استمع إلى الملخص
- انتقد أولياء الأمور والنشطاء القرار لعدم معالجة الأسباب الأساسية مثل ضعف أداء المعلمين ونقص الكفاءة، مما يدفع الأسر للجوء إلى الدروس الخصوصية.
- يرى بعض التربويين أن القرار قد يكون صائبًا إذا أدى لتحسين أداء المعلمين، مع ضرورة اتخاذ خطوات إضافية مثل تحسين المناهج وزيادة أجور المعلمين.
قررت وزارة التعليم في حكومة الوحدة الوطنية بطرابلس، في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، منع الدروس الخصوصية خارج أوقات الدوام المدرسي، ما أثار انقساماً بين الترحيب بالقرار وبين انتقاد عدم قدرته على استيعاب مشاكل الطلاب والمدارس والمدرسين.
وأرجعت حكومة طرابلس القرار إلى محاولة تقليل الأعباء المالية على الأسر، وتحقيق العدالة بين الطلاب، وضمان حصولهم على الفرص نفسها، بغض النظر عن الظروف المالية لأسرهم، وأيضاً بتحقيق هدف تنظيم العملية التعليمية لحماية الطلاب من استغلال المعلمين. في حين واجه القرار انتقادات كبيرة من أولياء أمور ونشطاء تحدثوا عن فشل الحكومة في معالجة مشاكل التعليم، ومساهمتها في زيادة الأزمات التي يعاني منها القطاع التعليمي أصلاً.
تقول اوريدة الرعوبي، وهي أم لطالبة في المرحلة الأساسية، لـ"العربي الجديد": "يجب أن تبحث وزارتا التعليم في حكومة الوحدة الوطنية بطرابلس وتلك في بنغازي، في أسباب لجوء أولياء الأمور للمدرسين الخصوصيين قبل منع هذا النوع من التعليم الذي يزيد انهيار العملية التعليمية وتراجعها".
وتابعت: "إذا كانت وزارتا التعليم في الحكومتين تعلمان بسوء أداء معلمي المدارس الذي يجبر أولياء الأمور على تدريس أولادهم لدى معلمين خصوصيين ما يزيد الأعباء المالية والالتزامات عليهم، فالأولى أن تصدر الوزارتان قرارات تهدف إلى رفع كفاءة المعلمين، كي لا نضطر إلى الاستعانة بمدرسين خصوصيين".
وتنتقد الرعوبي السياسات التعليمية للحكومتين، وتعتبر أنها "تعكس القفز على الأزمات، والاكتفاء بمحاولة القول إنهما موجودتان. وربما نسايرهما في شيء واحد هو أن المناهج التعليمية المقررة في المدارس لا تحتاج إلى مدرسين خصوصيين، بسبب تخلفها وتراجعها الشديد، لكن من المؤسف أنه حتى مع تأخر هذه المناهج لا يزال المعلمون غير قادرين على تقديم أداء تدريسي جيد".
أيضاً ينتقد فرحات العسبلي، وهو ولي أمر ولدين في المرحلة الأساسية، قرار وزارة التعليم في حكومة الوحدة الوطنية بطرابلس، ويعتبر في حديثه لـ"العربي الجديد" أنه "يعكس اعتراف الوزارة بوجود أزمة على صعيد عدم قدرة الطلاب وأولياء الأمور على الاعتماد على معلمي المدارس ما يحتم الاستعانة بمدرسين خصوصيين، أو أن المعلمين يعانون من مشكلة ضعف الرواتب التي تفرض تراجع أدائهم التدريسي، لكنهم يملكون فعلياً القدرة على تقديم أداء تدريسي جيد ومقبول بدليل استقبالهم الطلاب خارج ساعات الدوام الدراسي. وهكذا شكل المدرسون الخصوصيون ظاهرة استدعت إصدار قرار وزاري في شأنهم".
ويسأل العسبلي: "ماذا في شأن المدارس الخاصة التي يفترض أن يشملها القرار أيضاً، باعتبارها تؤدي وظيفة تعليمية مقابل أموال، والتي تشبه وظيفة المدرسين الخصوصيين؟ لذا أرى أن القرار مشوّه بدرجة كبيرة، ويضاف إلى العديد من القرارات السيئة السابقة".
ويذكر أنه لا يستعين بمدرسين خصوصيين إلا في الأشهر الأخيرة من نهاية العام الدراسي، حين يكتشف عدم قدرة المدارس على إتمام المقرر، بسبب نقص المعلمين، أو بسبب عدم استيعاب ولديه المقررات الدراسية.
ويعلّم العسبلي ولديه عند مدرسين خصوصيين منذ عامين، "فالطلاب الذين لا يستوعبون الدروس يمكن ردهم إلى المسار الطبيعي، من خلال المعلمين الخصوصيين، وأنا لا أتهم جميع معلمي المدارس بعدم الكفاءة والتقصير لأسباب مختلفة، فبعضهم ذوو كفاءات كبيرة، لكن أكثرهم لا يملكون القدرة على توفير أداء دراسي جيد، أو لا يرغبون في ذلك".
في المقابل يصف خليفة بن ناصر، وهو مفتش تربوي، قرار منع الدروس الخصوصية خارج أوقات الدوام المدرسي بأنه "صائب لأنه يُجبر أولياء الأمور على الوقوف مع السلطات للضغط على المدارس وإداراتها من أجل تأمين أداء أفضل للمعلمين. ويقول لـ"العربي الجديد": "إخضاع المدرسين لتفتيش أثناء الحصص غير مفيد، فالتفتيش لا يزيد عن بضع ساعات خلال ثلاثة أو أربعة أشهر، أما مستوى الطلاب المتدني فيبرره المعلمون بعدم رغبتهم في الدراسة والاستيعاب".
ويُطالب بن ناصر بزيادة القرارات الخاصة بمعالجة أزمة التعليم، ومنها زيادة أجور المعلمين، لمعالجة أوضاعهم الاقتصادية التي تضطرهم إلى اللجوء إلى تدريس الطلاب خارج المدارس. ويقول: "لا بدّ من قرارات تنبع من تفاصيل أزمة التعليم، مثل تحسين المناهج الدراسية، كي تتناسب مع احتياجات الطلاب، وزيادة حجم مشاريع صيانة المدارس، وتزويدها بتجهيزات تعليمية حديثة، وزيادة الرقابة على المدارس الخاصة التي أصبحت تمثل ضرراً كبيراً على التعليم، وإلا سنشاهد المزيد من التدهور في مستوى التعليم في ليبيا".