مهجّرو صيدا... المدارس تفتح أبوابها وسط نقص الخدمات

24 سبتمبر 2024
مهجّرون على طرقات مدينة صيدا (العربي الجديد)
+ الخط -

كانت صيدا محطّة أساسية للمهجّرين من المناطق المستهدفة جراء العدوان الإسرائيلي على جنوب لبنان، إذ لجأ كثيرون إلى مدارس المدينة وسط مساعٍ لتقديم الخدمات.

لليوم الثاني على التوالي، تضيق مدينة صيدا (جنوبي لبنان) وشوارعها بالمهجّرين إليها من بلدات ومناطق جنوبية استهدفها العدوان الإسرائيلي. ولا تزال حركة السير متوقفة بشكل كامل على الطريق من مدينة صيدا وحتى العاصمة بيروت الاتجاهين، وينسحب الأمر على شوارع صيدا الداخلية. ولجأ المهجّرون إلى بلدية صيدا في ساحة النجمة، حيث يقوم عناصرها بإرشادهم وتسجيلهم وإرسالهم إلى المدارس بعدما تقرر فتح عدد منها في المدينة. في البداية، استقبلت أربع مدارس مهجّرين عصر أول من أمس، قبل أن تفتح الأخرى أبوابها أمام المهجّرين. والمدارس الأربع التي فتحت أبوابها بداية هي ثانوية البزري، متوسطة الشهيد معروف سعد، ثانوية ثريا فارس (مرجان)، ومدرسة صيدا اللبنانية الكويتية. كما أنّ عدداً كبيراً من المهجّرين قضوا ليلتهم في العراء عند دوار ساحة شهداء في صيدا.
ويقول مدير الخلية وعضو المجلس البلدي في صيدا مصطفى حجازي: "ارتوت دماء الوطن بدماء الشهداء جراء العدوان الذي يرتكبه العدو الإسرائيلي على الجنوب، وما شهدناه من تدفق للمهجّرين إلى المدينة يشبه إلى حد كبير مجريات عدوان 2006. اليوم، تضم صيدا آلاف المهجّرين، ومنهم من لا يزال عالقاً على الطرقات. استطاعت غرفة العمليات تجهيز 14 مدرسة بمثابة مراكز إيواء، بالتعاون مع المؤسسات الأهلية". يتابع أنّ "هذه المراكز الـ 14 تؤوي 3000 مهجّر، ونعمل على تجهيز مراكز أخرى لاستقبال حوالي 1500 مهجّر".

أما عن الاحتياجات، فيقول: "هناك حاجة للأمور الأساسية، كالفرش، والوسادات، وأدوات النظافة، ونتواصل مع أفراد وجمعيات لتأمين المواد الغذائية". يتابع: "لدينا صعوبات عدة، منها أن هناك خمسة مراكز مراحيضها محطمة وقديمة، وفيها 400 مهجّر. جميع هؤلاء يستخدمون حماماً واحداً. هناك صعوبات عدة لكننا نحرص على عدم التقصير مع أهلنا. نتوجه إلى المنظمات الدولية وفاعلي الخير. نناشد الجميع بتقديم المساعدة لنستطيع تجاوز هذه المحنة".
وفي ما يتعلق بالتواصل مع المهجّرين، يقول: "يصل المهجّرون إلى البلدية حيث يستقبلهم فريق عملنا ويوجههم إلى المدارس بعد تسجيل المعلومات الخاصة بهم. حولنا 150 مهجّراً إلى المدارس بمساعدة متطوعي الصليب الأحمر الذين يعملون معنا في غرفة العمليات ويساعدون في تقديم الخدمات". كما يشير إلى أن بعض الجمعيات والأفراد المتطوعين "يوفرون وجبات غذائية للمراكز".

