كثرت في الآونة الأخيرة مخاوف اللاجئين السوريين المقيمين في تركيا من عملية ترحيل إلى المناطق الواقعة شمالي سورية، والتي ما زالت تُعَدّ غير آمنة وتشهد عمليات قصف ينفّذها النظام السوري والقوات الروسية و"قوات سورية الديمقراطية" (قسد)، بالإضافة إلى عمليات اقتتال متكررة بين فصائل الجيش الوطني السوري المعارض، وعمليات أمنية مستمرة يسقط فيها قتلى وجرحى من المدنيين.
ويقف أتراك إلى جانب "ضيوفهم السوريين" معترضين على ما يتعرّض له هؤلاء من مضايقات، وآخرها التهديد بالترحيل. وفي بيان أصدره مواطنون أتراك وُقّع باسم "الشعب التركي" وكُتب باللغتَين العربية والتركية ونُشر بكثافة على مواقع التواصل الاجتماعية، توجّه هؤلاء إلى السوريين في تركيا قائلين: "نحن نعلم أنّه لولا هذا النظام (السوري) المجرم الذي قتل شعبه بوحشية، لما هربتم إلى بلدان أخرى، تاركين خلفكم منازلكم وعائلاتكم وأقاربكم وأراضيكم وحدائقكم وذكرياتكم. مع ذلك، يرى بعض السياسيين أنّ وجعكم هذا هو مادة انتخابية، أولئك الذين يبكون على ملايين المدنيين الذين فرّوا من أوكرانيا يزرعون بذور الكراهية تجاهكم".
أضاف المواطنون الأتراك موقّعو البيان: "لا تسمحوا لأحد باستفزازكم وتحلّوا بالصبر، والتزموا بالقوانين التركية. نحن الأتراك نحمي المظلومين وندافع عنهم، تماماً كما فعل أجدادنا، ولن نعيدكم أبداً إلى الظالمين. أولئك الذين يدعونكم للعودة لن يتمكّنوا أبداً من تمثيل هذه الأمّة العزيزة. نقول كأبناء حقيقيين لهذا البلد، إذا لم تجد الأمم المتحدة حلاً عادلاً ودائماً، فلن نترككم أبداً للنظام القاسي، ولن نسمح لأحد بأن يرميكم في آبار الموت. أنتم ضيوفنا الآمنون حتى تعودوا إلى أوطانكم بكرامة".
Bolu Belediye Başkanının merhametsizliğine ve nefret söylemine karşı Türk halkının sesi daha gür çıkmalı.
— mutanoğlu (@metinmutanoglu) May 19, 2022
Şu bilinsin ki;
Bu ülkenin çocukları tıpkı ataları gibi mazlumlara sonuna kadar sahip çıkacaktır. pic.twitter.com/cFYMqTKcZg
وكانت الدعوات إلى الترحيل قد جاءت بالتزامن مع تحضيرات تركيا للانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقرّرة في عام 2023، وهي تُعَدّ حاسمة لأنّها تأتي بعد سنوات طويلة من سيطرة حزب العدالة والتنمية على المشهد السياسي، وسط توقّعات بتراجع عدد ناخبيه وظهور أحزاب سياسية جديدة على الساحة وتصاعد الاستقطاب الداخلي. وقد تحوّل ملف اللاجئين السوريين إلى مادة أساسية في هذا السياق، إذ تضع أحزاب المعارضة إعادة السوريين إلى بلادهم على قائمة برامجها الانتخابية استعداداً للاستحقاق الرئاسي في العام المقبل.
كما تزامنت الدعوات مع حملات التدقيق بالوجود السوري في تركيا، وترحيل السلطات مئات ممّن وصفتهم بـ"مخالفي" قيود التنقّل بين الولايات التركية. وقد غذّت هذه التحركات دعوات من قبل قياديين في أحزاب المعارضة وسياسيين لإعادة السوريين إلى بلادهم، كما أتت متزامنة مع حديث الرئيس التركي رجب طيب أردوغان حول تحضير أنقرة مشروعاً يتيح العودة الطوعية لمليون سوري إلى وطنهم.
وقبل أيام، رُفعت في ولاية بولو لافتة موقّعة باسم رئيس البلدية تانجو أوزجان، الذي ينتمي إلى حزب المعارضة الرئيسي في البلاد وهو "الشعب الجمهوري"، كتب فيها "أنادي اللاجئين، قلتم قبل 11 عاماً إنّكم أتيتم إلى بلدنا ضيوفاً، والشعب التركي يحاميكم بضيق استطاعته منذ سنوات. والآن طالت هذه الضيافة جداً، وتشاهدون الأزمة الاقتصادية في بلدنا، شبابنا بلا عمل، وتعيش العائلات تحت حدّ الجوع. بهذه الشروط لم يبقَ لدينا خبز ولا ماء نتشارك فيهما معكم. حان وقت سفركم إلى بلدكم كما أتيتم إلى تركيا. أنتم غير مرغوبٍ بكم، فارجعوا إلى بلدكم".
وكان مدير الاندماج والتواصل في رئاسة إدارة الهجرة التركية غوكتشي أوك قد صرّح في لقاء على قناة "100 تي في"، الأحد الماضي، بأنّ القانون الدولي يرفض ترحيل طالبي اللجوء أو منعهم من المجيء إلى الدولة التي يقصدونها بهدف الحماية، كما يمكن للمهاجرين استخدام حقّهم في المطالبة باللجوء، أضاف أنّه لا يمكن القول لأيّ شخص "لن تأتي أو لن تحتمي"، كما لا يمكن ترحيل طالبي اللجوء أو إعادة توطينهم في بلد ثالث.
ويوم الثلاثاء الماضي، أعلنت قوات الأمن التركية أنّها أوقفت 17 ألفاً و116 "مهاجراً غير نظامي"، الأسبوع الماضي، في إطار "مكافحة الهجرة غير النظامية"، بحسب ما جاء في بيان لولاية إسطنبول، وقد سُلّموا إلى دائرة الهجرة تمهيداً لترحيلهم.
وبحسب إدارة الهجرة التركية، فإنّ عدد السوريين المقيمين بموجب إقامة عمل أو سياحة يبلغ مليوناً و414 ألفاً و776 شخصاً، أمّا السوريون الخاضعون للحماية المؤقّتة ويحملون بطاقة "كملك" فيبلغ عددهم ثلاثة ملايين و762 ألفاً و899 شخصاً، فيما يصل عدد الخاضعين للحماية الدولية إلى 320 ألفاً و68 شخصاً.