تشهد باكستان ارتفاعاً في نسبة جرائم التحرش الجنسي على الرغم من ادعاء الحكومات المتعاقبة بالعمل على التصدي لهذه الظاهرة. وتفيد إحصائيات غير حكومية بأنه منذ عام 2020 وحتى عام 2022، هناك ارتفاع بنسبة 200 في المائة في نسب التحرش، وخصوصاً في أماكن العمل والأماكن العامة.
تقول عظمى بخاري، التي تعرضت للتحرش أكثر من مرة في مكان العمل، لـ"العربي الجديد": "كثيراً ما تتعرض النساء للتحرش، وخصوصاً إذا كان لباسهن غير تقليدي. وقد يحدث التحرش على الطرقات أو في أماكن العمل"، وتشير إلى أن نسبة كبيرة من النساء يتعرضن للتحرش في أماكن العمل، وترى أن صمت المرأة هو أحد أسباب تفشي الظاهرة.
وتشير إلى أنها تعرّضت للتحرش مراراً في مكان عملها في إحدى الإدارات التعليمية في إسلام أباد، لافتة إلى أنها بحاجة إلى العمل بسبب الوضع المعيشي الصعب لأسرتها، وتقول إن القوانين الباكستانية وإدعاءات الحكومة لا جدوى منها. من هنا، يجب على المرأة أن تحافظ على نفسها وتتخذ الخطوات اللازمة لذلك، وترفع صوتها لمواجهة التحرش.
من جهتها، تقول الناشطة الاجتماعية المتابعة لقضايا النساء في باكستان سعديه رفيع، لـ"العربي الجديد"، إن "التحرش عقبة كبيرة في وجه النساء ليس فقط في أماكن العمل، بل أيضاً في المدارس والجامعات وعلى الطرقات"، وترى أن "الحكومة فشلت في التصدي للتحرش، علماَ أن نسبتها ترتفع بشكل كبير. والمشكلة أن الرجال، وخصوصاً من أصحاب المناصب، يتحكمون بالنساء في العمل أحياناً، وتضطر المرأة إلى الصمت حتى لا تخسر عملها".
وتطالب الحكومة باتخاذ تدابير لازمة وصارمة من أجل الحفاظ على كرامة النساء والتصدي لظاهرة التحرش، ولا سيما أنها عقبة كبيرة في وجه تقدم المرأة في العمل في مختلف القطاعات والدراسة. من هنا، يجب على الحكومة أن تهتم بالقضية أكثر فأكثر وتطبق القوانين بكل صرامة وتعمل على التصدي للظاهرة واستئصالها من جذورها.
بدورها، تقول مهوش ناز لـ"العربي الجديد"، إنها تعرضت للتحرش مرات عدة من قبل زملائها في العمل، وتشير إلى أن أحد الأسباب هو جودة عملها وشعورهم بأنها منافسة حقيقية، الأمر الذي يدفعهم إلى السعي لمضايقتها والتأثير على معنوياتها وعزيمتها في العمل من خلال التحرش، تتابع: "يؤثر الأمر على إرادتي وعزيمتي في العمل حتى أنني لا أحب الذهاب إلى مكان العمل لكن لا مفر من ذلك بسبب وضعي المعيشي".
وتؤكد أن التحرش ليس سمة جميع الرجال الباكستانيين، إذ إن كثيرين يحترمون المرأة أينما كانت سواء في السوق أو الطريق أو أماكن العمل، بل يتقبلون تقدم المرأة. في المقابل، تستغل شريحة أخرى أوضاع المرأة العاملة على وجه خاص، لإدراكها أن معظم النساء يخرجن للعمل بسبب الحاجة الملحة. بالتالي، يعرفون أن المرأة لا تستطيع أن تترك العمل أو ترفع صوتها، فيستغلون الوضع ويقدمون على التحرش بالنساء.
وفي ما يتعلق بالقوانين الباكستانية، يقول الإعلامي عبد الله مهمند لـ"العربي الجديد": "ينص القانون على تشكيل لجنة من كبار المسؤولين في كل الإدارات في أماكن العمل تضم امرأة لتستقبل شكاوى النساء حول التحرش. أما في الأماكن العامة، فترفع القضايا إلى المحاكم"، ويشير إلى أن القوانين تساهم في الحد من التحرش الجنسي إلى حد كبير.
ويرى مهمند أن المشكلة تكمن في انعدام تطبيق القوانين، ويقول إن توعية النساء تساهم في التصدي لهذه الظاهرة المتفشية والتي تؤثر على الصحة النفسية لبعضهن، وخصوصاً العاملات منهن، كونهن أكثر عرضة للتحرش.
إلى ذلك، يقول عامل النظافة في أحد المكاتب الحكومية في العاصمة إسلام أباد، شكيل أفريدي، لـ"العربي الجديد": "ظاهرة التحرش أصبحت جزءاً من حياة النساء في باكستان، وبات يتكرر الأمر في كل مكان وخصوصاً في المكاتب الحكومية. وهنا، يستغل الرجال حاجة النساء إلى العمل لمضايقتهن في أماكن العمل"، ويرى أن الضغوط والاضطرابات النفسية تزيدان من إقدام الرجال على التحرش.
وفي إبريل/ نيسان 2021، أعلن رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان أن اللوم في ارتفاع معدل هذا النوع من الجرائم يقع على ملابس النساء، واعتبر ما قال إنه "ابتذال في اللباس" هو وراء العنف الجنسي. وتفيد إحصائيات رسمية بأن هناك ما لا يقل عن 11 حالة اغتصاب يتم الإبلاغ عنها في باكستان يومياً مع أكثر من 22000 حالة اغتصاب تم إبلاغ الشرطة بها في جميع أنحاء البلاد في السنوات الماضية. مع ذلك، تمت إدانة 77 متهماً فقط، ما يمثل 0.3 في المائة من العدد الإجمالي.