حذّرت منظمة غير حكومية، اليوم الاثنين، من أن معظم الدول التي التزمت بهدف خفض انبعاثات الكربون إلى الصفر لم تعلن عن أي خطط للتخلص التدريجي من الوقود الأحفوري، وهذا قد يجعل تعهداتها مجرد شعارات. وأصدرت منظمة تتبع الصفر الكربوني Net Zero Tracker تقريراً جديداً في وقت تجري مفاوضات شائكة في المؤتمر الثامن والعشرين للأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة للمناخ (كوب 28) في دبي حول ما إذا كانت الدول ستوافق على "الخفض التدريجي" أو "التخلص التدريجي" من الوقود الأحفوري الذي يتسبب باحترار الأرض.
وجاء في التقرير أن نحو 150 دولة التزمت بهدف خفض الانبعاثات إلى الصفر على نحو ما، وهو ما يغطي 88 في المائة من جميع الغازات الدفيئة الناجمة عن النشاط البشري المنبعثة في جميع أنحاء العالم. ولكن 13 في المائة فقط من تلك الدول قدمت التزاماً واحداً على الأقل بالتخلص التدريجي من استخدام أو إنتاج أو استكشاف الفحم والنفط والغاز، بحسب المنصة التي تديرها عدة مراكز بحثية بما في ذلك جامعة أكسفورد البريطانية.
وقالت المسؤولة في قسم البيانات في المجموعة ناتاشا لوتز، إن التعهدات بالوصول إلى صافي صفر كربون قد لا تعني الكثير إذا لم تقابله خطط للتخلص التدريجي من الوقود الأحفوري. وأوضحت أن "التعهدات التي تعلن في غياب خطط تنفيذية قد تتحول إلى مجرد شعارات لا تؤخذ على محمل الجد".
وصدر التقرير بعد يوم من الكشف عن أن رئيس مؤتمر المناخ ورئيس شركة النفط الوطنية الإماراتية أدنوك سلطان الجابر، قال إنه لا توجد دراسات علمية تبين أن التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري سيحقق الأهداف المناخية، محذراً من أن التخلص من الوقود الأحفوري قد يعيد العالم إلى عصر الكهوف، وفق فيديو نشرته صحيفة "ذا غارديان". وشمل تحليل منظمة Net Zero Tracker أكثر من 1500 دولة ومنطقة ومدينة وشركة كبيرة التزمت بأي نوع من أهداف صافي صفر كربون، وحلل مدى جديتها في تحقيق هذا الهدف. وخلص التحليل إلى أن نحو 95 في المائة من الدول التي تنتج النفط والغاز لم تتعهد بالتخلي تدريجياً عن التنقيب عن النفط. لكن النتيجة كانت أفضل بالنسبة للشركات، وتبين أن 56 في المائة من الشركات العاملة في إنتاج الفحم التزمت جزئياً على الأقل بالتخلص التدريجي من هذا الوقود الشديد التلويث. وكانت الشركات الأفريقية والأوروبية ممثلة بشكل جيد نسبياً في خطط التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري، في حين تخلفت الشركات الأميركية عنها.
كما أشاد التقرير بإسبانيا لإدراجها خطط التخلص التدريجي في التشريعات، والعاصمة السويدية استوكهولم لتبنيها أهداف خفض الانبعاثات، وشركة الطاقة الدنماركية أورستد لسحب استثماراتها من الوقود الأحفوري.
ورداً على منتقديه، أكد الجابر احترامه لتوصيات العلماء بشأن تغير المناخ ودعوته لخفض انبعاثات الغازات الدفيئة بنسبة 43 في المائة بحلول العام 2030. وفي اليوم الخامس للمؤتمر، قال في مؤتمر صحافي دعا إليه جيم سكيا، رئيس الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ: "نحن هنا لأننا نؤمن بالعلم ونحترمه. كل أعمال الرئاسة تتركز وتتمحور على العلم". أضاف: "قلت مراراً وتكراراً إن الحد من الوقود الأحفوري والتخلي عنه أمر لا مفر منه. أستغرب المحاولات المستمرة والمتكررة لتقويض عمل رئاسة كوب 28. هذه هي الرئاسة الأولى لمؤتمر الأطراف التي تدعو الأطراف (دول مؤتمر الأطراف) إلى اقتراح صيغ بشأن جميع أنواع الوقود الأحفوري".
