نازحة فلسطينية تعيل أسرتها ببيع الملابس من خيمة بخانيونس

11 يونيو 2024
نازحة فلسطينية في المنطقة الواقعة بين دير البلح وخانيونس، في 21 مايو 2024 (الأناضول)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- في خانيونس بغزة، افتتحت منار نصار مشروعاً لبيع الملابس لإعالة أسرتها بعد فقدان زوجها لعمله بسبب الحرب، ممثلاً محاولة للتغلب على الظروف القاسية والنزوح.
- الحصار المفروض على غزة لـ17 عاماً والحرب الإسرائيلية أثرا على الاقتصاد وفرضا أعباء جديدة على النساء، مما دفعهن للبحث عن سبل للعيش رغم ندرة الموارد.
- منار تواجه تحديات في توفير الملابس لمشروعها بسبب الحصار، لكنها تؤكد على أهمية العمل والأمل في تحدي الظروف الصعبة وتوفير الاحتياجات الأساسية.

تعرض نازحة فلسطينية ملابس نسائية وأخرى مخصصة للأطفال، داخل خيمة صغيرة بمدينة خانيونس جنوبي قطاع غزة، للبيع في مشروع صغير افتتحته أخيرا لإعالة أسرتها.

تحاول النازحة منار نصار من شمالي القطاع إلى المناطق الجنوبية أن تعيل أسرتها بعدما فقد زوجها عمله بسبب الحرب الإسرائيلية المدمرة على غزة، كمئات آلاف الفلسطينيين ممن كانوا يعملون في القطاع الخاص أو الحكومي.

والخميس، قال المدير العام لمنظمة العمل الدولية غيلبرت هونغبو، في تصريحات خلال جلسة ضمن أعمال الدورة 112 لمؤتمر العمل الدولي: إنّ نحو 200 ألف وظيفة فقدت في غزة منذ أكتوبر/ تشرين الأول 2023 إثر الحرب الإسرائيلية على القطاع.

كما فرض النزوح القسري المتكرر بفعل الحرب المستمرة على قطاع غزة للشهر التاسع على التوالي، ظروفا معيشية قاسية على العائلات الفلسطينية التي وجد أفرادها أنفسهم مجبرين على القيام بمهام عديدة لتأمين قوت يومهم وتدبير شؤونهم اليومية.

يأتي ذلك في ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية نتيجة تشديد الحصار المفروض على القطاع منذ 17 عاما ومنع حركة دخول البضائع؛ الأمر الذي تسبب في ارتفاع أسعار السلع الموجودة بالقطاع، من جراء ندرة توفرها كما قال التجار في مقابلات سابقة لـ"الأناضول".

أعباء ومسؤوليات جديدة

ألقت الحرب الإسرائيلية أعباء ومسؤوليات جديدة على النساء في قطاع غزة، كان من بينها السعي لتوفير لقمة العيش، وفق منار نصار.

تضاف إلى ذلك مسؤولياتهن المعتادة في المنزل لمن بقيت منهن في منزلها أو داخل خيام النزوح، وما في ذلك من تربية الأطفال وإعداد الطعام وغسل الملابس والأواني، والذي بات تنفيذها أكثر صعوبة بسبب ندرة المياه وانقطاع الكهرباء.

من جهتها، كانت هيئة الأمم المتحدة للمرأة قد أفادت في تقرير أصدرته في إبريل/ نيسان المنصرم، بأنّ نساء غزة الناجيات من القصف والعمليات البرية الإسرائيلية تشرّدنَ وصرنَ أرامل ويواجهنَ الجوع، مشدّدةً على أنّ هذا يجعل الحرب القائمة على قطاع غزة "حرباً على النساء". واستناداً إلى سلسلة إنذارات حول قضايا النوع الاجتماعي في قطاع غزة، قدّرت هيئة الأمم المتحدة للمرأة أنّ ستّة آلاف من الأمهات الفلسطينيات قُتلنَ خلال هذه الحرب، الأمر الذي ترك 19 ألف طفل يتامى. كذلك لا تستطيع أكثر من مليون امرأة وفتاة ونازحة فلسطينية في قطاع غزة الحصول على الغذاء ولا المياه الصالحة للشرب، مع تزايد الأمراض وسط ظروف معيشية غير إنسانية.