خارج إحدى المدارس في صيدا (العربي الجديد)
خارج إحدى المدارس في صيدا (العربي الجديد)

وتقول الناشطة ومديرة متوسطة معروف سعد الرسمية، سعدية بسيوني: "فتحنا أربع مدارس يوم أمس في ظل الضغط في أعداد المهجّرين الذين يأتون إلى المدرسة ويحجزون غرفاً لأهلهم الذين يحتاجون ساعات للوصول". وتشير إلى أن تسع مدارس رسمية فتحت أبوابها في المنطقة أمام المهجّرين. وعند الساعة الثانية فجر أول من أمس، اضطررت للاتصال بمديرة مدرسة الإصلاح الثانية التي تتسع لـ 95 شخصاً فقط. فريق العمل الذي كان موجوداً ذهب إلى مدرسة الإصلاح للمساعدة في تقديم الخدمات.
وتوضح أنّ العمل تطلب تنسيقاً واتخاذ خطوات عدة، منها وضع أجهزة الكومبيوتر وملفات الطلاب وكلّ ما يتعلق بالمدرسة في غرفة واحدة. وقدمت إحدى الجمعيات 50 فرشة وأخرى 130، وهو أقل من عدد المهجّرين الذي وصل إلى 430 شخصاً.

واضطر كل شخصين إلى النوم على فرشة، فيما نام البعض على كراتين أو في السيارات. تضيف: "الوضع مأساوي جداً، وجميع المبادرات فردية. ليس هناك جمعيات ونحن بحاجة إلى مواد غذائية، وفرشات، وأدوات تنظيف. نطلب من المعنيين تأمين احتياجات الناس. يكفيهم أنهم تركوا بيوتهم، وليس مقبولاً أن ينام أحد من أهل الجنوب في الشارع أو أن يهانوا".
إلى ذلك، تقول سناء، المهجّرة من بلدة شقرا: "منذ الثامن من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، ونحن في حالة حرب. كانوا يقصفون حول بيتنا، لكن ما حصل يوم أمس فاق الخيال. الصواريخ في كل مكان، وفي المبنى حيث نقطن 20 فرداً. هربنا ووصلنا إلى البلدية هذا الصباح، وأنا في حاجة إلى اسئجار غرفة صغيرة. لا أستطيع التوجه إلى المدرسة لأن شقيقتي، كما أن قريبتي تعاني من مرض السرطان وتحتاج إلى عناية خاصة".

لجأ الكثير من النازحين إلى مدينة صيدا (العربي الجديد)
لجأ الكثير من النازحين إلى مدينة صيدا (العربي الجديد)

من جهته، يقول أبو حسن: "هذا هو تهجيرنا الثاني. فنحن من سكان منطقة بنت جبيل. بعد الثامن من أكتوبر، هجّرنا إلى منطقة الحوش في مدينة صور. واليوم بعد ثمانية أشهر، نزحنا إلى صيدا علماً أن عددنا ثمانية. ليس لدينا أقرباء في صور، لكن الشباب لم يتركوننا. أمنوا لنا كل ما نحتاجه. وأول من أمس، فرض الهجوم العدواني علينا التهجير مرة ثانية، فاضطررنا إلى المبيت في هذه المدرسة ولن نتركها حتى نعود إلى بيوتنا منتصرين. لم أتأكد إذا ما كان بيتنا في القرية قصف أم لا، وعلمنا بسقوط جرحى وشهداء".
وتقول مريم، المهجّرة من منطقة عدلون (جنوب): "استشهد زوجي في بداية الحرب، وعندي ابنة واحدة وتعيش شقيقتي معي. أول من أمس، عندما بدأ القصف بطريقة جنونية، ونزلت صواريخ بالقرب من بيتنا، خفنا وهربنا من البيت. ليس عندنا أحد، ولا نملك سيارة. هُجّرنا مشياً حتى وصلنا إلى الطريق العام، وقابلنا أناس يملكون سيارة. ركبنا معهم ووصلنا ليلاً إلى المدرسة، وحصلنا على غرفة. وأعطونا غرفة علماً أن عددنا حوالي 15 فرداً. نحن بحاجة إلى أدوات نظافة وفرش وحرامات ووسادات".

يواجه النازحون نقصاًً في الخدمات داخل المدارس (العربي الجديد)
يواجه النازحون نقصاًً في الخدمات داخل المدارس (العربي الجديد)
المساهمون