من جهة أخرى، أفادت منظمة "هيومن رايتس ووتش" بأن قطاع الوقود الأحفوري في الإمارات العربية المتحدة يعزز مستويات تلوث الهواء المرتفعة على نحو "مقلق" في ما وصفته بأنه "سر قذر" تحرص السلطات على التكتم عليه.
ونُشر التقرير الذي يحمل عنوان "يمكنك شم النفط في الهواء: الوقود الأحفوري في الإمارات يغذي التلوث السام" في الوقت الذي تستضيف فيه الدولة الخليجية الغنية بالنفط محادثات الأمم المتحدة بشأن المناخ في دبي. وأفاد التقرير المؤلف من 24 صفحة بأن "قطاع الوقود الأحفوري الإماراتي يساهم في التلوث السام للهواء والتأثير المدمر على صحة الإنسان، حتى في الوقت الذي تسعى حكومتها إلى وضع نفسها في موقع الرائد العالمي في قضايا المناخ والصحة" في مؤتمر المناخ كوب 28.
واستناداً إلى مراجعة وتحليل بيانات تلوث الهواء الحكومية وصور الأقمار الاصطناعية من عام 2018 إلى عام 2023، أشار التقرير إلى "ارتفاع كبير" في مستويات تلوث الهواء في الدولة التي يبلغ عدد سكانها حوالي عشرة ملايين نسمة. وعلى الرغم من أن السلطات تفيد بأن تلوث الهواء ناجم بشكل رئيسي عن الغبار الذي تذريه العواصف الرملية، استشهد التقرير بدراسات أكاديمية تشير إلى انبعاثات الوقود الأحفوري كعامل مساهم آخر. وقال إن حرق الوقود الأحفوري لأغراض النقل والتسخين وحرق النفايات وتوليد الكهرباء والأنشطة الصناعية الأخرى من بين المصادر التي تسهم في تدني نوعية الهواء.
وقال مدير قسم البيئة في هيومن رايتس ووتش، ريتشارد بيرسهاوس: "يلوث الوقود الأحفوري الهواء الذي يتنفسه الناس في الإمارات. لكن قضاء الحكومة الإماراتية على المجتمع المدني يعني أنه لا يمكن لأحد أن يعبر علناً عن مخاوفه أو ينتقد تقاعس الحكومة عن منع هذا الضرر"، واصفاً الأمر بأنه "سر قذر". تعد الإمارات من أكبر منتجي النفط في العالم، وتخطط لمواصلة توسيع إنتاج الوقود الأحفوري على الرغم من تقديم نفسها على أنها جهة فاعلة رائدة في مجال المناخ باعتبارها مضيفة مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (كوب 28). ووجد تحليل هيومن رايتس ووتش لمستويات الجزيئات PM2.5 "التي التقطتها 30 محطة رصد أرضية حكومية في سبتمبر/ أيلول 2023، أنها كانت في المتوسط نحو ثلاثة أضعاف المستويات اليومية التي توصي بها المبادئ التوجيهية لمنظمة الصحة العالمية بشأن جودة الهواء". وهذه الجزيئات العالقة "صغيرة جدا ويبلغ حجمها 2.5 ميكرومتر أو أصغر ويمكن أن تخترق عمق الرئتين وتدخل مجرى الدم بسهولة". وقالت هيومن رايتس ووتش إن العمال المهاجرين الذين يشكلون القسم الأكبر من سكان الإمارات هم الأكثر عرضة للخطر.
(فرانس برس)