو أصحاب الحالات الصحية المتدهورة.
وتشير المصادر إلى أن 75% من زنازين سجن الاستقبال في منطقة سجون طرة، تشارك في الإضراب (عنبر "أ" بالكامل عدا 4 زنازين، 70% من عنبر "ب"، 50% من عنبر "ج"، عنبر "د" بالكامل)، كما أثبت المحتجزون إضرابهم في محضر رسمي، في 11 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري.
كانت إدارة السجن قد اعتدت على محتجزيْن بالصواعق الكهربائية مطلع أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، وقررت نقلهما لزنازين التأديب، بعد تجريدهما من كافة ملابسهما عدا الداخلية منها. كما جردت إدارة السجن كافة زنازين السجن وعنابره وأفرغتها بشكل كامل من كل ما فيها (طعام، مشروبات، مستلزمات أساسية كالفرش، أغطية، جرادل مياه، مراوح، وحتى ملابس المحتجزين) ولم تُبقِ لكل محتجز سوى طقم ملابس واحد. كما منعت إدارة السجن خروج الحالات المرضية للعيادة، وأغلقت ساحات التريض، والمكان المخصص لشراء المأكولات والمشروبات"الكانتين"، ولم تسمح للمحتجزين بالخروج للزيارات العائلية إلا بعد تقييدهم بالقيود الحديدية "الكلابشات".
من جانبهم، تتمحور مطالب المحتجزين، بحسب مصادر من داخل السجن، في حضور النيابة العامة للسجن وإثبات سوء المعاملة بحق المحتجزين، وإثبات واقعة التعدي على زميليهم بالصعق الكهربائي، وإخراجهما من التأديب، وأيضًا السماح بالتريض، والخروج للعيادة عند الحاجة، وفتح الكانتين، وإرجاع المتعلقات الشخصية التي تم الاستيلاء عليها ضمن حملة التجريد، وعدم تقييد المحتجزين أثناء الزيارات.
وفي هذا السياق أكدت المنظمات الموقعة مشروعية هذه المطالب، ورفضت هذه الإجراءات التعسفية من إدارة السجن. واعتبرت المنظمات أن هذه الإجراءات التعسفية تأتي كردة فعل على واقعة عنبر الإعدام بسجن "العقرب"، منذ 3 أسابيع، والتي شهدت مقتل أربعة معتقلين في 23 سبتمبر/ أيلول الماضي، تمت تصفيتهم داخل السجن بعد ادعاء الأمن المصري محاولتهم الهرب، وما نتج عن ذلك من اشتباك عنيف توفي على إثره أربعة من قوات الأمن أيضًا، بينهم ضابط كبير.
وشددت المنظمات على أن مثل هذه الإجراءات التعسفية تنذر بحملة قمع مخيفة منتظرة ضد المحتجزين السياسيين في سجونهم، وسط أنباء فعلية عن بدء حملات تجريد في عدة سجون أخرى، وعليه تدعم المنظمات الموقِّعة أدناه حق المعتقلين في التعبير عن مطالبهم المشروعة بصورة إنسانية، والتعبير عن سوء الأوضاع التي يعانونها داخل السجن، وتطالب المجلس القومي لحقوق الإنسان بالتدخل وتفعيل أدواته في العمل على حماية المعتقلين.
وطالبت المنظمات السلطات المصرية بفتح تحقيق جاد حول هذه الإجراءات التعسفية بحق السجناء في سجن استقبال طرة، للوقوف على الدوافع التي أدت لإضراب المحتجزين فيه، ومحاولة علاجها، وإيجاد وسيلة تواصل جيدة مع أولئك المحتجزين لتلبية مطالبهم المشروعة.
كما دعت السلطات المصرية لاحترام حقوق المحتجزين الأساسية، وتوفير سبل المعيشة الصحية لهم، التي حددتها المواثيق والمعاهدات الدولية التي انضمت لها مصر، ولكنها بقيت حبرا على ورق بسبب غياب الإرادة السياسية لتطبيقها.
والمنظمات الموقعة على البيان هي "مركز النديم ومبادرة الحرية والجبهة المصرية لحقوق الإنسان ومركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان وكوميتي فور جستس".