من أحد المخيّمات العشوائية، التي نُصبت في رفح الواقعة في أقصى جنوب قطاع غزة، تصدح ضحكات النازحين الذين هجّرهم الاحتلال من الشمال. ويحاول هؤلاء إيجاد هامش لهو لهم، بمختلف أعمارهم، في ظلّ المأساة التي يعيشونها، فيتقاذفون الكرة وسط هتافات تجشيع أفراد عائلاتهم التي تُطلَق من هنا وهناك.
وبينما يمضي الاحتلال الإسرائيلي بالحرب التي شنّها على قطاع غزة في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، وبينما تتواصل المجازر والتهجير والخسائر الكبرى، سواءً أكانت مادية أو في الأرواح، فإنّ هؤلاء الفلسطينيين ما زالوا يتمسّكون بالأمل وبالحياة، ولو أتى ذلك من خلال جولات لعب كرة الطائرة.
وفي خلال استراحة تتخلّل واحدة من جولات اللعب تلك، يشير هؤلاء لـ"العربي الجديد" إلى أنّهم يعمدون إلى تعبئة أوقات فراغهم، من خلال كرة الطائرة، خصوصاً مع عدم توفّر إمكانية للاتصال بشبكة الإنترنت ومع غياب أيّ وسيلة ترفيه أخرى.
وإذ يقول هؤلاء إنّ الشعب الفلسطيني يعلم جيداً كيف يعيش حياته حيثما وُجد، يؤكدون أنّ "الأمل هو رفيق الفلسطيني دائماً". وحتى في أحلك الظروف، لديهم أمل.
النازح الشاب محمد سليم رمضان واحد من هؤلاء النازحين الذين وصلوا إلى هذه البقعة الواقعة في أقصى جنوب قطاع غزة عند الحدود مع مصر، بعدما هُجّروا من الشمال. ويفيد الشاب "العربي الجديد" بأنّهم، بمختلف فئاتهم العمرية، في حاجة إلى ترفيه. ويحكي عن ملل أُصيبوا به وعن حالات نفسية سيّئة، من جرّاء الحرب الإسرائيلية المتواصلة على الفلسطينيين في القطاع.
ويلفت رمضان إلى أنّهم يحاولون تسلية أنفسهم بأنفسهم، بدلاً من البقاء من دون حركة. وهكذا يأتي لعب كرة الطائرة طريقة للترفيه عن النفس، وسط الحرب التي طال أمدها.
وفي ما يشبه الإعلان، يقول رمضان بفخر: "نحن شعب يحبّ الحياة". ويؤكد الشاب الفلسطيني: "نريد أن نعيش على الرغم من أقسى الظروف التي يفرضها الاحتلال علينا"، قبل أن يتابع "نحن هنا، متمسّكون بالأرض ونرفّه عن أنفسنا".
يُذكر أنّ رفح مهدّدة باجتياح إسرائيلي، وسط تحذيرات تطلقها جهات مختلفة، سياسية وأخرى تابعة للأمم المتحدة إلى جانب منظمات إنسانية وحقوقية، من تداعيات كارثية لخطوة الاحتلال تلك. فالنازحون الفلسطينيون حُشروا في مدينة رفح التي تحوّلت إلى أكثر مناطق العالم اكتظاظاً، ولا سيّما أنّها تستقبل أكثر من نصف سكان قطاع غزة، وتحديداً نحو 1.5 مليون فلسطيني من أصل نحو 2.3 مليون.