مع بدء حملات الانتخابات المحلية لمجالس البلديات والولايات في الجزائر المقررة في 27 تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري، تنتعش مهن عدة مرتبطة بالحملات تتعلق أهمها بتأجير قاعات ومساحات لتنظيم مؤتمرات حزبية، واستخدام مطابع ومشغلي معدات آلية لتجهيز الملصقات والكتيبات صغيرة الحجم والقمصان والقبعات التي تتضمن شعارات الحملات الانتخابية وبرامجها. كما تشمل المهن توزيع شبان ملصقات وتعليقها وغيرها، وإشراكهم في قيادة سيارات لتنظيم جولات، وتوفير متطلبات أخرى مختلفة للحملة.
وتحتم الحملات الانتخابية زيادة الطلب على محلات الطباعة لتجهيز الملصقات التي توضع في أماكن مخصصة للحملات، وكذلك الأوراق التي توزع على المواطنين في مختلف الأماكن، وتنتعش أعمال التصميم والتسويق وتوزيع المنتجات الانتخابية، ويجرى توظيف شباب للاهتمام بصفحات الحملات الانتخابية على وسائل التواصل. كما تنتشر خدمات أخرى تدر المال على أصحابها، بينها تأجير اللوازم من كراسي وطاولات وتجهيزات الإضاءة والصوت لقاعات الحفلات، التي ظلّت مغلقة أشهراً طويلة بسبب وباء كورونا، ما يعيد الحياة إليها مجدداً ولو لفترة عشرين يوماً.
وللوصول إلى المواطنين بشكل واسع، حصل بعض الصحافيين الشباب وطلاب الإعلام والاتصال على وظائف مؤقتة، بصفة ملحقي اتصالات في حملات بعض الأحزاب. يقول طالب السنة الثانية ماجستير في الاتصال التنظيمي محمد أمين ساعد، لـ"العربي الجديد": "أعمل منذ شهرين على خطة الاتصال الخاصة بحزب سياسي، وأصمم ملصقات وصفحات على مواقع التواصل، بالتعاون مع عدد من الشباب المتخصصين في المجال. وتعتبر هذه الأعمال من أهم حلقات الحملات الانتخابية، لأنها جزء مهم في عملية التسويق السياسي للمرشحين والأحزاب المشاركة، حيث تساهم في تحسين صورتهم وتقديم برامجهم على صعيد تنمية البلديات والاهتمام بالشباب، خصوصاً المتخرجين من الجامعات، ومجالات أخرى يهتم بها المرشحون حالياً".
تأمين حشود
وفي منطقة عين التين بولاية ميلة شرقي الجزائر، يتطلع عشرات من الشباب إلى الانخراط في الحملات الانتخابية لعدد من الأحزاب السياسية، باعتبارها الوسيلة الرئيسة حالياً للعاطلين عن العمل بالدرجة الأولى من أجل الحصول على عائدات مالية. وقد يعملون في حشد التجمّعات للمرشحين، وتأمين الإطلالات الشعبية والجماهيرية لرؤساء الأحزاب.
يقول وليد حميتي (29 عاماً)، الحاصل على شهادة في الهندسة من جامعة قسنطينة (شرق)، لـ"العربي الجديد": "انضممت أخيراً إلى مجموعة مؤلفة من عاطلين عن العمل ضمن فريق يعمل لترويج برنامج انتخابي خاص بحزب سياسي في بلدتي الصغيرة. وباشرت برفقة زملاء لي توزيع كتيبات صغيرة تهدف إلى التعريف بمرشحي مجالس البلديات والولايات وبرامجهم في الأسواق والمحلات والمقاهي والمدارس، وحتى في وسائل النقل. والأجر اليومي المحدد لهذه العملية يتجاوز 10 يوروهات (11.45 دولاراً)، علماً أنني عملت أيضاً في تحضير الخيم الانتخابية لبعض مرشحي الأحزاب وآخرين مستقلين لا يملكون مقار ثابتة للمداومة فيها، ويفدون إلى المنطقة من مختلف الكيانات السياسية الرسمية للتعريف ببرامجهم والتسويق لحملاتهم".
ترويج التعهدات
وتخلق الحملات فرصاً لكثيرين للإفادة من حاجة الأحزاب إلى الدعاية الانتخابية. ففي منطقة درقانة بالضاحية الشرقية للعاصمة الجزائرية، تنشط الأحزاب السياسية عبر حملات انطلقت بتنافس واضح بينها حتمه ضم المنطقة أحياءً كثيرة وسكاناً ذوي مطالب متعددة، أهمها معالجة معضلة السكن التي تشكل ملفاً مشتعلاً بالنسبة إليهم بعدما خيّب المجلس البلدي السابق مساعيهم.
ويدفع ذلك المرشحين لانتخابات المجالس البلدية والولايات إلى اللجوء إلى شبان هذه الأحياء للترويج لبرامجهم وتنظيم عملهم ضمن مجموعات دعائية في مقابل أجر مادي. ويوضح الناشط في الحملة الانتخابية لأحد الأحزاب فيصل زياني، لـ"العربي الجديد"، أن "الاستعانة بالشباب للترويج للمشاريع والتعهدات الخاصة بأبناء المنطقة تهدف إلى إقناع المواطنين بالمشاركة في الانتخابات والتوجه إلى مكاتب الاقتراع، وتشجيعهم على اختيار المرشحين، وأيضاً إلى التعريف بالبرامج الانتخابية التي تركز على تشكيل مجلس بلدي قادر على حل مشاكل المواطنين، وجلب الاستثمارات والمشاريع التنموية للبلدية".
حصص الفرق الفنية
أيضاً، تنال فرق فنية للفولكلور وعروض التهريج وفرق الخيالة حصصاً من الحملات الانتخابية، إذ يطلب مرشحون أن تواكب هذه الفرق التجمعات الشعبية كي تنشطها وتعطيها بعض الصخب المطلوب لها. كما يستعان بهذه الفرق في الاستقبالات الرسمية التي تنظم لقادة الأحزاب السياسية خلال زيارتهم ولايات محددة للمشاركة في تجمعات انتخابية تدعم قوائم المرشحين.
وتعد المقاهي الشعبية من المساحات غير الرسمية التي يستفيد أصحابها من الحملة الانتخابية، حيث يستأجرها مرشحون تابعون لأحزاب أو مستقلون بشكل مؤقت لتنظيم لقاءات حوارية مع المواطنين. وفي منطقة المدية التي تبعد 120 كيلومتراً عن جنوب العاصمة الجزائرية، يحجز بعض المرشحين المقاهي للقاء المواطنين مباشرة، كما توظف الأحزاب عدداً من الشباب لتنظيم تجمعات في المقاهي الأكثر شعبية في هذه المنطقة، وتوزيع منشورات على الزبائن بهدف الاستماع إلى مطالبهم ومشاكلهم. وتعدّ المدية من الأحياء الكبرى التي توسعت مع انتشار الأحياء العشوائية فيها قبل سنوات، ما يصعّب مهمة إقناع المرشحين لمجالس البلديات والولايات سكانها بانتخابهم، ويفرض استقطاب شباب من الحي للمساعدة في الدعاية الانتخابية.