نازحة فلسطينية: الحرب أنهكتنا وغيّرت حياتنا

وفي ليلة وضحاها، وجدت النازحة منار نصار نفسها مسؤولة عن توفير احتياجات أسرتها المكونة من خمسة أفراد، قائلة لـ"الأناضول": "الحرب أنهكتنا وغيرت حياتنا وألقت علينا أعباء ومسؤوليات جديدة". وأضافت: "خلال الأشهر الثمانية الماضية، مررنا بظروف مادية ومعنوية ونفسية صعبة للغاية، كبارا وصغارا، حيث أثر فقدان العمل على مناحي الحياة كافة".

وأوضحت أنها توجهت للعمل بائعة في ظل "عدم توفر احتياجاتنا الأساسية وبفعل ارتفاع أسعار البضائع ومستلزمات الحياة". وأشارت إلى أنها نصبت خيمة بيع الملابس بجانب الخيمة التي تقطن فيها، وذلك من أجل التوفيق بين مسؤولياتها بوصفها أمًّا، ومهام عملها الجديد. واستكملت: "زوجي يساعدني في الكثير من الأعمال داخل الخيمة، كي أتمكن من مواصل العمل في مشروع بيع الملابس والذي يوفر لنا قوت يومنا في هذه الظروف الصعبة".

صعوبة في توفير الملابس

تواجه نصار صعوبة في إيجاد الملابس التي تعرضها للبيع داخل خيمتها في ظل شح توفرها لدى التجار، من جراء تشديد الحصار على القطاع منذ 7 أكتوبر الماضي. وبينما كانت منار نصار تقنع إحدى النازحات بشراء قطعة ملابس مستوردة، قالت: "أبحث عن الملابس في مختلف محافظات وسط وجنوب القطاع وخاصة ملابس الأطفال المواليد".

وأضافت: "كما أواجه صعوبة في نقل الملابس إلى الخيمة بفعل ارتفاع تكاليف النقل والمواصلات، الأمر الذي بدوره ينعكس على أسعار هذه البضائع". وبيّنت أن الملابس التي تعرضها للبيع "شعبية محلية الصنع بحيث يقل سعرها مقارنة بتلك المستوردة من الخارج والتي كانت مخزنة لدى المواطنين أو التي حصلوا عليها من خلال أقاربهم المغتربين الذين زاروا غزة في الصيف الماضي".

وأردفت: "إقبال المواطنين جيد على شراء الملابس من الخيمة، والنساء يشعرن براحة كبيرة عندما يشاهدن سيدة تقف في المشروع، ويتشجعن للشراء واختيار الملابس لهن ولأبنائهن".

وعن ملابس الأطفال (المواليد)، قالت نصار إنّ "أسعارها مرتفعة بعض الشيء بسبب عدم توفرها لدى التجار". وختمت بالقول: "رسالتي للجميع أن علينا تحدي الصعاب وألا نقف مكتوفي الأيدي ونشتكي الظروف الصعبة وعدم توفر الأموال اللازمة لتلبية احتياجات العائلة، لذلك علينا جميعاً العمل والسعي بقدر استطاعتنا لتوفير أبسط المقومات الأساسية، وألا ننتظر شيئًا من أحد".

ومنذ 7 أكتوبر 2023، تشن إسرائيل حربا على غزة خلفت قرابة 122 ألف فلسطيني بين قتيل وجريح، معظمهم أطفال ونساء، ونحو 10 آلاف مفقود وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة أطفال ومسنين. وتواصل قوات الاحتلال حربها رغم قرار مجلس الأمن الدولي بوقفها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية بإنهاء اجتياح مدينة رفح جنوب القطاع، واتخاذ تدابير لمنع وقوع أعمال "إبادة جماعية"، وتحسين الوضع الإنساني المزري في غزة.

(الأناضول، العربي الجديد)

المساهمون